العدسة – معتز أشرف
هي استباحة صهيونية سافرة إذن، تستغل الظروف الصعبة وغير المسبوقة للمسلمين والعرب، بحسب المراقبين، ولكنها باتت تسارع الخطى نحو انهيار محتمل للمسجد الأقصى للصعود بما يسمى مدنية القدس السفلى وتنفيذ المخطط الجهنمي للإطاحة بأبرز مقدسات المسلمين والعرب، فهل يستيقظ المسلمون على انهيار ثاني الحرمين، هذا ما نرصد ملامح أجابته، ولكن الإجابة الكاملة لدى من يهمه الأمر.
أكبر اقتحام!
الوضع يزداد سوءا في الأراضي المقدسة، ففي أكبر اقتحام للمسجد الأقصى منذ عدوان 1967، أقدم المئات من المحتلين الصهاينة الأحد على اقتحام المسجد الأقصى في إطار احتفال يطلق عليه الإسرائيليون “يوم توحيد القدس” الذي يوافق احتلال مدينة القدس بالكامل بعد احتلالها الشق الشرقي منها في حرب 67، وبلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى بلغ نحو 1620 شخصًا، وهو أعلى عدد يومي من المقتحمين منذ احتلال القدس في عام 1967 بحسب مراقبين، وهو ما أدانته دول منها قطر والأردن.
ورفع المحتلون الأعلام “الإسرائيلية” داخل المسجد الأقصى قبالة قبة الصخرة عند باب القطانين، في حين وفرت عناصر الشرطة الصهيونية الحماية الكاملة لهم لالتقاط الصور مع العلم وأداء صلاة جماعية، واعتدوا على حراس المسجد الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية الموجودين بين باب القطانين وباب السلسلة فضلًا عن قيامهم بخطوات استفزازيّة تضمنت رفع علم الكيان الصهيوني عند بوابات الحرم القدسي، ومنع عدد من المصلّين من دخول المسجد للصلاة، كما سجلت مسيرة اليمين الصهيوني قبل الاقتحام بحسب شهود عيان حوادث عنصرية أثناء مرورها بالحي الإسلامي، حين أقدم مشاركون بالمسيرة، على العبث بمتاجر مسلمين، وهم يرددون أغاني عنصرية، مناوئة للعرب والمسلمين.
من جانبها، دعت دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، دول العالم للتدخل ووقف ما يجري داخل المسجد الأقصى المبارك، والالتزام بقرارات اليونسكو وجميع القرارات الدولية، وناشدت المسلمين إلى القدوم للمسجد للرباط والصلاة فيه، للتشديد على إسلاميته في وجه ما يتعرض له من انتهاكات موضحة أن المتطرفين اليهود انتهكوا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وأدوا الصلوات والطقوس التلمودية الجماعية العلنية بحماية شرطة الاحتلال.
27 نفق مدمر
مفتي الديار المقدسة السابق، عكرمة صبري دق ناقوس الخطر في مواجهة أخطار الأنفاق والانهيار المحتمل، مؤكدًا أن حفريات عديدة أثرت بشكل مباشر على منشآت المسجد والأبنية المحاذية له، وأدى ذلك إلى تصدعات في السور الجنوبي وانهيار مباني وبيوت ملاصقة للسور الغربي للحرم وفي البلدة القديمة وحي سلوان، وباتت تشكل تهديدًا خطيرًا للمسجد ومنشآته بسبب تفريغ التربة من تحته وكشفه للأساسات، حتى إن المسجد الأقصى بات معلقًا ومن الممكن أن ينهار في أي وقت!، مشيرًا الي أن سلطات الاحتلال تستحدث كنسًا تحت المسجد الأقصى، بسبب عدم عثورهم على أي أثر يؤكد رواية الهيكل المزعوم، ويعرضون الآثار الإسلامية والعربية للعالم على أنها تعود للتاريخ العبري.
وبحسب الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، فإن الأنفاق الإسرائيلية تحت الأقصى بلغ عددها 27 نفقًا في أحدث الإحصائيات، وهو ما دفع الهيئة للتحذير من خطورتها على المسجد وكافة المباني القائمة بالقدس، بالتزامن مع تصريح الأمين العام للهيئة، عيسى حنا، عن وجود “إشارات واضحة بأن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لإقامة ما يسميه إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين، والقدس الكبرى كعاصمة لدولته”، والذي وصف الحفريات تحت المسجد الأقصى، بأنها باتت أشبه بمدينة كاملة، وبأنها تأتي في إطار خطة مبرمجة لتهويد المسجد، وآخرها 3 أنفاق: “الأول يمتد من حي سلوان وسط القدس إلى حائط البراق، وهو الجدار الغربي للحرم القدسي، والثاني من البراق إلى اتجاه المدرسة العمرية، بالحي الإسلامي وسط المدينة، والثالث من الحي الإسلامي إلى حائط البراق”.
ومؤخرًا كشفت لصحيفة هآرتس الصهيونية عن وجود “القدس السفلى”، وهي المدينة التي تم حفرها تحت البلدة القديمة والحرم القدسي وبعض أحياء القدس الشرقية، ويؤكد تقرير الصحيفة أن الحفريات أفضت إلى وجود مدينة كاملة تحت الأرض مكونة من أنفاق وممرات أثرية وسرية، ومساحات واسعة تم تحويلها إلى قاعات للصلاة وأخرى من أجل إقامة طقوس دينية، كالـ”بارميتسفا” وغيرها، مشددًا على أنه لن يدخل المدينة أي عربي أو مسلم أو مسيحي.
ويشير تقرير الصحيفة إلى أن سياسات الحفر والتهويد اتخذت منحى آخر مهمًّا، وتسارعت وتيرتها في عام 1996، عندما افتتح ما سمي “نفق الهيكل” من قبل رئيس بلدية الاحتلال في القدس آنذاك، إيهود أولمرت، برعاية رئيس الحكومة آنذاك، بنيامين نتنياهو، في ولايته الأولى، وبحضور عراب تهويد المدينة، إيرفينج موسكوفيتش.
وزير شؤون القدس السابق، حاتم عبد القادر يملك سيناريو مفزعًا في هذا الإطار يرجح سيناريو الانهيار المحتمل، حيث يرى أن هدف إسرائيل هو “بناء قدس سفلي يستولون عليها، في محاولة لإثبات أحقيتهم التاريخية المزعومة، ويستغلونها للسياحة الدينية وسلب البلدة القديمة، ومن الممكن أن تؤدي الحفريات وتفريغ التربة إلى هشاشة في أساسات الحرم والبلدة القديمة، التي تهدد بهدمهم في حال حصول زلزال طبيعي أو صناعي، تبقى بعده المدينة السفلى.
التهويد مستمر!
وبحسب دراسات وتقارير متواترة، فإن الكيان الصهيوني يستهدف تهويد المسجد الأقصى والقدس، بهدف تغيير معالم القدس وما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية؛ الدينية والتاريخية والثقافية حتى البشرية، التي تدل على إسلامية هذه الأماكن والمقدسات، وتحويل كل ذلك إلى معالم يهودية وفق التصور التلمودي، حتى يتسنى لليهود أن يثبتوا أحقيتهم بهذه الأرض.
وفي دراسة حديثة، فإن الصهاينة في سبيل ذلك يقومون بأعمال عدة للسيطرة على القدس، منها تفريغ المدينة من أهلها عبر مصادرة الأراضي والعقارات من أهلها، لاسيما الغائبين، وتهجير سكانها خارج المدينة، وعزل أحياء مقدسيّة بجدار الفصل العنصري، واعتبارها خارج مدينة القدس، ومنع أهلها من دخول القدس، على غرار العيزرية وأبو ديس والرام وضاحية البريد وغيرها، وسحب الهويات المقدسية من أهلها، ومنعهم بعد ذلك من الإقامة في القدس وبناء المستوطنات الصهيونية حول مدينة القدس بشكل دائري، وضمها إلى المدينة لتكثيف الوجود اليهودي لإعطاء صبغة يهودية للمنطقة، وتضييق الخناق على المقدسيين، وتقليل فرص العمل لديهم ليضطروهم إلى الهجرة خارج القدس.
وفي سبيل فرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي على المسجد الأقصى قامت سلطات الاحتلال بجعل محيط المسجد الأقصى يهوديًا صرفًا، أو ذا أغلبية يهودية ساحقة للسيطرة على المدينة والمسجد من خلال الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية وتحويلها الى بؤر استيطانية ومدارس دينية، مع تكريس الوجود اليهودي داخل المسجد الأقصى، وذلك بالصلاة فيه يوميًّا، وباقتحام باحاته في وضح النهار وأيام أعيادهم وبحماية من الشرطة الإسرائيلية أو ما يسمى حرس الحدود، لتثبيت مبدأ أن الأحقية لهم في المسجد الأقصى، والتدخل في صلاحيات الأوقاف الإسلامية المشرفة على المسجد، ومنعها من القيام بأعمالها لاسيما ترميم المسجد وأبنيته وساحاته، حتى كادت جدران بعض أماكنه أن تسقط، وذلك بسبب الحفريات التي تجري تحته أيضًا، ومنع المصلين الآتين من الأراضي المحتلة عام 48، أو أهل قطاع غزة، أو الضفة الغربيّة، أو حتى المقدسيين أنفسهم من الدخول إلى المسجد، مع وضع عراقيل وشروط لذلك، على غرار منع الرجال الذين دون الـ 40 عامًا من دخول المسجد، واستخدمت لتمرير ذلك عددًا من القوانين منها قوانين مصادرة الأراضي والتنظيم والبناء وقانون الغائبين.
إبعاد الحراس!
المخاوف على المسجد الأقصى تزداد مع استمرار إبعاد حراس المسجد بطريقة مريبة، حيث اتهم الشيخ عزام الخطيب، المدير العام لأوقاف القدس، الشرطة الإسرائيلية بالتأثير في عمل الحراسة داخل المسجد الأقصى وإبعاد حراس الأقصى عن المكان، لتتيح للمستوطنين والمتطرفين اليهود دخول المسجد، مؤكدًا أن الشرطة الإسرائيلية تعمد على إبعاد الحراس عن حراساتهم في المسجد الأقصى بين وقت وآخر، وتؤثر في موضوع الحراسة داخل المسجد الذي تبلغ مساحته 144 دونما، وتسمح للمستوطنين والمتطرفين اليهود بالعبث وانتهاك حرمة الأقصى”.
وكشف الخطيب أن (إسرائيل) حتى الآن أبعدت 5 حراس لمدة 6 أشهر، بعد أن أبعدت قبل ذلك حراسًا آخرين لفترات متفاوتة، مشيرًا إلى أن الشرطة تعتقل وتحقق وتبعد، حتى خلقت لنا خللًا في الحراسات، وحملتنا أعباء مادية ومعنوية، فيما أعلن حارس الأقصى البارز ناصر نجيب أن الشرطة الإسرائيلية عطلت عمل دفعة جديدة من حراسات الأقصى وظفها الأردن مكوّنة من 69 حارسًا كان من المفروض أن يباشروا عملهم منذ أشهر عدة، ولم تسمح لهم الشرطة بدخول الأقصى من دون موافقة الأمن الإسرائيلي رغم قدوم شهر رمضان والأحداث الجارية!.
اضف تعليقا