مقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة – إحدى أشهر الصحفيين في العالم العربي – ليس فقط ضربة حزينة وموجعة لأصدقائها ومحبيها، بل تذكير مؤلم بالواقع المأساوي والخطر الذي تعاني منه حرية الصحافة في الأراضي المقدسة.

كانت أبو عاقلة ضمن مجموعة من الصحفيين الذين غطوا غارة لجيش الاحتلال في مدينة جنين بالضفة الغربية يوم الأربعاء الماضي عندما، بحسب المراسلين الحاضرين، أطلق عليها جنود الاحتلال الرصاص في رأسها بالرغم من ارتدائها السترة الواقية التي كتب عليها (PRESS).

أصيبت شيرين في تلك الغارة هي ومنتج الجزيرة علي السمودي -الذي أصيب في ظهره- لكنها توفت على الفور، فيما نُقل هو إلى المستشفى.

من جانبها، اتهمت قناة الجزيرة القطرية، التي تعمل لديها شيرين، جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص على أبو عاقلة بصورة متعمدة وقتلها بـ “دم بارد”، على حد وصف إدارة القناة.

على الجانب الآخر، جاء الرد الإسرائيلي بالنفي كالمعتاد، واتهموا المقاومة الفلسطينية بقتل شيرين، لكن هذه الرواية لم يتم تصدقيها بعد فضح كذب الأدلة التي قدمها جيش الاحتلال.

السلطات الإسرائيلية فيما بعد قالت إن قواتها ربما أطلقت عليها الرصاص “بطريق الخطأ”، مع ذلك رفضت تحمل المسؤولية إلا بعد تقديم دليل قاطع على أن الرصاصة التي قُتلت بها شيرين إسرائيلية.

حتى الآن لم يتم تداول الأمر أمام القضاء، الرأي العام المحلي والعالمي فقط هو الذي يحرك القضية، حيث دعا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة -كون أبو عاقلة مواطنة أمريكية – إلى فتح تحقيق.

المملكة المتحدة كان لها موقف مخز -للأسف- في هذه المسألة، إذ التزمت وزيرة خارجية المملكة المتحدة، ليز تروس، الصمت ولم تطالب بفتح تحقيق أو البحث في الأمر.

من أطلق النار على أبو عقله يجب أن يحاسب، لكن الجيش الإسرائيلي الذي يحقق في القضية لن يحظى بثقة الفلسطينيين أو العالم بأسره، خاصة وأنه قُتل ما لا يقل عن 47 صحفياً على أيدي القوات الإسرائيلية منذ عام 2000، فضلاً عن أن الفلسطينيين معرضون للخطر بشكل دائم، ولا تُعطى لهم فرصة أبداً للمراقبة، ونادراً ما يتلقون اعتماداً رسمياً، وتفرض قيود إسرائيلية على تحركاتهم ويتعرضون للاعتداء مع ضمان الجانب المعتد الإفلات من العقاب، خاصة وأنه لم يُحاسب أحد في إسرائيل على مقتل أي صحفي حتى الآن.

يريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن مقتل أبو عاقلة، قبل مقتلها، قدم الاتحاد الدولي للصحفيين بالفعل ادعاءات للمحكمة بأن استهداف إسرائيل لوسائل الإعلام والعاملين بها يرقى إلى مستوى جرائم الحرب.

في مايو/أيار الماضي، قصفت إسرائيل أحد الأبراج الشهيرة في مدينة غزة -الذي يضم الشبكات الإعلامية الفلسطينية ووكالة أسوشيتد برس – زاعمة (دون تقديم دليل) أن حماس كانت تستخدمه.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتأجج بصورة متصاعدة تهدد بالاشتعال، إذ قتلت القوات الإسرائيلية، منذ تولي الحكومة الحالية السلطة في يونيو/حزيران الماضي، 76 فلسطينيا، من بينهم ما لا يقل عن 13 طفل، في الأراضي المحتلة.

إنه تجاهل إسرائيل للقانون الدولي يجب أن يتصدى له قادة العالم، خاصة مع استمرار السلطات هناك في عمليات الطرد الجماعي والتهجير القسري وهدم القرى الفلسطينية بالرغم من الإدانات الدولية التي ترفض توسيع المستوطنات غير القانونية على الأراضي المحتلة.

يصادف هذا الأحد ذكرى النكبة، حيث ينعي الفلسطينيون فقدان أراضيهم التي احتلها دولة إسرائيل -التي أقيمت حديثاً- وبالرغم من ضرورة تهدئة الأوضاع، إلا أن السلطات الإسرائيلية مستمرة في تأجيج العنف، آخرها اعتداد شرطة الاحتلال -يوم الجمعة- على مشيعين جنازة أبو عاقلة بالضرب وقنابل الغاز والهراوات.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا