نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرًا يتناول الوضع الحالي في سوريا، مشيرة إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد قد نجح في كسر العزلة الدولية والإقليمية التي كان يعاني منها، لكنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة في حكم بلد يعاني من الانقسامات.
حسب التقرير، لم يعد الأسد منبوذاً كما كان في السابق، ولكنه لا يسيطر على بلده كما كان قبل عام 2011. فقد أصبحت سوريا مقسمة على أسس دينية وعرقية، حيث يقوم أمراء الحرب المدعومون من قوى أجنبية بالدفاع عن مناطقهم وتمويل ميليشيات محلية وفرض رسوم على المرور عبر خطوط النزاع.
في أغسطس الماضي، تم افتتاح معبر أبو الزندين بين مناطق المعارضة المسلحة ومناطق النظام، وهو ما اعتُبر محاولة لإعادة ربط المناطق الممزقة. ومع ذلك، لم تستمر هذه المبادرة طويلاً، حيث تم إغلاق المعبر مجددًا بعد يوم واحد من افتتاحه إثر اندلاع اشتباكات.
سوريا، التي كانت ذات يوم من بين اقتصادات النمو في المنطقة، تعاني الآن من أزمة اقتصادية حادة. ربع السكان يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم، وهو مستوى دخل لم يكن موجودًا قبل الحرب الأهلية. كما فقد الاقتصاد السوري أكثر من 80% من حجمه منذ عام 2010، وعانت الليرة السورية من انخفاض شديد في قيمتها.
في الشمال السوري، يعيش نحو 16 مليون شخص خارج سيطرة الحكومة في دمشق، حيث تحكم المجموعات المسلحة وقوات كردية تدعمها أمريكا، بينما تسيطر تركيا على مناطق أخرى. أما في المناطق الحدودية، فإن المليشيات الشيعية من العراق ولبنان تهيمن على الوضع.
تعاني سوريا أيضًا من التدخل الخارجي، حيث تتصرف روسيا وإيران وحزب الله وكأنهم يسيطرون على البلد. حزب الله، على سبيل المثال، يستخدم سوريا كقاعدة لإطلاق صواريخ ضد إسرائيل.
وفي الجنوب الشرقي، يحتج الدروز ضد حكم الأسد ويطالبون بانتخابات حرة. وفي الشمال، يعزز الأكراد الجوانب الاقتصادية والكيانية لمناطقهم بفضل الموارد مثل النفط المهرب.
مع تدهور الأوضاع، تسعى بعض الدول، مثل تركيا وبعض الدول الأوروبية، إلى إعادة العلاقات مع الأسد ومحاولة تحسين الوضع الاقتصادي في سوريا. لكن التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة السورية، بما في ذلك الحاجة إلى دعم مالي خارجي، وعدم قدرة الجيش على استعادة المناطق المفقودة، تجعل من الصعب تصور استقرار مستدام في المستقبل القريب.
ووفقًا للبنك الدولي، تقدر تكلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 200 مليار دولار، لكن العائدات من تجارة المخدرات، التي تسيطر عليها الحكومة السورية، تفوق صادرات البلاد المشروعة. هذا يشير إلى أن نظام الأسد يواجه أزمة وجودية تستمر في إضعاف سلطته وشرعيته.
اقرأ ايضًا : جماعة إسرائيلية متطرفة تهدد بحرق المسجد الأقصى
اضف تعليقا