العدسة – ياسين وجدي:
تحركات أمريكية ، تدور من الكواليس إلى العلن ، دوامة جديدة تتحرك ببطء ولكنه مدروس ، لتحكم القبضة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وتستفزه وتضيق الخناق عليه في الداخل ليفاجأ العالم بانفجاره ضد الخارج.
“العدسة” يرصد مظاهر المواجهة المتصاعدة في الداخل الأمريكي ضد ترامب ، والتي تربك حساباته في الخارج ، بل قد تطيح به فعليا بحسب بعض المراقبين.
300 صحيفة !
المواجهة الداخلية الأبرز خلال الساعات الأخيرة ، كانت من منابر الصحفيين ، حيث اشتعلت حملة منظمة شنتها أكثر من 300 وسيلة إعلامية ضد ما أسمته “حرب ترامب القذرة ضد الصحافة” بدعوة أطلقتها صحيفة “بوسطن غلوب” ، وطالبت خلالها بإدانة واسعة في أنحاء الولايات المتحدة لما سمّته “الحرب القذرة” من الرئيس الأمريكي على وسائل الإعلام.
ترامب الذي أشعل الغضب العالمي ضد أمريكا ، حرض على العنف ضد الصحفيين داخل بلاده ، وسخر من وسائل الإعلام الأمريكية ووصفها بأنها تروج “أخبارا كاذبة”، وهاجم الصحفيين واعتبرهم “أعداء الشعب”، فأشعل الغضب الداخلي حيث استجابت عشرات الصحف لدعوة الاحتجاج ضده وقرروا جميعا أن يتولى كتاب المقالات الحملة .
وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا وصفت فيه هجمات ترامب بأنها “خطر على شريان الحياة الديمقراطية”، فيما قالت “نيويورك بوست ” : “نشرنا حقائق مزعجة لا يعني أننا ننشر أخبارا مزيفة”، فيما انضمت صحيفة “توبيكا كابيتال جورنال” إلى الحملة رغم أنها مؤيدة لترامب وقالت إن هجوم ترامب على الإعلام: “مشؤوم. ومدمر. ويجب أن يتوقف فورا “، كما رصدت قناة سكاي نيوز الموالية لترامب انضمام صحف بعضها في ولايات فاز فيها ترامب خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016.
رجال الأعمال كذلك
وليست الصحافة التي دخلت في مواجهة مع ترامب فقط ، بل يتقدم رجال الاعمال في المواجهة والتي أسفرت عن احتقان واسع بعد قرار الرئيس الامريكي ، حل مجلسين استشاريين بارزين فى مجال الأعمال بعد استقالة عدد من الرؤساء التنفيذيين لشركات منهما احتجاجا على الإدانة المبهمة التى أطلقها ترامب عن العنف فى تشارلوتسفيل والتى راح ضحيته متظاهرة من المناهضين للعنصرية، حيث أعلن ترامب حل مجلس التصنيع الأمريكى والمنتدى الاستراتيجى والسياسى اللذين كانا يضمان بعضا من أبرز الشخصيات فى مجال الأعمال وذلك عقب استقالة ثمانية مسئولين تنفيذيين بهما.
الأزمة فضحت الخلافات الداخلية ، بعد إعلان الجمهوريين المحبطين ونواب بارزين فى الكونجرس أنهم نأوا بأنفسهم عن تصريحات ترامب ومن أبرز هؤلاء رئيس مجلس النواب الأمريكى بول ريان والسيناتور الجمهورى ماركو روبيوو فضلا عن السيناتور الجمهورى لينزى جراهام الذى قال فى بيان موجه لترامب “تصريحاتك تقسم الأمريكيين ولا ترأب الصدع بينهم”.
قمة هلسنكي تشهد !
تحرك الدولة العميقة ضد ترامب ، واضح كذلك خاصة بعد قمة “هلسنكى” بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، حيث تصاعدت أدخنة أخرى من داخل البيت الأبيض، بعد استنكار الرئيس الأمريكى نتائج تقارير الاستخبارات فيما يتعلق بالتدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية الرئاسية عام 2016، وسببت عاصفة انتقادات من كبار مسئولى الاستخبارات الأمريكية، ومسئولى الحزبين الجمهورى والديمقراطى.
وبحسب مراقبين فإن محاولات الدولة العميقة فى إثارة نتائج التحقيقات بشأن تورط 12 رجل مخابرات روسياً فى قضية التدخل بالانتخابات الأمريكية قُبيل القمة بساعات ساهم فى وضع «ترامب» فى موقف محرج، لكن غضبها بعد القمة أكبر حيث وصلت التحركات المناهضة لمطالبة أعضاء بـ«الكونجرس» بالقبض على «ترامب»، خاصة بعدما اعترف «بوتين» بأنه كان يريد فوز رجل العقارات على منافسته هيلارى كلينتون بالانتخابات الأمريكية السابقة فيما وصف السيناتور الجمهورى جون ماكين القمة بأنها «خطأ مأساوى» فى تاريخ الرئاسة الأمريكية.
المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي اف بي آي جيمس كومي أكد في هذا السياق أن ترامب غير مؤءهل أخلاقيا ليكون رئيسا للولايات المتحدة، مضيفا في مقابلة مع تلفزيون “إيه بي سي”: “لا أصدق تلك القصص التي تقول إن ترامب قد يكون غير مؤهل عقليا أو انه في مراحل مبكرة من الخرف .. إنه بكل بساطة غير مؤهل من الناحية الأخلاقية ليكون رئيسا”.
جيمى غوميز النائب الديموقراطى وصف ترامب في هذه القمة بالخائن قائلًا: «يستمر الرئيس الأمريكي فى بيع الولايات المتحدة لبوتين وروسيا، عدم الدفاع عن بلادنا أقرب الى الخيانة، فيما تطابق رأي جون برنان المدير السابق لسى آى ايه بين عامى 2013 و2017 مع رأي غوميز، مؤكدًا أن أداء ترامب فى هلسنكى “ليس أقل من عمل خيانة”.
الصراعات تحاصره !
الصراعات باتت سمة ترامبية في مواجهات المؤسسات الامريكية ، وسجلت احداث منتصف العام الجاري ، مظاهر أزمة كبيرة بين الجيش الأمريكي وترامب بسبب سوريا ، بعد اعلانه المفاجيء الانسحاب من الأراضي السورية، ووفق مراقبين جاء رفض الجيش الأمريكي للقرار ، دافعا لتراجع ترامب ، من أجل الرضوح لمطالب المؤسسة العسكرية في البقاء لمحاربة تنظيم داعش والقضاء على آخر جيوبه في البلد العربي، وهو ما قد يشكل أزمة بين الطرفين.
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، رصدت هذا الخلاف، الذي بدأ ينتشر ويصبح مثار حديث الناس في أمريكا وخارجها، مؤكدة أن مهمة وزارة الدفاع الأمريكية ضد تنظيم داعش ما زالت مستمرة، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب يرغب في سحب القوات الأمريكية من سوريا في أقرب وقت.
الصراع مع البنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية ظهر كذلك بحسب المراقبين في التعامل مع العلاقات الاستراتيجية الامريكية التركية ، حيث أن ترامب وحده هو المندفع نحو العداء مع تركيا، بينما تفضل المؤسسات الأمريكية أن تكون لها علاقات استراتيجية وجيدة مع تركيا، خاصة البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية، أما ترامب فيبحث عن إنجاز شخصي له، بعد سلسلة الإخفاقات التي تعرض إليها مؤخرا، وهو ما جعل اندفاع ترامب مقلقا للمؤسستين .
ووثق كتاب “نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض” للكاتب مايكل وولف تفاصيل مثيرة عن غرق البيت الأبيض فى الخلافات الداخلية والأيديولوجية والشخصية بناء على أكثر من 200 مقابلة مع كبار مستشاري ترامب ومعاونيه ومسئولين فى البيت الأبيض ومن الدائرة المحيطة به، مؤكدا أن البيت الأبيض غارقا فى الخلافات الداخلية، الأيديولوجية والشخصية، ورئيسا مستنزفا كلياً فى حروبه مع الاعلام، تحركه مشاعر الاضطهاد، ويؤرقه عدم قدرته على الثقة فى أحد، وثقل عبء المنصب والمسئولية.
أنطوني سكاراموتشي، المدير السابق للاتصالات بالبيت الأبيض كشف في هذا الاطار أن أشخاصا في واشنطن يعملون من أجل الإطاحة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما اعتبره مراقبون بجانب الفضائح المتتالية التي تنكشف للأمريكيين عن رئيسهم دونالد ترامب، من شأنهما أن يطيحيا بترامب من البيت الأبيض، إذا استشعر الكونغرس أن هناك خطرا من الرئيس على أمريكا.
احصائيات كاشفة !
وكانت وسائل إعلام أميركية رصد الغضب المتصاعد ضد ترامب ، وقالت في وقت سابق، إن شعبية الرئيس الأميركي دونالد ترمب شهدت تراجعا واضحا لدى الرأي العام مع مرور عام من حكمه.
وأظهرت إحصائية حديثة أجراها مركز الأبحاث “بيو” تراجع شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أدنى مستوياتها منذ توليه الرئاسة، حيث يؤيد 32 في المئة فقط سياسة ترامب. واعتُبر هذا الرقم تاريخيا وقياسيا، في الوقت الذي يعارض فيه 63 في المئة سياسة الرئيس الأمريكي ويبدون عدم رضاهم عن قراراته.
كما كشف استطلاع لمركز “Ipsos” لدراسات الرأي العام وموقع “Global News” أن معظم الأمريكيين يدعمون رئيس وزراء كندا، جاستين ترودو، مقابل رئيسهم، دونالد ترامب، في الخلافات التجارية الأخيرة.
وقال تقرير صدر عقب فرز نتائج الاستبيان،حول قضية الخلافات بين الولايات المتحدة وكندا بسبب الضرائب والرسوم المعلنة من طرف واشنطن، أن 57 بالمئة من الأمريكيين يؤيدون سياسة ترودو، مقابل دعم 37 بالمئة فقط لترامب، ما يعني أن الولايات المتحدة تشهد تحركات مدروسة لازاحة ترامب وفق البعض.
اضف تعليقا