تشهد الإمارات العربية المتحدة في الآونة الأخيرة انتقادات لاذعة من جهات إعلامية ودولية، ولا سيما من الأوساط الإفريقية، حيث وُصفت بالدولة المارقة التي تسهم في زعزعة الاستقرار العالمي.
وفي ظل هذه الاتهامات، تتزايد الدعوات لفرض عقوبات دولية على أبو ظبي، بسبب سياساتها المتورطة في تأجيج الصراعات الإقليمية، خاصة في إفريقيا، وبالسودان على وجه الخصوص.
طبقا لما أوردته شبكة “أفريقيا ريبورت” فالدور الذي تلعبه الإمارات في دعم الجماعات المسلحة مثل قوات الدعم السريع في السودان، وتورطها في تجارة غير مشروعة تسهم في تمويل أنشطة إرهابية.
دعم قوات الدعم السريع
منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان، ظهرت أدلة تؤكد أن الإمارات تقدم الدعم العسكري والمالي لميليشيا قوات الدعم السريع هذه القوات متهمة بارتكاب جرائم وفظائع بحق الشعب السوداني. في تقرير أعدته لجنة خبراء الأمم المتحدة، تم الكشف عن تورط الإمارات في تهريب الأسلحة إلى هذه الميليشيا، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان.
لا يقتصر دعم الإمارات على السودان فقط، بل يمتد إلى قضايا أخرى مشابهة، حيث استغلت الإمارات مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي بين 2022 و2023 لتحويل الأنظار عن انتهاكاتها لقرارات الأمم المتحدة.
وفي مثال واضح على ذلك، احتجزت الإمارات دينيش ماهتاني، عضو في لجنة خبراء الأمم المتحدة، بسبب مشاركته في فضح أنشطة غير قانونية، مثل تهريب الفحم من الصومال لتمويل حركة الشباب. وقد أظهرت التحقيقات أن الإمارات لعبت دوراً رئيسياً في هذه التجارة غير المشروعة، مخالفة بذلك قرارات مجلس الأمن التي تحظر استيراد الفحم الصومالي.
استغلال النفوذ الدولي
تُعتبر الإمارات مركزاً لتمويل الجماعات الإرهابية، من خلال شركات مالية تعمل في دبي في مارس 2024، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على عدة شركات وأفراد في الإمارات كانوا جزءاً من شبكة تدعم حركة إرهابية بأكثر من 100 مليون دولار سنوياً.
وبالرغم من هذه الانتهاكات، تم رفع اسم الإمارات من قائمة “الدول الخاضعة للمراقبة المتزايدة” التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) في فبراير 2023، مما أثار جدلاً واسعاً حول أسباب هذا القرار.
أدانت منظمة الشفافية الدولية هذا القرار، معتبرة أنه يشير إلى إفلات الإمارات من العقاب بسبب تأثيرها السياسي والاقتصادي. ووفقاً لتقرير المنظمة، فإن الإمارات لم تنفذ الإصلاحات المطلوبة لمكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، مما يجعلها عرضة للاستغلال من قبل الجماعات الإرهابية والدول الخاضعة للعقوبات الدولية مثل روسيا وإيران.
لا يقتصر تأثير الإمارات على تمويل الإرهاب فقط، بل يمتد إلى استغلال نفوذها الدولي في التلاعب بالقوانين. فهي تدير أكبر شبكة تجارية عالمية تتجاوز الأطر القانونية، وتستغل علاقاتها الدبلوماسية لتعزيز مصالحها، دون الخضوع للمساءلة.
دعمها لقوات الدعم السريع في السودان، ودورها في تهريب الذهب من إفريقيا، أمثلة على استغلالها للعلاقات السياسية لتحقيق أهدافها الاقتصادية.
على سبيل المثال، في اليمن، تورطت الإمارات في إدارة مراكز احتجاز سرية حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب. وقد كشفت الصحافية ماجي مايكل عن هذه الفظائع، ما دفع الإمارات إلى منع تعيينها في لجنة تابعة للأمم المتحدة.
كما منعت الإمارات تعيين الباحث شون بلور، الذي كشف عن تورطها في تجارة الذهب غير المشروعة في السودان والكونغو. هذه الأمثلة تدل على أن الإمارات لا تكتفي بارتكاب الانتهاكات، بل تسعى جاهدة لإخفائها ومنع أي تحقيقات دولية في أنشطتها.
دعوات لفرض عقوبات دولية
في ظل هذه الانتهاكات المستمرة، تدعو جهات دولية إلى ضرورة محاسبة الإمارات على سياساتها. تشير التقارير إلى أن الإمارات تتصرف كـ “عراب المافيا” في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث تتعامل مع وكلاء محليين لتحقيق أهدافها، مثل دعمها لقوات حفتر في ليبيا وقوات الدعم السريع في السودان. وقد أصبحت الفظائع التي تُرتكب في هذه الدول نتيجة مباشرة لهذه السياسات الإماراتية.
العالم بحاجة إلى الاعتراف بأن عدم محاسبة الإمارات سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع في مناطق الصراع، وإلى زيادة الجرائم المالية والانتهاكات الإنسانية. إذا استمرت الدول الكبرى في غض النظر عن هذه الممارسات، فإننا سنشهد المزيد من الحروب والمعاناة الإنسانية.
الخلاصة أنه من الواضح أن الإمارات تلعب دوراً رئيسياً في زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي، سواء من خلال دعم الجماعات المسلحة في السودان واليمن، أو من خلال تسهيل التهرب المالي وغسل الأموال لصالح الجماعات الإرهابية. إن مواجهة الإمارات كدولة مارقة يجب أن تكون أولوية دولية.
العقوبات المستهدفة والإجراءات القانونية الدولية هي السبيل الوحيد لضمان التزام الإمارات بالقوانين الدولية. استمرار التساهل مع هذه الانتهاكات سيؤدي إلى تفاقم الأزمات العالمية، وزيادة المعاناة الإنسانية.
اقرأ أيضًا : صحيفة أمريكية تفضح بن سلمان: الأمير غير مهتم بفلسطين لكنه يخشى شعبه
اضف تعليقا