أكدت صحيفة “إندبندنت” البريطانية أن السعودية تقف على أعتاب تغيير حقيقي، لكنه مصحوب بخطر كامن من عدم الاستقرار.

أشارت الصحيفة في تقرير “بيثان مكرنان” إلى أن المملكة تشهد حالة من الاضطراب في الوقت الراهن لم تشهدها من قبل.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن الحالة الصحية للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز (81 عاما) تمثل سرا محل تكتم شديد، لكن عندما يموت فإن ولي عهده وابنه الأمير محمد بن سلمان سيصبح أصغر ملك تشهده هذه المملكة التي نشأت منذ عهد قريب.

وتابعت “يتوقع أن يحدد هذا الأمير الذي يبلغ من العمر 32 عاما بشكل فعال لهجة السياسة السعودية لعقود”.

ومضت تقول “وقع تصعيد بن سلمان كصدمة كهرباء على المجتمع السعودي. على خلاف الأجيال الأكبر سنا في العائلة المالكة، لفت الأمير محمد انتباه وسائل الإعلام. ويطل وجهه من لوحات الإعلانات والتليفزيون في كل مكان”.

وأضافت “بالنسبة للشباب، نُظر إلى الصعود السريع لولي العهد كعلامة على أن الأمور في المملكة المحافظة تتغير. الآن يتم تطبيق الإصلاحات بسرعة أكبر مما تخيل أكثر الناس جرأة قبل بضع سنوات”.

ونقلت عن دانيال بيمان، وهو زميل بارز في مركز سياسة الشرق الأوسط في واشنطن دي سي، قوله “يعتقد محمد بن سلمان أن البلاد عالقة في طرقها المحافظة جدا لفترة طويلة. التعليم والسماح للنساء بقيادة السيارات بمثابة خطوات تتعلق بما هو أكثر من مساعدة السكان على ابتلاع المشكلات الاقتصادية الأخيرة. لكن يبقى سؤال: لماذا الآن؟”.

ومضت تقول “الإصلاحات السريعة لا تمتد إلى حد معالجة مشكلات كغياب حريات التعبير والتجمع في السعودية أو حتى الاستخدام المفرط لعقوبة الإعدام”.

وأردفت “كما أنهم لا يغيرون جذريا نظام الوصاية الذي يجعل من النساء السعوديات مواطنات من الدرجة الثانية”.

وواصلت “في نوفمبر، تم احتجاز أكثر من 200 شخص من النخبة السعودية في فندق ريتز كارلتون، كجزء من حملة لمكافحة الفساد، وهي خطوة أظهرت أن ولي العهد الجديد يقدر ما هو فاعل وأنه لا يرحم”.

ومضت تقول “بتوطيده قاعدة السلطة في الداخل، يأمل بن سلمان في تحقيق رؤية السعودية بإعادة تنظيم الشرق الأوسط بعيدا عن منافستها الإقليمية إيران. الإصلاح المحلي مؤشر على التقدم والسلوك الجيد بما يمهد الطريق لكسب دعم دولي لقواعد اللعبة السعودية الجديدة”.

وأضافت “في ظل وجود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد وترامب، واشنطن والرياض متحدتان في رؤية إيران كشيطان يتعين على العالم الوقوف ضده”.

ونقلت عن بيمان “لم تكن السعودية وأمريكا متقاربتين بهذا الشكل منذ سنوات. هناك علاقة شخصية وانسجام في الخطاب”.

وأضاف بيمان “لكن ولي العهد الذي يبلغ من العمر 32 عاما لم يتحصل على الصفة المريبة (الرجل الأكثر خطورة في العالم) دون سبب”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية غربية قولها “بن سلمان لديه سمعة بأنه طائش”، موضحة أن سياسته في الشرق الأوسط حتى الآن تتراوح بين محرجة وكارثية.

ومضت تقول “محاولات التأثير في الأحداث في لبنان وقطر أتت بنتائج عكسية في معظمها؛ تورط المملكة في الحرب الأهلية في اليمن وصل بها إلى حد أنه يشار إليها الآن بفيتنام السعودية”.

ونقلت عن فارع المسلمي، وهو محلل يمني وزميل غير مقيم في شاتهام هاوس في لندن قوله “على الرغم من أن كل شيء رأيناه من ترامب نفسه، إلا أنه لا زال في الواقع أمرا صعبا أن نكون أصدقاء مع السعوديين في الوقت الحاضر”.

ومضى المسلمي يقول “لا يمكنك أن تبيع الأسلحة بشكل صريح وسافر (التي تؤجج الحرب في اليمن). بغض النظر عما يقوم به السعوديون لتنظيف صورتهم، إلا أن اليمن حقيقة قبيحة هم مسئولون جزئيا عنها. يمكنك أن تجعل الموتى يقودون السيارات، وليس فقط النساء، لكن تظل الحقيقة هي الحقيقة”.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن إستيراتجية بن سلمان الجريئة في الداخل، مثل مغامراته في السياسة الخارجية، غير مضمونة النجاح.

وتابعت “الجميع ليسوا على استعداد للتغيير الاجتماعي، وأعضاء آل سعود الذين تم تهميشهم من قبل ولي العهد لدى استيلائه على السلطة يمكن أن يشكلوا كتلا من المعارضة ضده”.

وأضافت “المواطنون السعوديون العاديون يعانون من تخفيضات الدعم على الوقود وارتفاع البطالةـ وهي العوامل ذاتها التي أدت إلى الربيع العربي وحرب في أماكن أخرى في المنطقة”.

وأوضح التقرير “يتعين أن ننتظر لنرى ما إذا كان ولي العهد السعودي سيكون قادرا على السيطرة على عدد لا يحصى من القوى التي أطلق لها العنان في الداخل والخارج”.