كتب- باسم الشجاعي:

أضاف وزير الأوقاف المصري، “محمد مختار جمعة“، وزير الأوقاف، فتوى جديدة إلى قائمة الفتاوى المثيرة للجدل، والداعمة لقائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”.
“جمعة”، قال -خلال خطبة “الجمعة” الماضية بمسجد القائد إبراهيم فى محافظة الإسكندرية الساحلية-، إن ” المتهرب من الضرائب أو الجمارك عليه إثم كبير ولن يُقبل منه صيام ولا صلاة ولا حجا”.​
الوزير المصري أكد أن أكل المال العام حرام شرعا، وأن التهرب من الضرائب والجمارك هو إحدى صور أكل المال العام، لأن تلك الأموال توجه لإنشاء مستشفيات ومدارس للمواطنين.

ووفق تقارير صحفية سابقة، فإن حجم التهرب الضريبي في مصر سجل قرابة 400 مليار جنيه ما يعادل 22.2 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية، موزعة بين تهرب جزئي عبر إخفاء بعض الأرباح وتهرب كلي من خلال الإفلات التام من منظومة الضرائب؛ حيث يقترب هذا الرقم من حجم الإيرادات العامة بمصر.
وتستهدف مصر تحصيل 604 مليار جنيه إيرادات ضريبية خلال العام المالي الجاري 2017-2018، مقابل 433 مليار جنيه العام المالي الماضي.

وأكثر الفئات الملتزمة بدفع الضرائب بكل أنواعها في مصر، هى فئة الموظفين الحكوميين –وهم الأقل دخلا-؛ حيث لا يستطيع التهرب من دفع الضريبة، خاصة أنه يتم اقتطاعها من راتبه.
أم الفئات الأكثر تهربا هم رجال الأعمال وأصحاب الأموال؛ حيث يقوم أصحاب الشركات بإخفاء الأرباح الحقيقية، ومن أشرهم، “آل ساويرس”؛ والتي قدرت بمبلغ 14 مليار جنيه في عام 2013، وذلك عن أرباح صفقة بيع شركة “أوراسكوم بيلدنج” إلى شركة “لا فارج” الفرنسية والتى حققت أرباحا لهما 68 مليار جنيه، نتيجة هذه الصفقة.
فتاوى وزير الأوقاف المصري، ليست الأولى ولا الأخيرة في عملية توظيف سياسي للدين بمصر، وخاصة منذ انقلاب “السيسي” على الرئيس “الأسبق”، “محمد مرسي”، في صيف 2013.. موقع “العدسة” يرصد في السطور التالية، كيف تم توظيف الفتاوى لخدمة النظام الحالي.
البداية كانت مبكرة وقوية حتى قبل تولي قائد الانقلاب السطلة؛ حيث شبّه الدكتور “سعد الدين الهلالي”، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، “السيسي” وزير الدفاع وقتها ووزير الداخلية “محمد إبراهيم” بالنبي موسى وأخيه هارون، معتبرًا أنهما من رسل الله.
وقال “الهلالي”، خلال حفل تكريم أسر ضحايا الشرطة المصرية في فبراير 2014: “ما كان لأحد أن يتخيل أن سنة الله تتكرر ويأتي مَن يقول لا إسلام إلا ما نمليه عليكم، ولا دين إلا ما نعرفه لكم (قاصدًا جماعة الإخوان المسلمين)، ويقيّض الله للمصريين مَن يقف في مواجهتهم لكي يحقق أن يكون الدين لله كما أمر الله فابتعث الله أيضًا رجلين، كما ابتعث وأرسل من قبل رجلين موسى وهارون أرسل رجلين وابتعث رجلين ما كان لأحد من المصريين أن يتخيّل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل، وما يعلم جنود ربك إلا هو… خرج السيسي ومحمد إبراهيم”.

وتعددت تصريحات المشايخ المشيدة بـ”السيسي” والمهاجمة لمعارضيه؛ حيث أجاز أستاذ الشريعة بالأزهر الدكتور “عطية عبد الموجود”، فبراير 2015، لقائد الانقلاب أن يفقأ عيون المصريين إن كان ينفِّذ في ذلك شرع الله.
وقال “عبدالموجود”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية “ريهام السهلي” ببرنامج نص الأسبوع على قناة “التحرير” الفضائية إن “حديث فقء الأعين وتقطيع الأرجل والأيدي، موجود في كتاب الإمام البخاري”، مؤكدًا أن “ذلك أجيز في حق من فعلوا الأمر المُنكر نفسه ضد خيرة قراء المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم”.
واستمرار على هذا النهج، افتى الداعية السلفي “محمد سعيد رسلان“، بحرمانية الترشح أمام “عبدالفتاح السيسي”، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في النصف الأول من العام الجاري (2018)، لافتًا إلى أنه هو “ولي الأمر”.

الوزير يناقض نفسه

يعتبر وزير الأوقاف المصري الحالي، “محمد مختار جمعة”، من أهل الحظوة؛ حيث يعد أقدم الوزراء الحاليين، وحظي بمنصبه في حكومة الانقلاب العسكري التي تشكلت برئاسة “حازم الببلاوي”، في يوليو 2013.
وتحولت الوزارة في عهده “جمعة” إلى بؤرة من الفساد، وذلك على خلفية تورطه في وقائع فساد عدة، أبرزها قضية الرشوة الخاصة بوزير الزراعة السابق “مسجون حاليًا”، “صلاح هلال”.
وكانت النيابة الإدارية في مصر قد تلقت بلاغًا عن الفساد المالي للوزير، واستغلال نفوذه في تجهيز شقة فاخرة مملوكة له بضاحية المنيل على نيل القاهرة، بنحو 772 ألف جنيه (نحو 43 ألف دولار)، من أموال الوقف الإسلامي، إلا أن النيابة اكتفت بمطالبة رئيس هيئة الأوقاف، “صلاح الجنيدي”، بتقديم استقالته، من دون أن ترفع تقريرًا بإدانة “جمعة”، الذي استغل نفوذه الوظيفي بالضغط على مدير الوقف بالوزارة.
وفي 23 أغسطس 2015، كشف تقرير الإدارة المركزية للتفتيش المالي، التابع لوزارة المالية، أن “جمعة” أرسل زوجته ونجله لأداء مناسك الحج على نفقة الوزارة الخاصة، في مخالفة للقانون، إلى جانب فضيحة “صكوك الأضحية”، وحصول الوزارة على 16 مليون جنيه (نحو 897 ألف دولار) من المواطنين، في الوقت الذي واجهت فيه الوزير اتهامات بعدم ذبح الأضاحي، بعد شراء لحوم مجمدة محلها، لا تتجاوز صلاحيتها خمسة أيام.

ارتباط الديكتاتورية بالكهانة

ماقام به “جمعة”، أمر مستهجن؛ وفق ما أكد الدكتور “محمود مهنى”، عضو هيئة كبار العلماء، الذي قال إن “عدم دفع المستحقات المالية من رسوم وضرائب وجمارك فيه مخالفة شرعية، نافيا أن يترتب على عدم دفع الضرائب عدم قبول الصلاة والصوم والحج”.
فيما رأى آخرون أن ما يقوم به علماء السلطة، وبيهم وزير الأوقاف “جمعة”، يؤكد استمرار ارتباط الديكتاتورية بالكهانة، وينمي تجارة الدين، لخدمة النظام.
ولوزير الأوقاف المصري الحالي تاريخ طويل من الفتاوى والتصريحات الداعمة للنظام الحالي، وربما هو مايفسر سبب احتفاظ بمنصبه منذ الانقلاب العسكري في 2013، وحتى الآن.
ففي ذكر الانقلاب الخامسة، وصف “جمعة”، إطاحة “السيسي”، بالرئيس “الأسبق”، “محمد مرسي“، بأنه بأعظم عملية إنقاذ وطنى.