أُجبرت إيران على دفع فدية تقدر بملايين الدولارات إثر تعرضها لهجوم إلكتروني واسع النطاق هدد استقرار نظامها المصرفي في منتصف أغسطس الماضي، حسبما أفادت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية. وقد تسبب هذا الهجوم في شلل العديد من البنوك المحلية، في ما يُعتبر أحد أخطر الهجمات الإلكترونية التي شهدتها البلاد.
كشفت مصادر مطلعة للمجلة أن شركة إيرانية دفعت حوالي 3 ملايين دولار كفدية لمنع المتسللين من نشر بيانات حساسة تتعلق بحسابات مصرفية وبطاقات ائتمان لملايين الإيرانيين من حوالي 20 بنكًا محليًا. المجموعة المسؤولة عن الهجوم تُعرف باسم “IRLeaks”، والتي لها سجل سابق في اختراق الشركات الإيرانية. وكان المتسللون قد طالبوا في البداية بفدية تصل إلى 10 ملايين دولار من العملات المشفرة، قبل أن يستقر الطرفان على مبلغ أقل.
أدى الهجوم إلى إغلاق مؤقت لماكينات الصرف الآلي في البلاد، ما أثار مخاوف كبيرة لدى الحكومة الإيرانية من أن يؤدي اختراق البيانات إلى زعزعة استقرار النظام المالي المتأثر بالعقوبات الدولية. كما أن الضغط الداخلي على الحكومة للتوصل إلى اتفاق كان كبيرًا، خشية أن تتسبب الكلمة عن سرقة البيانات في إضعاف الثقة العامة في النظام المصرفي.
على الرغم من خطورة الهجوم، لم تعترف إيران رسميًا بما حدث، ولم يتم الإعلان عن الجهة المسؤولة أو عن تفاصيل مطالب الفدية بشكل علني. وكالة أنباء “إيران إنترناشيونال” المعارضة كانت أول من نشر أخبار الاختراق، لكن الحكومة الإيرانية ظلت صامتة بشأن هذه القضية.
في أعقاب الهجوم، وجّه المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، رسالة غامضة ألقى فيها باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل، متهمًا إياهما بمحاولة نشر الخوف وزعزعة الاستقرار النفسي والاقتصادي في البلاد. خامنئي قال: “إن هدف العدو هو نشر حرب نفسية لدفعنا إلى التراجع السياسي والاقتصادي”، دون أن يعترف بشكل مباشر بتعرض البنوك لهجوم إلكتروني.
رغم التوترات المستمرة بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة على التحقيقات أن مجموعة “IRLeaks” ليست مرتبطة بالحكومتين الأمريكية أو الإسرائيلية. ويشير ذلك إلى أن الهجوم ربما كان من تنفيذ قراصنة مستقلين يسعون إلى مكاسب مالية، وهو نوع من الهجمات الذي أصبح شائعًا بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم.
الهجمات الإلكترونية لابتزاز الفدية أصبحت أحد أكبر التهديدات التي تواجه الشركات والحكومات في السنوات الأخيرة. وفي هذه الحالة، يعكس الهجوم على إيران مدى تزايد الاعتماد على التكنولوجيا وارتفاع خطر الجرائم الإلكترونية على الاقتصادات الهشة التي تتعرض لضغوط سياسية واقتصادية شديدة.
هذا الاختراق الكبير يشير إلى تصاعد حدة التحديات التي تواجهها إيران، سواء في المجال الإلكتروني أو على المستوى الاقتصادي. ومع زيادة حالات القرصنة الإلكترونية عالميًا، تصبح الأنظمة المصرفية والاقتصادية هدفًا رئيسيًا للمهاجمين، مما يزيد من تعقيد الوضع في البلدان التي تعاني بالفعل من ضغوط سياسية وعقوبات اقتصادية.
اقرأ أيضا : دعوة أممية لنشر قوة محايدة في السودان
اضف تعليقا