في الوقت الذي تفرج فيه السلطات المصرية عن العديد من المتهمين بالإساءة لمقام النبي، وازدراء الدين الإسلامي، فإنها تسابق الزمن في اعتقال الدعاة والباحثين الإسلاميين، وخصوصاً من العاملين في مجال مقارنة الأديان ودحض الشبهات حول الإسلام، مما يطرح تساؤلات حول المستفيد من وراء هذه الاعتقالات.
اعتقال أحمد سبيع
وفي أحدث حلقات حرب نظام السيسي على الدعاة في مصر، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الداعية أحمد سبيع، صاحب قناة البينة المتخصصة في مقارنة الأديان ومناقشة الإلحاد على يوتيوب، واقتادته إلى جهة غير معلومة، حسب أسرته ومصادر حقوقية.
وذاع صيت سبيع وظهر أثره الواسع خلال الفترة الماضية، فقد دخل مئات النصارى في الإسلام بعد مشاهدة إصداراته، حيث ينشر يومياً شهادات توثيق إسلام من تركوا النصرانية عبر حسابه.
ويوجه بعض المراقبين أصابع الاتهام إلى الكنيسة المصرية التي لم تتمكن من مقارعة الباحث أحمد سبيع بالحجة فلجأت إلى الوشاية عبر حملات منظمة قامت بها صفحات النصارى خلال الأسابيع الماضية، ويؤكدون أنه لا يمكن أن يكون القبض على هذا الشاب تصرفًا عشوائيا من النظام، حيث أنه لا يتداخل في المساحات السياسية، مما يرجح أن اعتقاله جاء بطلب مباشر من الكنيسة لإسكات صوته الذي أزعجهم وفق المراقبين.
وتفاعل العديد من النشطاء والمتابعين لسبيع مع نبأ اعتقاله، وأبدوا تضامنا واسعا، كما عبروا عن صدمتهم واستيائهم من اعتقاله، خاصة وأنه لا علاقة له بالسياسة ومعروف بعدم انتمائه لأي من الأحزاب والجماعات المصرية على الساحة.
تنكيل سابق
وكان الباحث المتخصص في مقارنة الأديان أحمد سبيع اعتقل مطلع العام الجاري، وأفرج عنه بعد أشهر من احتجازه دون توضيح أسباب اعتقاله.
وحينها قالت منظمة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات “قوات الأمن اعتقلت اليوتيوبر أحمد سبيع، صاحب أكبر قناة متخصصة في مقارنة الأديان على موقع الفيديو الشهير يوتيوب، والباحث في مقارنة الأديان، دون سند قانوني، واقتادته إلى مكان مجهول”.
وأشار أحمد العطار الباحث المتخصص في الشأن الحقوقي إلى أن اعتقال سبيع ربما يشكل صدمة للآلاف من متابعيه، إلا أن الأمر لم يكن مفاجئا للحقوقيين والمتخصصين في مجال حقوق الإنسان.
وتابع “السلطات المصرية ليس لها خطوط حمراء في التعامل مع أصحاب الرأي والفكر، فالكل مستهدف، وهذا ما أثبتته الأيام والأحداث”.
وأضاف أن سبيع مثل كثيرين من المعتقلين في السجون المصرية رغم كونه لا علاقة له بالسياسة ويحرص على عدم الدخول فيها، وهو معروف لدى الجميع بنشاطه الديني والفكري، فإنه لم يسلم مع ذلك من سياسة التنكيل وتكميم الأفواه التي تمارسها السلطات المصرية على الجميع.
ورأى العطار أن “هذه السياسة والنهج القمعي مع الجميع من النظام المصري القائم متوقع له الاستمرار” طالما “لا وجود لاحترام الإنسان والدستور والقانون”.
وتحدث ناشطون أن سبيع قد تعرض أثناء اعتقاله للمرة الأولى مطلع هذا العام لمساومات من قبل الأجهزة الأمنية، حيث تم التأكيد عليه ألا يتجاوز الخطوط الحمراء وأن يكون نشاطه محصورا في الإطار الأكاديمي دون التطرق إلى غير ذلك من مواضيع سواء في الشأن الداخلي المصري أو الإسلامي الخارجي وكذلك دون أن يمارس النشاط الدعوي التغييري والذي يعمل على تحول النصارى للإسلام.
واعتبر مراقبون أن دعم سبيع لبعض القضايا الإسلامية التي اكتسبت زخماً شعبياً واسعاً مثل قضايا “التطبيع” و “مقاطعة فرنسا والدفاع عن الرسول” أو “إدخال الناس في الإسلام” قد أثار حفيظة النظام وأجهزته الأمنية التي اعتبرت أن تبني سبيع لهذه القضايا يمثل خروجاً عن النص، مما دفعهم لإعادة اعتقاله مرة أخري.
مفارقة فجة
وبينما تعتقل الأجهزة الأمنية الدعاة والباحثين المسلمين، أفرج القضاء المصري عن متهمين ثبتت إساءتهم للإسلام ولمقام النبي، حيث قرر قاضي المعارضات بمحكمة الإسماعيلية إخلاء سبيل المدعو يوسف هاني المتهم بالإساءة للرسول الكريم، وذلك بالاكتفاء باعتذاره أمام المحكمة وتأكيده على احترام الأديان حسب ما زعمت المحكمة.
وتصدر “هاشتاج” على منصات التواصل الإجتماعي تحت عنوان “حاكموا جو هاني”، بتهمة الإساءة للدين الإسلامي وللرسول، صلى الله عليه وسلم، على خلفية ما جرى مؤخرا، بعد انتشار الرسوم المسيئة للإسلام وللنبي في فرنسا، والمطالبة في حملات عبر السوشيال ميديا، بمقاطعة المنتجات الفرنسية رداً على ذلك.
ورصدت “وحدة الرصد والتحليل” في مكتب النائب العام، صورة من محادثة نصية منسوبة لشخص مقيم بمحافظة الإسماعيلية تشكل جريمة ازدراء الدين الإسلامي بالإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت النيابة العامة وجهت تهمة إزدراء الدين الإسلامي للمتهم وواجهته بالمحادثات النصية التي جرت بينه وبين سيدة قامت بأخذها “سكرين شوت”، ونشرتها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي أكدت تحريات الأمن الوطني وتكنولوجيا المعلومات صحة الرسائل النصية وأنها ليست مفبركة، وأن المتهم كتبها من حسابه الرسمي الذي يحمل بياناته الشخصية، ورغم ذلك فقد أمرت المحكمة بإخلاء سبيله علي ذمة القضية.
وفي سياق متصل ، قررت نيابة استئناف القاهرة إخلاء سبيل محمد أشرف المتهم بالإساءة لإذاعة القرآن الكريم، وذلك بعد قرار حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي وسب وقذف مقدمي برامج إذاعة القرآن الكريم ونشر محتوى يهدد الأمن والسلم الاجتماعي من شأنه التحقير من إذاعة القرآن الكريم.
وكانت السلطات الأمنية قد ألقت القبض على أشرف في 12 من نوفمبر الجاري بعد بلاغ من الهيئة الوطنية للإعلام على خلفية فيديو كوميدي نشر على الإنترنت يسخر فيه من إذاعة القرآن الكريم ومذيعيها.
وتقدم عدد من المحامين ببلاغات ضد شاب يروج على موقع التواصل الاجتماعي لفيديو يسخر ويهين إذاعة القرآن الكريم، مطالبين بإصدار أمر عاجل للتحقيق في البلاغ الذي تحدث عن ظهور شخصية حقيرة بذيئة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر فيديو صوت وصورة يستهزئ ويسخر بأسلوب خسيس بمذيعين إذاعة القرآن الكريم حتى يضحك مجموعة من عديمي القيم والأخلاق وعلي درجة كبيرة من الانحطاط والإسفاف.
اقرأ أيضاً في العدسة: بـ 30 ألف إسترليني… حاكم دبي يشتري قرار المحكمة الاسكتلندية ضد السكان المحليين
اضف تعليقا