قال مجموعة من النواب والسياسيين البريطانيين إن منظمة دولية مقرها بريطانيا تحاول التغطية على جرائم النظام البحريني، وتسعى لإسكات الأصوات الدولية الناقدة لسجل حقوق الإنسان في المملكة الذي يعاني من تدهور ملحوظ في الفترة الأخيرة.
المنظمة المُشار إليها هي “مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية”، الذي يتولى رئاسته عمر الحسن، صاحب علاقات وطيدة بينه وبين عدد من المسؤولين في دول الشرق الأوسط المستبدة.
كما أن المركز الذي يمتلك مكاتب في لندن ومصر والبحرين، له تاريخ طويل في الدفاع عن سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تقديم الأدلة لاختيار اللجان وتنظيم رحلات “دراسية” إلى البلاد.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كتب عمر الحسن إلى رئيس مجلس العموم ليندسي هويل ينتقد هجوم بعض البرلمانيين على سجل البحرين لحقوق الإنسان، زاعماً أن النواب الذين عبروا عن مخاوفهم بخصوص الوضع الحقوقي في البحرين “لا يلتزمون بمعايير البرلمان البريطاني”.
في الرسالة التي اطلع عليها موقع PoliticsHome ، اتهم الحسن أعضاء البرلمان وأقرانه بتوجيه انتقادات “منحازة وملفقة” للبحرين، وادعى أن آرائهم تظهر “جهلاً و “تجاهلاً لـ “الإنجازات العديدة التي حققتها البحرين وتعد محل فخر في مجال حقوق الإنسان والتنمية البشرية “.
وأضاف أن هذه الآراء “تثبت أن البلاد كانت مستهدفة بشكل غير متناسب”، وأن “الانتقادات الموجهة إليها مبالغ فيها”.
بحسب منظمة العفو الدولية، تواصل البحرين إجراء “محاكمات جائرة” للمتظاهرين ومنتقدي الحكومة على الإنترنت، مشيرة أن المعتقلين تعرضوا “لسوء المعاملة” والتعذيب في أحيان كثيرة، بالإضافة إلى استمرار إصدار أحكاماً بالإعدام على معارضين بعد محاكمات “بالغة الجور”.
في مقابلة مع موقع PoliticsHome ، قال السياسي البريطاني عن الحزب الليبرالي الديمقراطي اللورد سكريفن إن رسالة الحسن “ليست أكثر من استمرار لمنهج الهواة والصفع من قبل السلطات البحرينية لمحاولة إنكار سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان وتقويض أو محاولة إسكات أولئك الذين يتحدثون منا ويسعون لفضح تلك الجرائم”.
وأضاف “من الواضح للكثيرين أن السفارة البحرينية هنا في المملكة المتحدة تسيطر تماماً على عمر الحسن”.
الحسن، الذي سبق له تنظيم رحلات إلى البحرين للنواب من خلال المركز الذي يرأسه، عمل في السابق كمساعد باحث للنائب المحافظ السابق ويليام باول في التسعينيات، وقد جذبت علاقتهم في وقت لاحق انتباه الصحافة بعد أن تم اكتشاف أن باول كان يتلقى مدفوعات منتظمة من المركز وعمل كمستشار للمجموعة.
قال أحد الموظفين السابقين في المركز لـ PoliticsHome إنه يعتقد أن المنظمة كانت “جبهة بحرينية… لطالما وصفتها بأنها واجهة لوزارة الداخلية البحرينية. وعندما يسأل الناس عنها، كنت أصفها دائمًا على أنها جبهة بحرينية”.
بالإضافة إلى ذلك، اتهم الحسن -الذي شارك في إدارة مجموعة من جميع الأحزاب من النواب والسياسيين في البحرين حتى عام 2010- أنه قدم أدوات مكتبية خاصة بمجلس العموم للموظفين في مكتبه بلندن لكتابة رسائل نيابة عن المجموعة.
قال عدد من الموظفين السابقين: “كانت لدينا إمدادات من أوراق مجلس العموم في المكتب لكتابة خطابات مثيرة للشكوك”.
وأضافوا أنهم يعتقدون أن الجماعة تلقت تمويلًا على مر السنين من عدد من الدول الأجنبية المختلفة، كان آخرها من البحرين.
كما زعموا أن الحسن كان قد أمر طاقمه ذات مرة بحضور و “تعطيل” حدث في مجلس اللوردات حيث تم تعيين مبلغ بحريني للتحدث.
“الحسن أرسل إلينا قائمة أسئلة من مكتب المركز في البحرين لاتهام اللورد الذي يدير الحدث بالتصرف نيابة عن المخربين الأجانب الذين يحاولون تشويه سمعة البحرين”.
وفقًا لـ Companies House -هيئة حكومية بريطانية تحتفظ بسجلات الشركات- فإن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، الذي يصف نفسه أنه “مؤسسة فكرية”، قام بإدراج أصولًا تزيد قيمتها عن مليون جنيه إسترليني في حساباته لعام 2020، وأن لديه أربعة موظفين يعملون في المملكة المتحدة، و 57 آخرين في الخارج.
كما أفادت وسائل الإعلام البحرينية الحكومية عن اجتماعات متكررة بين الحسن ومسؤولين بحرينيين أشادوا بعمل المجموعة، بما في ذلك اجتماع في البلاد قبل أسابيع فقط من الرسالة التي أرسلها لهويل.
وقال النائب عن حزب العمال أندرو جوين، الذي تمت الإشارة إليه أيضًا في الرسالة، إنه “أصيب بخيبة أمل من الرسالة” لكنه “لم يتفاجأ من نبرة الخطاب، ولا محاولات تمييزي شخصيًا”.
قال جوين إن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين “موثقة جيدًا ومقلقة للغاية”، مضيفًا أنه أثار مؤخرًا مخاوف بشأن وضع الأكاديمي الدكتور عبد الجليل السنكيس، الذي سجن لأكثر من 10 سنوات، بما في ذلك اعتقاله في عام 2010 بعد أن حضر ندوة في مجلس اللوردات حيث تحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان.
أُلقي القبض على الدكتور السنكيس في مطار البحرين الدولي فور عودته، حيث أفادت وكالة الأنباء الحكومية في البلاد أنه تم اعتقاله لأنه “أساء إلى حرية الرأي والتعبير السائدة في المملكة”.
وأضاف جوين: “أعتقد بقوة أن المملكة المتحدة يجب أن تتخذ موقفًا حازمًا ضد انتهاكات حقوق الإنسان، وأدعو وزارة الخارجية مرة أخرى إلى معالجة قضية الدكتور السنكيس والتدهور المستمر لحقوق الإنسان في المنطقة”، وأضاف “أرفض أن تخيفني هذه المراسلات المستمرة من النظام ووسطائه”.
وتابع “أعلم أن رئيس مجلس النواب يحظى باحترام كبير للبرلمانيين ومجلس العموم، ولا يساورني شك في أنه سيواصل حماية حقوق الممثلين المنتخبين في التحدث بحرية ودون خوف أو محاباة”.
من جانبه، قال متحدث باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي: “هذه الرسالة هي محاولة شفافة لخنق التدقيق البرلماني وإسكات النواب الذين يتحدثون علانية ضد سجل البحرين السيئ في مجال حقوق الإنسان”.
في رد مكتوب على الحسن، قال ليندسي هويل إن دوره هو “دعم النقاش ودعم حقوق مجلس العموم، بما في ذلك حرية التعبير”.
وأضاف: “سيكون من غير الملائم تمامًا بالنسبة لي أن أسعى لمنع الأعضاء من إثارة القضايا على النحو الذي يرونه مناسبًا”.
من ناحيته، قال سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية “إنه لأمر مروّع أن النظام البحريني يبدو وكأنه يدفع لشخص ما لترهيب وإسكات النواب…. الناشط المضرب عن الطعام، علي مشيمع، شاهد الدكتور عمر الحسن يغادر سفارة البحرين في لندن أواخر العام الماضي”.
وتابع “تحت قيادة السفير فواز آل خليفة، تتشجع السفارة مرة أخرى بسبب عدم وجود عواقب لمحاولاتها الفاسدة لتقويض الديمقراطية البريطانية”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا