بشكل متصاعد وعلي نطاق واسع، ثارت موجة غضب عارمة في أوساط الشعوب الإسلامية، اعتراضاً على تطاول رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون على مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعهده بالاستمرار في نشر الرسوم المسيئة لذاته الشريفة، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات الداعية لمقاطعة المنتجات الفرنسية، تلك الدعوات التي لاقت صديً واسعاً في العديد من البلدان العربية والإسلامية والتي قررت رفع المنتجات الفرنسية من أسواقها اعتراضاً على إساءات ماكرون.

مقاطعة المنتجات

ولاقت دعوات المقاطعة قبولاً واسعاَ في العديد من البلدان الإسلامية، حيث أرسل رئيس مجلس إدارة اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في الكويت كتاباً إلى مجالس إدارات الجمعيات التعاونية، طالب فيه بمقاطعة جميع السلع والمنتجات الفرنسية، ورفعها من كل الأسواق المركزية والفروع.

وفي ذات السياق، قرر رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية “النعيم التعاونية” مقاطعة كافة المنتجات الفرنسية “مع عدم عرضها أو بيعها، ورفعها تماما من كافة مواقع الجمعية، رافضين تماما كل ما يمس دين الإسلام ورسول الله”.

واتخذت جمعية “ضاحية الظهر” نفس الخطوة، إذ قالت “بناء على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعمه للرسومات المسيئة لنبينا الحبيب، قررنا رفع جميع المنتجات الفرنسية من السوق والأفرع حتى إشعار آخر”.

وانضم للحملة أيضا جمعيات “العقيلة” و”مدينة سعد العبد الله”، ونشرت عبر منصاتها الإلكترونية صورا تظهر إزالة المنتجات من معارضها.

وخلال الساعات الماضية، قاطعت أكثر من 54 جمعية المنتجات الفرنسية، بحسب ما أكدت حسابات كويتية.

وفي قطر، قررت إدارة تطبيق “كيو تموين” المختص بالشراء الإلكتروني، عبر حسابه، وقف بيع المنتجات الفرنسية وتوفير منتجات مماثلة من دول أخري.

وأعلنت شركة “ألبان الوجبة” مقاطعة المنتجات الفرنسية، وتعهدت بتوفير أخرى مماثلة وبديلة، وفق ما ذكرت في تغريدة عبر حسابها في “تويتر”، وقالت: “من مبدأ الرفض والاستنكار لما يُنشر من إساءة لنبينا الكريم ودفاعًا عنه؛ فإننا نعلن انضمامنا لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية”.

كما أعلنت شركة “الميرة للمواد الإستهلاكية” (شركة مساهمة قطرية) سحب جميع المنتجات من جميع فروعها حتى إشعار آخر، استجابة لرغبة العملاء.

وقالت الشركة في بيان نشرته على موقعها الرسمي: “العملاء الكرام، نشكر لكم غيرتكم الحميدة وتعليقاتكم (..). بدأنا على الفور بسحب المنتجات الفرنسية من جميع فروعنا وحتى إشعار آخر”.

وفي سياق متصل، قررت جامعة قطر، الجمعة، تأجيل فعالية الأسبوع الفرنسي الثقافي “إلى أجل غير مسمى”، ردا على “الإساءة المتعمدة للإسلام ورموزه”، وتصريحات ماكرون.

وقالت الجامعة عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “عطفا على مستجدات الأحداث الأخيرة والمتعلقة بالإساءة المتعمدة للإسلام ورموزه، فقد قررت إدارة جامعة قطر تأجيل فعالية الأسبوع الفرنسي الثقافي إلى أجل غير مسمى”.

وأضافت: “أي مساس بالعقيدة والمقدسات والرموز الإسلامية هو أمر غير مقبول نهائيا، فهذه الإساءات تضر القيم الإنسانية الجامعة والمبادئ الأخلاقية العليا التي تؤكدها المجتمعات المعاصرة كافة”.

إدانات واسعة

وتوالت البيانات والتصريحات المنددة بتصريحات ماكرون وإساءته المتعمدة للإسلام، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحاجة لاختبار قدراته العقلية، عقب تصريحاته العنصرية الأخيرة حول الإسلام.

وأضاف الرئيس التركي: “ماكرون بحاجة لاختبار عقلي، فكيف لرئيس دولة أن يعامل الملايين من أتباع ديانة مختلفة (المسلمين) في بلاده بهذه الطريقة؟”.

من جانبها، دانت منظمة التعاون الإسلامي ربط المسلمين بالإرهاب، ونشر رسوم مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم على واجهات بعض المباني بفرنسا.

وقالت المنظمة في بيان: “ندين استمرار الهجوم المنظم على مشاعر المسلمين بالإساءة إلى رموزهم الدينية المتمثلة في شخص الرسول محمد”.

وأعربت المنظمة عن استغرابها من “الخطاب السياسي الرسمي الصادر عن بعض المسؤولين الفرنسيين، الذي يسيء للعلاقات الفرنسية الإسلامية، ويغذي مشاعر الكراهية من أجل مكاسب سياسية حزبية”.

كما استنكرت المنظمة “أي تبرير لإهانة الرموز الدينية من أي ديانة باسم حرية التعبير”، وحثت الحكومة الفرنسية على مراجعة السياسات التمييزية التي تستهدف المجتمعات الإسلامية، والتي تسيء لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.

أما مجلس التعاون الخليجي فأعرب عن إدانته واستنكاره لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أساء فيها إلى الإسلام، واصفين إياها بأنها “غير مسؤولة ولا مبررة”.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، في بيان نشره الموقع الرسمي للمجلس، يوم الجمعة، إن تصريحات الرئيس الفرنسي غير المسؤولة عن الإسلام والمسلمين “تزيد من نشر ثقافة الكراهية بين الشعوب”.

ودعا البيان قادة دول العالم والمفكرين وأصحاب الرأي لتحمّل المسؤولية الكبرى لنبذ خطابات الكراهية وازدراء الأديان ورموزها، كما دعا لاحترام مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم بدلاً من الوقوع في أسر الإسلاموفبيا الذي تتبناه المجموعات المتطرفة.

وفي السياق ذاته، أعربت الكويت عن استيائها من استهداف الدين الإسلامي بالإساءة من خلال الرسوم المسيئة، محذرة من عواقب دعم هذه الإساءات.

وقالت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان الجمعة: إن “دولة الكويت تابعت باستياء بالغ استمرار نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم”، مؤكدة تأييدها لبيان منظمة التعاون الإسلامي الذي “يعبر عن الأمة الإسلامية جمعاء، وما جاء به من مضامين شاملة رافضة  لتلك الإساءات والممارسات”.

وحذرت الوزارة “من مغبة دعم تلك الإساءات واستمرارها، سواء للأديان السماوية كافة أو الرسل عليهم السلام، من قبل بعض الخطابات السياسية الرسمية”.

وفي لبنان، أكدت دار الإفتاء في لبنان اليوم، أن الإساءة التي يغطيها الرئيس ماكرون، للنبي محمد خاتم المرسلين، ستؤدي إلى تأجيج الكراهية بين الشعوب.

غضب شعبي

وفي سياق متصل، أحرق لبنانيون غاضبون في مدينة طرابلس، علم فرنسا، احتجاجا على تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي أساءت للإسلام بشكل متكرر، وذلك بعد مقتل معلم فرنسي عرض صورا ساخرة للنبي محمد عليه السلام.

ودشن نشطاء في عدة دول عربية وإسلامية حملات إلكترونية موسعة تدعو إلى مقاطعة فرنسا والمنتجات الفرنسية في العالمين العربي والإسلامي.

وتصدرت الوسوم و”الهاشتاغات” المناهضة لفرنسا مواقع التواصل الاجتماعي منها:(#مقاطعه_المنتجات_الفرنسية، #ماكرون_يسيء_للنبي، #إلا_رسول_الله، #رسولنا_خط_أحمر)

وعبر الوسوم أكد النشطاء أن مقاطعة المنتجات الفرنسية هي أقل شيء يمكن أن يقدمه العرب والمسلمون “فداء للنبي محمد”، فيما انتقد البعض الآخر تصريحات ماكرون بشدة، قائلين إنها عنصرية رسمية ممنهجة ضد المسلمين. 

وأكد النشطاء أن تصريحات ماكرون فتحت الباب أمام سيل من التصريحات العنصرية الأخرى من وزراء ومسؤولي الدولة في فرنسا، خاصة مع تزامن ذلك مع التشديد الأمني الواقع على مسلمي فرنسا. 

كما أكد النشطاء أن الحرب الاقتصادية وتكبيد فرنسا خسائر اقتصادية فادحة سيكون أكبر رد من المسلمين على عنصرية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإساءته للنبي محمد وللإسلام. 

وفي تأكيد لخطورة مقاطعة المنتجات الفرنسية على باريس ذكرت الإعلامية خديجة بن قنة نبذة مختصرة عن قيمة الصادرات الفرنسية إلى الكويت.

وأرفقت بن قنة في تغريدتها تقريرا لوزارة الاقتصاد الفرنسية، يتضمن إحصائية حول صادرات فرنسا إلى الكويت خلال عام 2019.

وأوضحت أن صادرات فرنسا للكويت تقدر بـ224,7 مليون يورو في 2019، مقابل 328 مليوناً في 2018.

وأشارت إلى أن هذه الصادرات موزعة بين الطائرات والعتاد الجوي والمواد الكيماوية (عطور ومكياج)، وآلات زراعية وأجهزة إلكترونية وأدوية ومواد صيدلانية وألبسة وماركات فرنسية.