أموال طائلة تُنفقها السلطات السعودية وبن سلمان سعيا لتحسين صورتها المتهالكة أمام العالم عبر تنظيم المسابقات والبطولات الرياضية وإطلاق مشاريع الرعاية للأندية العالمية لإنقاذ ما تبقى من سمعة مملكة ظلامية تعرضت لهزة قوية عقب القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر 2018 بقنصلية بلاده في إسطنبول.
ويقول تقرير صحفي بريطاني، إن نادي ريال مدريد، يتفاوض مع شركة القدية السعودية، على عقد رعاية بقيمة 150 مليون يورو لمدّة 10 سنوات قادمة. ووفقاً لما أوردته صحيفة ” ذا تايمز ” البريطانية، أن شركة القدية هي شركة ترفيهية وسياحية، تسعى لتصبح الشركة الراعية لفريق ريال مدريد للسيدات.
وأضافت الصحيفة الاتفاقية ستشمل التزاما من جانب النادي الملكي بأن يكون هناك ما لا يقل عن أربعة لاعبين من فريق الرجال للترويج للقدية. ونوهت الصحيفة أن هناك شراكة “مقترحة” بين ريال مدريد والقدية، بمشروع يزيد عن 6.5 مليار يورو يجري بناؤه بالقرب من الرياض، ويهدف إلى أن يصبح “عاصمة الرياضة والترفيه” في السعودية.
كما اتجهت الإدارة السعودية لاستضافة المسابقات والبطولات الرياضية ذائعة الصيت عالميا، بغية تحسين علاقاتها مع الدول الغربية ومواراة جريمة قتل خاشقجي، فضلًا عن الظهور بصورة جيدة أمام منظمات حقوق الإنسان وتحسين وضعها المتأزم للغاية على الساحة الدولية. ومن بعض الأمثلة على تلك المسابقات كأس ملك إسبانيا وسباق رالي داكار والمصارعة الأمريكية الحرة للنساء ومباريات الملاكمة وبطولات التنس، إلى جانب الدعوات الموجهة لأشهر المدربين الفنيين على مستوى العالم.
وتهدف الإدارة السعودية في الأساس، وفق مراقبين، عبر أنفاق الأموال الطائلة على تلك البطولات التي يتابعها الملايين، إلى محو الصورة السيئة التي ترسخت عنها في الأذهان. وتعمل على محو الانطباع الذهني السلبي الذي يتكون لدى الرأي العام عند ذكر “المملكة العربية السعودية”.
كأس السوبر الإسباني
يقام نهائي كأس السوبر الإسباني عادة بمشاركة أربع فرق. وبموجب الاتفاقية الموقعة بين الاتحاد الإسباني لكرة القدم والرياض ستستضيف السعودية المسابقة على مدى 3 أعوام وهي 2020 و2021 و 2022.
واستضافت مدينة جدة مسابقة كأس السوبر الإسباني لعام 2020 ما بين 8-12 يناير 2020، بمشاركة برشلونة بطل الدوري الإسباني لموسم 2018-2019 وفالينسيا بطل كأس ملك إسبانيا، وأتلتيكو مدريد صاحب المركز الثاني بالدوري، وريال مدريد صاحب المركز الثالث. ولا شك أن الهدف من لعب الإسبان لتلك المباريات في بلد يبعد عنهم آلاف الكيلومترات هو تحقيق ربح تجاري بحت.
والشيء الذي يهم إسبانيا في هذا الصدد، ليس المكان الذي ستقام فيه المسابقة، بل الدولة التي ستقدم أكبر عرض مادي لشراء تنظيم هذه المباريات على أراضيها. وبالطبع فإن الإدارة السعودية لم تكن لتجد فرصة أفضل لتحسين صورتها من خلال استغلال الرياضة. ومن ثم فقد فتحت الرياض خزانتها المالية للحصول على تنظيم مباريات كأس السوبر الإسباني، التي تحتل مكانة هامة بين أكثر المباريات المُشاهدة عالميا.
ودفعت السعودية حوالي 120 مليون يورو من أجل تنظيم هذه المسابقة على أراضيها لمدة ثلاثة أعوام. ولم يتوقف حد الإنفاق عند هذه الدرجة، حيث تتحمل المملكة كلفة الانتقالات والاستضافة الخاصة بالفرق الأربعة المشاركة. وحصل كل فريق على 800 ألف يورو، كما يحصل الفريق الخاسر في النهائي على 1.4 مليون يورو، أما الفريق الفائز فيحصل على مليوني يورو.
وجاء رد الفعل الأول على هذه الاتفاقية من قبل “خافيير تيباس” رئيس رابطة كرة القدم الاحترافية في إسبانيا، والتي تضم أندية دوري كرة القدم، سواء بدرجتيه الأولى والثانية. واعتبر تيباس أن السعودية هي دولة “تسعى لقرصنة كافة مباريات كرة القدم الأوروبية”.
وتأمل المملكة في سحر عيون المشاهدين من كافة أنحاء العالم بالأهداف التي يتم تسجيلها في مباريات الفرق الأربعة التي ستقام على أراضيها العاميين المقبلين، وسحب الأنظار المركزة عليها إلى اتجاهات أخرى.
– سباق رالي داكار
وإلى جانب رياضة كرة القدم، تستغل السعودية السباقات الرياضية العالمية كذلك لتحقيق الهدف نفسه، ومن أهم الأمثلة على ذلك سباق “رالي داكار” الذي يُعرف بأنه أصعب سباق رياضي عالميًا.
واستضافت قارة إفريقيا هذا السباق في الفترة من عام 1979 وحتى عام 2007، كما استضافته قارة أمريكا الجنوبية على مدى الأحد عشر سنة الأخيرة. والآن تحتضن قارة أسيا تنظيم هذا السباق، حيث سيتم تنظيم السباق ، الذي يعد من بين الأكثر مُشاهدة حول العالم، في السعودية اعتباراً من العام القادم 2020. وبحسب وسائل إعلام غربية فإن السعودية قامت بدفع 15 مليون يورو للفوز بتنظيم سباق رالي.
– مباراة ملاكمة
واختيرت مدينة الدرعية السعودية إقامة مباراة ملاكمة على لقب بطولة العالم بين البريطاني “أنطوني جوشوا” والأمريكي من أصول مكسيكية “أندي رويز“. وبالطبع لم يكن السبب في اختيار هذه المدينة هو ملائمة حلبة المصارعة، وكافة الظروف الموجودة بها لإقامة تلك المباراة.
بل إن الأحداث المتتابعة، التي ألقت بظلالها السلبية على شرعية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، هي التي ساقته لمحاولة إظهار مدى نجاحه في الإصلاحات التي يقوم بها في المملكة وهي التي دفعت به في النهاية إلى شراء تنظيم مباراة الملاكمة.
وذكرت صحف إنجليزية أن الحكومة السعودية قامت بسداد 100 مليون دولار لتنظيم مباراة تحديد بطل العالم للملاكمة على أراضيها. حتى إن ولي العهد السعودي وجه دعوةً للمدير الفني البرتغالي الشهير “جوزيه مورينيو” بهدف زيادة التأثير الدعائي للمباراة والحد من الصورة السيئة له. إلا أن مورينيو لم يستطع تلبية الدعوة لمشاركة فريقه في مباراة مقامة في اليوم نفسه.
– المصارعة الحرة للنساء
واستضافت السعودية للمرة الأولى في تاريخها مسابقة للمصارعة الأمريكية الحرة للنساء التي تنظمها مؤسسة المصارعة العالمية الترفيهية (دبليو دبليو إي). وقد لاقى تنظيم هذه المسابقة في دولة تأتي على رأس الدول التي تفرض قيودا عديدة على حقوق المرأة ردود فعلٍ واسعة. وطبقا لما نشرته صحف أمريكية فإن الرياض قامت بدفع 80 مليون دولار لتنظيم فعاليات هذه المسابقة على أراضيها.
– بطولة التنس
واستضافت مدينة الدرعية بطولة لمحترفي التنس بمشاركة أهم لاعبي التنس على مستوى العالم وبينهم دانييل ميدفيديف، ستان فافرينكا، وديفيد جوفين. ولاشك في أن الجانب الملفت للنظر في تلك البطولة، التي لا تحتل مكان في قائمة بطولات رابطة محترفي التنس، هو الجائزة المالية المقدمة فيها.
وحصل الفائز بالمركز الأول في البطولة، التي لا تضيف للاعبين المشاركين فيها أية نقاط تؤثر على الترتيب العالمي، على جائزة مالية قدرها مليون دولار. وبالطبع فإن القيمة المادية العالية للجائزة كانت العامل الأكبر الذي ساق لاعبي التنس المشهورين إلى المملكة.
لكن الأكيد، هو أن كل تلك المحاولات المفضوحة من جانب النظام السعودي لتغطية جرائمه، لم تفلح في استخدام “الغسيل الرياضي” لكسب التأثير الدولي والدعاية الإيجابية أمام سيل انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الجنائية في الداخل السعودي والخارج.. ليجد ابن سلمان نفسه بعد كل هذه الخطة المنظمة أمام صافرة إنذار تُعلن وقوعه في مصيدة التسلل المفضوح أمام أنظار العالم.
اقرأ المزيد: هل نقلت الإمارات الأميرة المختطفة إلى المريخ على مسبار الأمل؟
اضف تعليقا