في خطوة أثارت غضب الجماعات الحقوقية والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، قامت منصة “إكس” -التي يسيطر عليها إيلون ماسك- برفع الحظر عن حساب مستشار ولي العهد سعود القحطاني، المشتبه به الرئيسي في مقتل الصحفي، بعد تعليقه بشكل دائم في أعقاب عملية الاغتيال بسبب وجود دلائل قوية على أنه مهندس هذه العملية.

وفقًا لتقييم استخباراتي أمريكي أصدرته إدارة بايدن في عام 2021، كان لسعود القحطاني، المستشار الرئيسي السابق لمحمد بن سلمان، “تورط مباشر” في مقتل خاشقجي، وعليه تم تعليق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة X “تويتر آنذاك”، لكن في خطوة صادمة تم رفع التعليق في وقت سابق من الشهر الحالي، وبعد ساعات من تقرير الغارديان الذي أدان هذه الخطوة، تم تعليقه مرة أخرى. وقال متحدث باسم إكس في بيان: “بسبب خطأ تقني تم رفع التعليق”.

ووجد التقييم الأمريكي أن ولي العهد وافق على العملية المروعة التي حدثت في داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، حيث تم قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله وإخفاء جثته حتى اللحظة.

وأشار التقييم الأمريكي أيضًا إلى أن الفريق السعودي المكون من 15 عضوًا والذي سافر إلى إسطنبول لاستهداف خاشقجي شمل مسؤولين عملوا في المركز السعودي للدراسات والشؤون الإعلامية  (CSMARC)، الذي كان يترأسه سعودي القحطاني آنذاك، وبسبب هذا المنصب تمت الإشارة إليه بين المنشقين السعوديين باسم “أمير الذباب”، بسبب إشرافه على جيوش الذباب الإليكتروني التي تسعى لتلميع صورة النظام السعودي والترويج لأجندته ومهاجمة كل المنتقدين.

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سعود القحطاني ومرؤوسه ماهر مطرب في عام 2018 لتورطهما في مقتل خاشقجي، وبالفعل اختفى القحطاني عن الأنظار بعد أن فُرضت عليه العقوبات، لكن المدعين السعوديين حكموا في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعدم وجود دليل يربط القحطاني بقتل خاشقجي.

ومن غير الواضح سبب إعادة حساب القحطاني ثم تعليقه مرة أخرى، وتكهن الخبراء بأن الأمر ربما كان جزءًا من محاولة أوسع نطاقًا من جانب ماسك لإعادة المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم سابقًا، أو ربما فعلًا كان مجرد خلل فني غير مقصود.

الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية مستثمر رئيسي في X من خلال حصتها في شركة المملكة القابضة، وهي الأداة الاستثمارية التي يسيطر عليها الأمير الوليد بن طلال، الذي يعود استثماره في المنصة إلى عام 2011.

علقت الشركة المعروفة سابقًا باسم تويتر حساب القحطاني لأول مرة في سبتمبر/أيلول 2019، بعد حوالي عام من إقالته من منصبه كمستشار لولي العهد. وأعلنت في منشور على مدونتها في ذلك الوقت أن التعليق “الدائم” كان نتيجة لانتهاكات لسياسات التلاعب بالمنصة، فيما رأى محللون أنه كان جزءًا من خطوة أوسع نطاقًا لإغلاق “جهاز الإعلام الذي تديره الدولة” السعودي، والذي يدير جيوش من حسابات الذباب الإليكتروني التي تروج لسياسة النظام السعودي.

بعد تعليقه في عام 2019، ظهر حساب القحطاني – الذي كان لديه 1.2 مليون متابع – فارغًا، وظهرت عبارة “تم تعليق الحساب” أسفل اسمه، ثم عاد الحساب مؤخرًا إلى الإنترنت، لكن تم تعليقه مرة أخرى بعد ساعات.

يظهر استعراض للتغريدات السابقة أن المستشار السعودي كان يزور نيويورك في أواخر سبتمبر/أيلول 2018، قبل أيام من مقتل خاشقجي.

ليس من الواضح ما هو الدور، إن وجد، الذي لعبه ماسك في إعادة حساب القحطاني، لكن تأتي هذه الخطوة في وقت لعب فيه الملياردير دورًا رئيسيًا في دعم ترشيح المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

تعليقًا على هذه الواقعة، قال الباحث مارك أوين جونز: “إنها لائحة اتهام واضحة للحالة الحالية لـ X أن رجلاً يشتبه في تورطه في مقتل صحفي سعودي، والذي تم تعليق حسابه أيضًا بسبب التلاعب بتويتر، والذي أنشأ شخصيًا قائمة سوداء لمنتقدي سياسة النظام السعودي، يتم إعادة حسابه”.

وتابع “من المحتمل أن يكون الحساب قد أعيد بسبب خلل فني، لكنهم قالوا إن X يعتبر “صندوقًا أسودًا” لدرجة أنه من الصعب معرفة ذلك، مضيفًا أنه من المحتمل أن يكون سعي ماسك لإعادة المستخدمين المحظورين سابقًا قد أصبح “عالميًا” وأنه أعيد كجزء من حملة آلية.

وقال: “لكن السعوديين لديهم حصة كبيرة في X، لذا يمكنهم استخدام نفوذهم أو قد يكون هناك بعض الضغط لإعادته وإعادة تأهيله. في النهاية، لا نعرف على وجه اليقين سبب عودته، لكن سيكون خطأ فادحًا”.

وجد تحقيق أجراه خبراء الكشف عن حملات التضليل في DFRLab في عام 2023 أن شبكة من 28 حسابًا مؤيدًا للسعودية على منصة X بدت وكأنها تنسق محاولة لجعل ماسك يعيد حساب القحطاني. ووجد التحقيق أن الحسابات مجهولة الهوية “أظهرت نمطًا من استخدام نصوص ورسومات مماثلة للترويج للقحطاني والمملكة… فضلاً عن المحتوى الذي يروج للمملكة العربية السعودية والسياحة ودورها في الوساطة في أوكرانيا واستضافتها لمعرض إكسبو 2030.

وخلص DFRLab إلى أن “إعادة تعيين حسابات الأفراد الذين انتهكوا سياسات المنصة سمحت للجهات الخبيثة بالاستفادة من التغيير في قيادة تويتر لتكييف تكتيكات التلاعب الخاصة بهم، كما هو الحال في هذه الحالة، دون خوف من العواقب”.

الجدير بالذكر أن ماسك رفع الحظر عن العديد من حسابات الشخصيات المثيرة للجدل التي تم حظرها سابقًا، بما في ذلك مارغوري تايلور جرين، عضو الكونجرس الأمريكي، وترامب.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا