العدسة- ياسين وجدي:

بدأت النائبة المسلمة المنتمية للحزب  الديمقراطي إلهان عمر معركة التصدي والتحدي للوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي مقدمتها “إيباك” رغم الحملة الشرسة التي دشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضدها تحت زعم معاداة السامية !!

نسلط الضوء على أسرار الضغط المتزايد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على “إلهان عمر” ونفتح ملف منظمة “إيباك” التي  باتت أشبه بالسرطان من كثرة تغولها القاتل ، وأبرز الداعمين لها ودورها المشبوه في الشرق الأوسط خاصة لصالح الكيان الصهيوني الغاصب والمتورطين معها والذين يتقدمهم وليي عهد أبو ظبي والرياض محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.

المواجهة مستمرة!

لا تزال المواجهة مستمرة تقودها بإصرار عبر الكونجرس النائبة  الديمقراطية المسلمة إلهان عمر ضد حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الداعمة للوبي الصهيوني (إيباك) تحت ستار فزاعة معاداة السامية!.

إلهان عمر، بعد تراجع في الشكل واعتذار لليهود الأمريكان ، أطلقت العنان للمضمون المناهض للصهيونية في تغريداتها عبر تويتر” ضد ترامب قائلة له :” لقد تاجرت طيلة حياتك في الكراهية ضد اليهود والمسلمين والسكان الأصليين والمهاجرين والسود وغيرهم ، ولقد استفدت دروساً من الأشخاص الذين تأثروا من كلماتي، فمتى تفعل ذلك أنت؟” وذلك ردا على مطالبته باستقالتها محاباة لمنظمة (إيباك) وفق المراقبين.

هذه القفزة التي صنفها البعض أنها قفزة للأمام ، حيث حولت الهجوم عليها إلى مبادرة لمواجهة جماعات الضغط في أمريكا خاصة اللوبي الصهيوني (إيباك) وبحسب مراقبين فقد كسرت “إلهان عمر” الـ”تابو” عن إيباك.

 

محاولة “إلهان عمر” ليست وحدها ، بل تعززها محاولات مماثلة في سياق غضب يتصاعد ، حيث تواجه “إيباك” انتقادات متعددة من بينها أنها لا تمثل كافة أطياف المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة وأنها تعبر بشكل أكثر عن سياسات اليمين الصهيوني ، وظهر في مواجهتها جيرمي بن عامي، الذي عمل مستشارا للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وأسس قبل سنوات جماعة ضغط باسم “جي ستريت” بالتزامن مع انتقادات أكاديمية متكررة.

الإعلامي مهدي حسن في موقع “ذا إنترسيبت” عبر عن هذا الاتجاه قائلا :” علينا شكر إلهان عمر، النائبة الجديدة لجرأتها على طرح هذا الموضوع الجدلي وكسر التابو القديم في العملية السياسية، وحتى لو قامت بعمل هذا بطريقة غير مشذبة وإشكالية فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون مرة عندما يسألني الناس عن الطريقة التي يمكنهم مساعدة إسرائيل، أقول لهم: ساعدوا إيباك”.

قصة “إيباك”!

وعلى الرغم من أن اليهود الأمريكيون لا يمثلون أكثر من 3٪ من إجمالي سكان الدولة إلا أن لهم نفوذ قوي داخل مراكز صنع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال ذلك التأثير الذي تمارسه اللجنة الأمريكية “الإسرائيلية” للشؤون العامة “إيباك” على مراكز صنع القرار الأمريكي الخارجي.

وتأسس ” الإيباك “ عام 1959، وهو أبرز لوبي صهيوني داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية وتعتمد ميزانية المنظمة على تبرعات الصهاينة، وأموال العضوية التي يدفعها الأعضاء، لذا ازدادت ميزانيتها منذ الثمانينات، وتحولت إلى عشرات الملايين من الدولارات، وازداد عدد أعضائها ووصل إلى عشرات الآلاف أيضا ، ليسوا يهودًا أمريكان فقط بل يدخل ضمن إطار نشاطاتها أفرادًا أو جماعات تؤمن بالصهيونية.

ويترأس في العقد الحالي مجلس إدارة إيباك خمسون شخصا ذوو تأثير في السياسة الأمريكية، من الحزب الجمهوري والديمقراطي من أنحاء أمريكا، من بينهم سيناتورات سابقين.

وبحسب دراسة حديثة يرجع نفوذها بالأساس لوزنها المتزايد اقتصاديا وإعلاميا وبيروقراطيا، وهو ما أقره رئيس القيادة المركزية الأمريكية الأسبق، الجنرال ديفيد بتريوس، حيث كشف في تصريح له في عام 2010 أن “اسرائيل” أصبحت عائقًا أمام بلاده بسبب جماعات الضغط لصالحها .

الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر كذلك قال بوضوح أكثر :”إن جماعات الضغط الإسرائيلية داخل واشنطن صاحبة أقوى نفوذ فى البلاد”، وهو ما يتوافق مع إحصائيات غير رسمية تقدر أعداد المنظمات الصهيونية داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعدد  500 منظمة صهيونية.

وتمارس “إيباك” تأثيراتها في الولايات المتحدة سواء عبر الاتصالات الرسمية السياسية أو الحملات الإعلامية الموجهة ، وحاربت المنظمة مشروع الدولة الفلسطينية، على الدوام، وفي العام ٢٠١١، وعندما أعلن الفلسطينيون بأنهم سوف يتقدمون بالْتماس إلى الأمم المتحدة لإقامة الدولة، أجهضت إيباك الفكرة بإقناع ٤٤٦ من أعضاء الكونجرس .

كما ظهر ضغطها خلال العدوان الصهيوني على غزة في 2014 ، لتمرير قرارات مؤيدة للكيان الصهيوني، ونجحت في تمرير تشريع في الكونجرس يفرض على الإدارة الأمريكية مراجعة أي صفقات تسلح تبرم مع الحكومات العربية لضمان استمرار تفوق القدرة العسكرية الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط ، وبلغ ذروة نشاطها مع وصول “ترامب”.

فورة “ترامب”!!

وفي هذا المناخ العدائي لكل ما هو فلسطيني ، يمكن فهم سر غضبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واستحضاره فزاعة “معاداة السامية” في مواجهة “إلهان عمر” ، حيث يرى مراقبون أن ترامب صعد بدعم “اللوبي الصهيوني” بالأساس!.

ويدلل مراقبون على ذلك بأنه عندما انتخب دونالد ترامب في 2016 احتفل قادة “إيباك” بانتخابه رئيسا للبلاد ، مؤكدين أن تم التحضير له ليكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1988 عندما أنقذه رجل الأعمال الصهيوني جاكوب روتشيلد، من الإفلاس وبدأ ظهور نجمه هذا في سماء الأعمال الأمريكية .

وفي هذا الإطار ذهب المركز العربي للبحوث والدراسات مؤكداً في تقدير موقف حديث أن “ترامب” هو صوت النفوذ الصهيوني في البيت الأبيض قبل الفوز بالانتخابات ، حيث مهد الرئيس الأمريكي لذلك مؤكدا في أكثر من سياق أن “القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي”، ودشن حملة داخل الأراضي المحتلة بعنوان :” ترامب يساوي المصلحة الإسرائيلية”.

الكاتب البريطاني، جوناثان كوك، في مقال له في صحيفة “ميدل إيست آي”، رصد المشهد التالي للفوز مؤكدا أن النفوذ المتنامي للوبي الصهيوني في واشنطن في عهد ترامب غير مسبوق مؤكدا أن الإجراء الذي أقدم عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نقل للسفارة الأمريكية لدى  الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس بمثابة أكبر تفسير لذلك النفوذ فضلا عن التصريح بالتواجد في المنطقة العربية لحماية أمن “إسرائيل” فقط!.

شريك للإمارات والسعودية !

ولم يكتفى اللوبي الصهيوني الأبرز بدور الولايات المتحدة الأمريكية بل تخطى التأثير الممنهج إلى تحريك دول عربية لدعم مواقفها الداعمة للكيان الصهيوني وتعتبر السعودية والإمارات  مثالان بارزان في هذا الصدد حتى باتت “إيباك” شريكا استراتيجيا لهما ولتحالفاتهما!!.

ووفق صحيفة “ميدل إيست آي”، فإنه منذ أن وصل “ترامب” إلى البيت الأبيض، تمكن اللوبي الصهيوني من تحريك أربعة لوبيات قوية: لوبي المبشرين الإنجيليين المسيحيين، واليمين المتطرف، وقطاع الصناعات الحربية، والمملكة العربية السعودية.

وحازت السعودية على شهادة معتمدة من رئيس لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) مورت فريدمان الذي صرح في ديسمبر 2018 أن السعودية هي اليوم “الحليفة المقربة لإسرائيل في كل الملفات والقضايا الإقليمية والدولية”، لافتا إلى أن العلاقات قائمة منذ عقود بين الكيان الصهيوني وكل من مصر والأردن والمغرب، في حين كانت سرية مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي “أما اليوم فقد باتت هذه العلاقات أكثر دفئا مع أغلبية هذه الدول إلى حد زيارة بعض الأفراد من الأسر الحاكمة في الخليج العربي لإسرائيل” وفق تعبيره.

الإمارات تحت رعاية ولي عهدها محمد أبو ظبي انطلقت بدورها في شراكة استراتيجية مع اللوبي الصهيوني في أمريكا ، وهو ما كشفته تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر عن السعي الإماراتي للتأثير في قرارات الإدارة الأمريكية، وطبقا لما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” وقناة “سي أن أن” الأمريكيتان، فإن مولر يحقق حاليا في دور أبو ظبي المشبوه خلال الانتخابات الرئاسية الماضية.

وبرزت جهود حثيثة بذلها -ومازال- اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لحمل واشنطن على عدم إطالة أمد تجميد المساعدات لنظام السيسي بعد انقلابه في 3 يوليو 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي.

وفي هذا الإطار يصنف براء نزار ريان المحاضرٌ بالجامعة الإسلامية بغزة اللوبي العربي بشقيه الإماراتي والسعودي في أمريكا بأنه صهيوني بامتياز، ودلل على ذلك بتسريبات بريد سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، إذ كشفت عن صلات وثيقة بلوبيات صهيونية شديدة العداوة للمسلمين، وموالية للكيان الصهيوني في مواجهة حركات المقاومة والمقاطعة التي تنشط ضدّها.