يتمسك إقليم كردستان العراق بإجراء الاستفتاء المقرر له 25 سبتمبر الجاري لانفصال الإقليم عن العراق.

رئيس الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي مسعود البارزاني رفض جميع المحاولات والجهود المبذولة لتأجيل الاستفتاء لحين التوصل مع بغداد إلى صيغة جديدة.

لكن ثمة فاعلين عدة في الأزمة ، فهناك من يؤيد تلك الخطوة وهناك من يرفضها لدرجة التهديد بضرب الإقليم عسكريا في حال المضي باتجاه تنفيذ استفتاء الانفصال.

موقف البارازاني

رئيس إقليم كردستان في آخر تصريحاته شدد على عدم تأجيل استفتاء انفصال الإقليم عن العراق، إلا بعد استعداد بغداد للبدء بمحادثات جدية حول الاستقلال وخلال مدة زمنية محددة وبضمانات دولية.

وقال البارزاني في بيان له إنه مستعد للتفاوض مع بغداد لكن بعد الاستفتاء مشيرا إلى أن المحادثات مع العراق يجب أن تكون حول استقلال الإقليم وأن يكون لها سقف زمني وضمانات دولية.

وبين أن “البدائل المقترحة من قبل المجتمع الدولي تصر على إجراء المفاوضات قبل الاستفتاء، لكنها لا تضمن رغبة بغداد في بدء المفاوضات حول الاستقلال”.

العراق تهدد

ترفض الحكومة المركزية في العراق وبشكل قاطع إجراء إقليم كردستان استفتاء الانفصال فيما أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن استعداد بغداد التدخل عسكريا إذا أدى الاستفتاء إلى وقوع أعمال عنف في الإقليم، مشيرا إلى أن الاستفتاء يعد “تصعيد خطير” وسيتسبب بانتهاك سيادة العراق.

وأضاف العبادي في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” السبت الماضي : ” إذا كان السكان العراقيون مهددين باستخدام القوة خارج القانون فسنتدخل عسكريا”.

قرار المحكمة الاتحادية العليا

من جانبها أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، الاثنين 18 سبتمبر أمرا بإيقاف الاستفتاء لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور.

وتقدم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بطلب إلى المحكمة الاتحادية العليا لإصدار أمر حول عدم دستورية قرار الاستفتاء.

كما تقدم عدد من النواب والسياسيين العراقيين بطلبات أيضا لدى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم دستورية قرار رئيس إقليم كردستان إجراء استفتاء بغرض إعلان استقلال إقليم كردستان.

 

البرلمان العراقي

وفي منتصف الأسبوع الماضي صوت مجلس النواب العراقي بأغلبية أعضائه على رفض قرار إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء على انفصال الإقليم.

وقرر البرلمان العراقي تخويل رئيس الوزراء حيدر العبادي كل الصلاحيات اللازمة لمنع إجراء الاستفتاء داخل الإقليم وخارجه سواء في كركوك أو في المناطق المتنازع عليها.

وحمل البرلمان حكومة بغداد المسؤولية في الحفاظ على وحدة العراق والدعوة إلى حوار مع أربيل لحل المشاكل العالقة لمنع إجراء الاستفتاء.

 

موقف تركيا

لم يختلف الموقف التركي عن الموقف العراقي حيث أعلنت أنقره رفضها القاطع لإجراء الاستفتاء في إقليم كردستان.

وقال رئيس الوزراء التركي “بن علي يلدرم” إن بلاده لن تقبل بفرض أمر واقع على حدودها الجنوبية، وإنها سترد فورا على أي مبادرة تستهدف أمنها القومي، ولن تتردد في اتخاذ التدابير الضرورية في حال عدم الانصياع لتحذيراتها.

كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيبحث الملف مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في لقاء سيجمعهما خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

محللون سياسيون أتراك ذهبوا إلى أبعد من مجرد التهديد وأكد أغلبهم في تصريحات لعدد من الصحف والوكالات الدولية أن أنقره لن تتساهل في التعامل مع توجه سكان الإقليم للتصويت على الإنفصال وأن تركيا لن تتردد في توجيه ضربات جوية للإقليم الذي بات يهدد وحدة الأرض التركية.

موقف إيران

كما حذرت طهران إدارة الإقليم من إجراء الاستفتاء وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاتي إن “الاستفتاء هو محاولة غير مدروسة من شأنها تشكل خطرا يؤدي إلى صراعات جديدة تزيد من وتيرة الفلتان الأمني في المنطقة”.

وهدد بإغلاق الحدود مع الإقليم في حال قررت تنفيذ الاستفتاء مشيرا إلى أنه سيهدد سيادة العراق ويساعد على تصاعد التوترات غير المرغوب فيها.

الدول الداعمة

في الجهة المقابلة تقف إسرائيل داعمة بشكل كامل لإجراء استفتاء انفصال الإقليم عن العراق، واعتبر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن جهود الإقليم باتجاه الاستقلال هي جهود مشروعة يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول على دولة خاصة به، مشيرا إلى أن بلاده تدعم هذه الخطوة.

الموقف الإسرائيلي ربما يراه البعض منطقيا حيث تعمل على تنفيذ خطتها بتقسيم المنطقة لتسهيل السيطرة عليها لكن الموقف الغير منطقي والأكثر استهجانا هو الموقف الإماراتي المرحب والداعم لانفصال الإقليم.

مواقف المسؤولين الإماراتيين أكدت دعم انفصال كردستان عن العراق حيث وقعت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، ابتسام الكتبي، مذكرة تفاهم مع الإقليم مطلع العام الجاري للمساعدة في تنظيم عملية الاستفتاء.

وأكدت “الكتبي” في تصريحات لها أنه إذا أعلن عن استقلال كردستان بشكل كامل عن بغداد، فإن أبوظبي ستعترف بهذا الاستقلال وفقا لزعمها، وهو ما دعا قيادات سياسية عراقية لمهاجمة الإمارات.

الأمم المتحدة

قدمت الأمم المتحدة مقترحا على رئيس الإقليم مسعود البارزاني يقضي بالعدول عن الاستفتاء مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها ثلاث سنوات.

لكن هذا المقترح ووجه بالرفض من الجانبين العراقي والكردستاني حيث رفضته بغداد كونه يؤدي في النهاية إلى الانفصال فيما رفضه الإقليم لتمسكه بإجراء الاستفتاء في موعده.

وبحسب المقترح البديل الذي قدمه المبعوث الأممي في العراق يان كوبيش الخميس الماضي إلى البارزاني، فإن المقترح يفرض على حكومتي بغداد وأربيل الدخول في مفاوضات مكثفة من دون شروط مسبقة، وبجدول أعمال مفتوح لحل كل المشاكل وتحديد العلاقات المستقبلية وسبل التعاون بين الطرفين.