العدسة – ياسين وجدي:

يوم بعد يوم ، تظهر مؤشرات لمزيد من القلق من الفوضى كالتي اظهرها الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي تجاه حليفه الرئيس الامريكي دونالد ترامب عندما سأله عن حقيقة عزله وتقويض بقاءه، بشكل بات واضحا للمراقبين أن الأمور تتفلت من تحت يدي ترامب.

“العدسة” يتتبع المؤشرات التي تتوالى من بلاد العم سام ، والتي تؤكد أنه لو لم يكن في الإمكان الاطاحة بترامب في وقت قريب ، فإنه في الامكان الاطاحة بسمعته وتقويض قراراته في كل مكان.

ملاحقة مهينة !

في المشهد الأول ، يقف روبرت مولر المحقق الخاص المكلف من قبل وزارة العدل الأمريكية للتحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية، فالرجل لا يكف بحسب مراقبين عن ملاحقة ترامب وهز ثقة الرأي العام فيه بصورة متتالية وقاسية ، وآخرها عندما في استقطاب بول مانافورت المدير السابق لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أقر بالذنب الجمعة أمام محكمة في العاصمة الأمريكية واشنطن، في اتهامه بالتآمر على الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تهمة التآمر لإعاقة العدالة.

 

المتحدث باسم مكتب المحقق الخاص بيتر كار قال إن مولر غير عريضة اتهام مانافورت بعدما وافق الأخير على اتفاق إقرار بالذنب مقابل تخفيض العقوبة، وذلك لتجنب محاكمته للمرة الثانية، في انتصار جديد على ترامب بعد أن أقر مايكل كوهين المحامي الشخصي السابق له بأن ترامب أصدر تعليمات له بارتكاب جريمة بترتيب مدفوعات قبل انتخابات الرئاسة عام 2016 لشراء صمت امرأتين تزعمان أنهما أقامتا علاقات جنسية مع ترامب وهو ما يزيد من من احتمال أن يبدأ الديمقراطيون تحقيقات مساءلة إذا سيطروا على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي.

أعوان ترامب ، يتخلون عنه رجلا تلو الآخر ، كما هو واضح ، فريتشارد جيتس المستشار السابق في الحملة الانتخابية لترامب ، أقر هو الآخر بالتآمر على الولايات المتحدة والإدلاء بشهادة كاذبة، ووافق على التعاون “الكامل في كل الجوانب” مع التحقيق الجاري بشأن التدخل الروسي ، كما اعترف مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق وأحد مستشاري ترامب المقربين جدا وأحد مؤيديه المتحمسين خلال حملة الرئاسة الانتخابيةبالكذب في شهادته أمام مكتب التحقيقات الفدرالي بشأن اجتماعاته مع السفير الروسي في الولايات المتحدة سيرغي كيسلياك، ولحق جورج بابادوبولوس بفريق المتخلين عن ترامب ، وهو أخطر من في المجموعة بحكم أنه مستشار سابق في حملة ترامب الانتخابية، وأول من اعترف بالكذب على مكتب التحقيقات الفدرالى حول اتصالاته مع الروس.

ترامب لم يُخف مرارا امتعاضه من عمل المحقق الخاص روبرت مولر، لكنه مضى مؤخرا إلى أبعد من ذلك، وكشف عن مخاوفه منه ، إذ طلب من وزير العدل وقف التحقيقات بشأن التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 بزعم نفيه أنه تآمر مع موسكو، ووصف مرارا تحقيق مولر بأنه يشبه “مطاردة للساحرات”، أي لا طائل منه، ولكن يبدو أن الأمور تفلتت من ترامب ولا طائل من طلباته لوزير العدل وفق ما يرى كثيرون، فالديمقراطيون في الانتظار بانتخابات الكونغرس النصفية التي تجري في نوفمبر المقبل.

كيري و إيران

في تحد مهين لترامب ، انطلق وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، في نفس قطار تقويض ترامب وسياسياته ، وعقد لقاءات مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في اجراء دفع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى التوتر الواضح والتصريح بعنف  قائلا : “ما فعله الوزير كيري غير لائق وغير مسبوق”.

بومبيو تحدث بغضب الذي يستشعر سحب البساط من تحت اقدام البيت الابيض في مواجهة ايران واظهار امريكا منقسمة ، وكانت كلماته واضحة لا تحتمل اللبس عندما قال :”ما كان يجب على كيري أن يشارك في هذا النوع من السلوك” ، وكشف بومبيو ، عن تدهور أمور ترامب وإدراته لدرجة غير مسبوقة ،  مضيفا : ”هذا وزير سابق للخارجية يتواصل مع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم .. كان يتحدث معهم… كان يقول لهم أن ينتظروا إلى أن ترحل هذه الإدارة. لا يمكن أن تجد سابقة لمثل هذا الأمر في التاريخ الأمريكي“.

 

انتقاد بومبيو لكيري بعد يوم من اتهام ترامب له في تغريدة ”بعقد اجتماعات غير مشروعة مع النظام الإيراني العدو“، لكن كيري قلب الطاولة بطريقة الواثق من انفلات الأمور من تحدي يدي ترامب عاجلا أو آجلا ، قائلا في مقابلة إذاعية مع محطة فوكس نيوز : “السيد الرئيس، يجب أن تكون أكثر قلقا بشأن لقاء بول مانافورت مع روبرت مولر من اجتماعي مع وزير خارجية إيران” وذهب متحدث باسم كيري في بيان إلى تشديد الهجوم فأضاف أن “ما هو غير لائق وغير مسبوق هو اختطاف منصة وزارة الخارجية من أجل مسرحيات سياسية”.

شواهد وشهادات !

الكتب باتت سلاح جديد في يد خصوم ترامب ، والتي كشفت في سلسلة خطيرة من الأسرار احساس ترامب وحلفاءه بانفلات الأمور من بين يديه وشواهد ذلك ، وتصدر بورصة الكتب كتاب الصحفي بوب وودورد (الخوف: ترامب في البيت الأبيض) والذي انتشر بحسب قناة سكاي نيوز الامريكية “انتشار النار في الهشيم” ، متناولا كواليس قيادة ترامب الفاشلة للبيت الأبيض، وكيف أنه “رئيس جاهل وغير أمين”.

 

مايكل وولف مؤلف كتاب “نار وغضب” توقع أن يضع مضمون هذا الكتاب نهاية لعهد ترامب في سدة الرئاسة، مؤكدا أن كتابه يعزز الاعتقاد السائد بأن ترمب غير مؤهل لمنصبه، وأن معظم الناس باتوا يشيرون إلى هذه الخلاصة، حيث بات “كل المحيطين بترامب يتساءلون عن قدرته على الحكم، ويقولون عنه إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعا، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله”.

كتاب “المعتوه” الذي ألفته أوماروسا نيومان المساعدة السابقة في البيت الأبيض عن تفاصيل تجربتها أثناء عملها لمدة عام مع الرئيس دونالد ترامب ، وتمكن من احتلال المركز الأول في قائمة أعلى الكتب مبيعا في الولايات المتحدة، يكشف تفاصيل مهمة في كيفية انفلات الأمور من ترامب ، حيث أبرزت  شواهد تشير إلى حالات ”نسيان وإحباط“، مؤكدة أنه ”لا يمكن إنكار تراجع قدراته العقلية“، وهو ما دفع ترامب إلى وصف نيومان بالفاظ غير لائقة منها أنها ”كلبة“ و“مجنونة“ و“وضيعة“!!.

أحاديث موجعة !

كل ذلك وغيره ، من الاحاديث التي بات يصف ترامب أمثالها بأنها موجعة ، يصب في صالح اصرار ما يسميه المراقبون الدولة العميقة بالولايات المتحدة على اظهار ترامب بمظهر الفاشل والعاجز ، وهو ما ترجمه حرفيا ستيف بانون كبير مستشاري البيت الأبيض السابق للشؤون الاستراتيجية لرويترز بقوله : إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواجه “انقلابا”.

بانون إنه الذي استقال من منصبه صرح وقتها بأن ”المؤسسة الجمهورية تتطلع لإبطال انتخابات 2016 وتحييد ترامب” وأن ” هناك عصبة من الشخصيات في المؤسسة الجمهورية تعتقد أن ترامب غير مؤهل لأن يكون رئيسا للولايات المتحدة”، مؤكدا أنه ليست “دولة عميقة” وفقط ، إنها “دولة ظاهرة”.

 

خصوم ترامب في المعسكر الديمقراطي ، يستشعرون بوضوح الازمة التي يحياها ترامب ، وهو ما ابرزه السناتور الديمقراطي باتريك ليهي في بيان تعليقا له على اداء ترامب بقوله : ” هناك أمثلة لا تحصى تخلق عدم استقرار غير هين يضر بالشعب وبمنصب الرئاسة في كل شيء تقريبا”، وهو ما يؤكد أن الديمقراطيين في انتظار اسدال الستار بأي صورة على غريمهم الاهوج كما يصفه معارضوه وبعض مساعديه السابقين.

حلفاء ترامب أيضا يشعرون بقلق من انفلات ابدي للأمور في البيت الابيض ، ونقل ترامب عن أن السيسي عبّر عن قلقه بشأن التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص الأميركي روبرت مولر، وسأله عما إذا كان سيبقى في الرئاسة، وأضاف أن السيسي قال إنه قد يحتاجه ليسدي له خدمة، وهو ما اعتبره ترامب كلام موجعا وضربا تحت الحزام .