العدسة _ باسم الشجاعي
على غرار ما حدث مع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب، والذي اضطر لإلغاء زيارته إلى لندن المخصصة لتدشين السفارة الأمريكية الجديدة، والتي كانت ستثير احتجاجات في بريطانيا، طالب العديد من المنظمات الحقوقية، في رسالة مفتوحة إلى رئيسة وزراء بريطانيا، “تيريزا ماي“، بإلغاء الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان“، إلى بريطانيا؛ لارتباطه بـ “جرائم حرب“.
ويشار إلى أن “ترامب“، كان كتب في تغريدة قرابة منتصف ليل “الخميس/الجمعة“: “السبب وراء إلغاء زيارتي إلى لندن هو أنني لست معجبا بقيام إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ببيع السفارة التي كانت في أفضل موقع في لندن لقاء مبلغ زهيد وبناء سفارة جديدة في موقع بعيد لقاء 1.2 مليار دولار“.
إلا أن عمدة لندن، “صديق خان“، علق على قرار الرئيس الأمريكي، قائلا: “يبدو أن الرئيس “ترامب” فهم الرسالة التي بعثها العديد من سكان لندن الذين يحبون الولايات المتحدة والأمريكيين، لكنهم يجدون سياساتهم وأعمالهم مناقضة تماما لقيم الاندماج والتنوع وتقبل الآخر في مدينتنا“، وذلك وفق بيان له.
ومن المتوقع، أن يزور ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان“، بريطانيا، الأيام المقبلة، وذلك وفق ما أعلن مكتب رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا“، الشهر الماضي.
وقفة استباقية
وسبق الزيارة المرتقبة لـ“ابن سلمان“، تدشين مجموعة من المنظمات البريطانية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وضد الحرب؛ وقفة أمام مقر رئاسة الوزراء البريطانية وسط لندن لمطالبة الحكومة بسحب دعوتها لولي العهد السعودي.
ولم تقتصر الفعالية على الوقفة أمام مقر الحكومة، بل جابت شاحنات شوارع العاصمة لندن، رفعت عليها لافتات تندد بالزيارة وتطالب بإلغائها.
ووصف النشطاء في لافتات رفعت بالوقفة “ابن سلمان” بـ“مجرم الحرب“، ودعوا في لافتات أخرى إلى “إلغاء الزيارة” و“بدل الترحيب به محاسبته“، بالإضافة للافتات طالبت بريطانيا بإلغاء صفقات السلاح مع السعودية.
ووقع على الرسالة كل من: “حملة أوقفوا الحرب “ستوب ذا وور“، وحملة منع انتشار الأسلحة في بريطانيا، وحملة وقف تصدير الأسلحة “كات“، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والعديد من المنظمات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني“.
وبيّنت الرسالة السجل الخطير للمملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان؛ حيث إن قمع حرية الرأي والتعبير مستمرة واعتقال النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان تتم بلا هوادة وخارج إطار القانون، إضافة إلى استمرار عقوبة الإعدام حيث نفّذت أحكام الإعدام عام 2017 بحق 100 شخص.
مهندس حرب اليمن
وسلم وفد من المنظمين رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي“، رسالة داخل مقر الحكومة، دعوها فيها إلى إلغاء زيارة “ابن سلمان” نظرا لـ“مسؤوليته عن جرائم خطيرة جراء الحرب في اليمن والقمع في البحرين وحصار قطر وأماكن أخرى في المنطقة العربية“.
الموقعون، أكدوا في الرسالة أن زيارة “ابن سلمان” المزمعة، إلى بريطانيا تلحق بالبلاد والمواطنين العار، نظرا للجرائم الخطيرة التي ارتكبها في اليمن، وشدد الموقعون على أن مصالح الشعب البريطاني، وقيمه تتعارض مع هذه الزيارة ما يوجب إلغاءها.
ويشار إلى أن التحالف العربي بقيادة السعودية، بدأ التدخل العسكري في اليمن تحت هدف أساسي معلن، هو الاستجابة لطلب الحكومة الشرعية وإعادتها إلى البلاد، بعد أن انقلب عليها أتباع جماعة أنصار الله (الحوثيين) وعلي “عبدالله صالح“، في صنعاء في سبتمبر 2014.
وتسببت الحرب في تدني الأوضاع المعيشية واتسعت دائرة الجوع والفقر، في وقت اتجه فيه العشرات من معدومي الدخل إلى صناديق القمامة بحثًا عن طعام يسد جوعهم.
وباتت رؤية الفقراء يأكلون من أكوام القمامة في العاصمة صنعاء مشهدًا مألوفًا؛ حيث تشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن عدد الجائعين في اليمن زاد إلى 3 ملايين و400 ألف عن العام الماضي، حسبما قال “مارك لوكوك“، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة الطارئة، “الثلاثاء” الماضي.
المسؤول الأممي أعرب عن قلقه إزاء الحالة الإنسانية في اليمن التي استمرت في التدهور بسبب الصراع المستمر، وانهيار الخدمات الأساسية والتدهور الاقتصادي، مبينا أن هناك 22.2 مليون شخص بحاجة للمساعدة الإنسانية في اليمن، بزيادة 3.4 مليون عن العام الماضي.
هل ستخضع “تيريزا” ؟
ويبدو أن رئيسة وزراء بريطانيا، “تيريزا ماي“، في ورطة، بسبب المقارنة التي تقف فيها؛ حيث إن زيارة ولي العهد السعودي تعد مهمة لندن، كون الرياض أكبر مستورد السلاح البريطاني الثقيل في الشرق الأوسط.
هذا ما أكدته، صحيفة “الأوبزرفر” البريطانية، التي أشارت إلى أن المملكة العربية السعودية تُعد أكبر مستورد للأسلحة البريطانية، والأكثر حماسًا لاستيراد السلاح البريطاني الثقيل؛ حيث صادقت على طلبات شراء أسلحة تبلغ قيمتها 3.5 مليار جنيه استرليني منذ عام 2015 وحتى مطلع العام الماضي.
ولكن يبدو أن صفقات السلاح التي تبرمها المملكة مع بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة، هي سبب صمت الغرب عن حرب اليمن الكارثية.
اضف تعليقا