ربى الطاهر
أثار قرار الحكومة المصرية برفع أسعارتذاكر متروالأنفاق الشارع المصرى وامتلأت محطات المترو بالمظاهرات والاحتجاجات.. وربما لم تهدأ هذه الثورة حتى كتابة هذه السطور، برغم الاعتقالات التي تحدث في صفوف المتظاهرين، ورغم ضخامة حجم هذا الغضب فإن قنوات الإعلام المصري لم تتطرق إلى هذا الجانب، وإنما ركزت في تغطيتها للحدث على استضافة وزير النقل لتبرير تلك الزيادة، ومطالبة الشعب المصرى بتقبل الأمر، حيث إن هذه المبالغ يتم صرفها على تطوير المشروع؟!
ولم يتوقف الأمر عند هذه الحد بل إن الكثير من التقارير الخاصة بالقنوات المصرية جاءت في إطار الإشادة بالتواجد الأمنى المكثف الذي يسيطر على تلك الاحتجاجات، والإشارة إلى نزول فرق من القوات الخاصة المصرية إلى منطق الاحتجاجات سواء كانت داخل محطات المترو أو خارجها.
وأشار بعض نواب البرلمان مثل محمد الكومي، نائب حزب المصريين الأحرار، وكذلك أحمد عبدالهادي، المتحدث باسم هيئة المترو في تصريحات صحفية إلى أن تلك التظاهرات مدفوعة بدعوات مشبوهة واستغلال غضب المواطنين لإثارة البلبلة تحت ستار زيادة أسعار تذاكر المترو!.
كما نشرت العديد من المواقع الإخبارية مانشتات تشير إلى أن الإخوان هم اليد المحركة لدعوات مقاطعة المترو وحاولت بعض المصادر الأمنية التي لم يذكر اسمها أو صفتها، وكذلك بعض المسؤولين في هئية المترو إلصاق تهمة تحريك المظاهرات إلى جماعة الإخوان المسلمين من خلال تصريحاتهم الصحفية، كما تم نشر أخبار متعددة كذلك عن بعض المصار الأمنية المجهلة أيضًا بإلقاء القبض على عدد مما وصفوهم بـ”مثيري الشغب” الذين كانوا يعبرون عن غضبهم مع كافة المصريين داخل محطات المترو إثر القرار بزيادة أسعار التذاكر.
ونشر عدد من المحامين الحقوقيين عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أنه قد تمّ القبض على ما يقارب الـ21 مواطنًا أثناء الاحتجاجات التي خرجت للاعتراض على قرار زيادة أسعار تذاكرالمترو.
موقف منظمات المجتمع المدني
كما أعلنت عدد من منظمات المجتمع المدني في مصر منها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، رفضها لحملات الاعتقال التي مارستها أجهزة الأمن، في الأيام القليلة الماضية لعدد من المواطنين لم يرتكبوا أي جريمة سوى التعبير عن رفضهم لزيادة أسعار التذاكر.
وذكرت المنظمات أن معظم هؤلاء المعتقلين من قبل قوات الأمن من موظفي بعض الجهات الحكومية أو الجهات الخاصة وهم بذلك معرَّضون للفصل من أعمالهم، وأشارت إحدى تلك المنظمات، وهي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن الأجهزة الأمنية قد تعاملت مع هؤلاء المعتقلين ممن كانوا يتظاهرون سلميًا بطريقة الكيل بمكيالين؛ فعلى الرغم من أن جميع المحتجزين قبض عليهم في مواقف قانونية واحدة؛ إذ إنهم جميعًا تم القبض عليهم من داخل محطات المترو أثناء تعبيرهم عن غضبهم ضد قرار رفع أسعار تذاكر المترو إلا أن جزءًا منهم تم إحالته إلى النيابة المختصة، والبعض الآخر تم تحويله إلى نيابة أمن الدولة العليا، وهو أمر غير عادل، ولا يحقق المساواة بين المواطنين، كما أن مثل هذه الأمور تثير التساؤلات حول ماهية المعايير التي تتعامل بها النيابة مع تلك الأحداث.
ولم يتم التوصل إلى أخبار هؤلاء المعتلقين إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال ما تخبر عنه منظمات المجتمع المدني التى تتولى متابعة “معتقلي المترو” في الأقسام والنيابات ونشْر أسمائهم والمستجدات من خلال أيضًا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يغير الإعلام المصرى منهجه في تأييد النظام في قرارته التي تثير غضب الشعب، فبرغم الحالة التي انتابت المصريين من هستريا الغضب والتى عكستها سبل الإعلام البديل الجديدة من مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام المعارض، فإن الإعلام المصري قد تجاهل كل ذلك، وأصر على نشر التصريحات الحكومية التي تسعى لتبرير ذلك القرار، وكيف أنها تعود على المواطن بالنفع، وأن عليه فقط الصبر لبعض سنوات حتى تحقق مصر آمالها العريضة الموعودة في نماء اقتصادي لا تدل عليه أي خطوة تم اتخاذها على أرض الواقع إلى الآن، وإن على المصريين تحمل هذه العقبات الاقتصادية والوقوف بجانب الدولة حتى تتمكن من القضاء على الإرهاب من أجل هذا النهوض الموعود.
وقد ركزت بعض القنوات المعروفة بموالتها للنظام من خلال برامج التوك شو والبرامج الحوارية على استضافة وزير النقل أو مسؤولين من وزراة النقل وهيئة متروالأنفاق ليبرروا أسباب اتخاذ هذا القرار، وكيف أن المترو المصري هو أرخص مترو على المستوى العالمى، وكيف أن التكلفة الحقيقية للتذكرة تصل إلى 16 جنيهًا و44 قرشًا تباع بأقل كثيرًا من سعر تكلفتها وباقي السعر تتحمله الحكومة، وكيف أن هذا الدعم يعرقل مسيرة النمو الاقتصادى، كما حرص هؤلاء على التأكيد على أن زيادة السعر قد جاءت مراعاة لظروف الدراسة فتمّ الانتظار لحين انتهاء الفصل الدراسي، وأكدوا أن اشتراكات الطلبة والموظفين ستخفف الكثير من الأعباء عن كاهل المواطنين، حسبما جاء على لسان عمرو شعت، مساعد وزير النقل والذي صرَّح بذلك في لقائه مع الإعلامى عمرو أديب في برنامجه مساء السبت.
أما الإعلامي الأبرز في محابته للنظام أحمد موسى فقد استضاف وزير النقل ورئيس هيئة مترو الأنفاق لمحاورته عن تلك الجهود التى تبذلها وزارة النقل لتطوير مرافق الدولة العامة، ومنها مترو الأنفاق والأصول العامة، وكيف أن هذا القرار وإن كان من الصعب اتخاذه في هذه الظروف، ولكنه كان حتميًا لضمان استمرارية خدمة المواطنين من خلال هذا المشروع وللنهوض بهذه المرافق وتطويرها، والتي هى بالأساس ممتلكات الشعب التي يجب الحفاظ عليها.
بينما استمرّت الصحف الورقية في نشر التصريحات على لسان رجال الحكومة من المسؤولين وبعض نواب البرلمان، وخاصة لجنة النقل التي تؤيد جميعها اتخاذ القرار، وتشجع النظام على اتخاذ الخطوات التى من شأنها تحقيق الإصلاح الاقتصادي، حتى وإن كانت على جثث الفقراء من الشعب المصري، وطالب الشعب المصرى بتقبل القرارات بصمت مطبق؟!
لجان المواجهة الإلكترونية
أما فيما اختص بمواقع التواصل الاجتماعي، فقد حاولت اللجان الإلكترونية مواجهة هذا الكم الهائل من الفيديوهات التي تعكس غضب المصريين داخل محطات المترو، وكيف أن جميع الركاب في حالة ثورة فالبعض قرر قطع خط المترو، والبعض الآخر اعتصم على الأرصفة يحمل لافتات تندّد بتظام السيسي الجائر، والبعض الآخر الذي لم يُعِر الماكينات اهتمامًا، وقرّر القفز من فوقها لتحدي القرار ومتخذيه، فخرجت مشاركات تلك اللجان على استحياء للدفاع عن النظام وقراره في محاولة لمسك العصا من منتصفها لعدم استفزاز المواطنين الذين لن يمرروا أمرًا كهذا دون الكيل لقائله فانتشرت بعض تلك المنشورات والتي كانت هذه بعضًا منها:
“التعاطف والشفقة والمشاعر لا تصنع الأمم ولا تبني اقتصادًا قويًا، بل القسوة والجَلَد والصبر والتضحية.. الحنية والطبطبة والدعم العشوائي وسعر الصرف الوهمي والعلاوة والمنحة يا ريس لا تبني دولًا بل أشباه دول”- على الرغم من هذا المصطلح “شبه دولة” مصطلح خاص بالسيسي الذي يعد أول من استخدمه-.
ومنشور آخر “زعلان من سعر المترو؛ قاطعه واركب ميكروباص أو توكتوك بـ5 جنيه أو 10 على كيفك.. المحصلة إننا نركب مرفق الدولة ببلاش إنما الخاص نركبه ونديله عنينا.. المشكلة كانت في نظام قديم ساب المترو 20 سنة بسعر التذكرة جنيه.. فالشعب اتعود على كده وافتكره حق مكتسب لأنه كان خائف من الإصلاح الاقتصادي ومش عايز يخسر شعبيته.. المفروض كان الاصلاح الاقتصادي يتعمل من 30 سنة”.
وأخيرًا “بيركب توكتوك مكسر وماشي مخالف لآخر الشارع ويدفع 5 جنيه للسواق المبرشم وفوقهم بوسة كمان، لكن يركب أسرع وأنظف وسيلة موصلات في القاهرة وتلفّ بيها القاهرة كلها من شرقها لغربها يعنى فوق الـ30 كم ومش عايز تدفع 5 جنيه علشان هو مقتنع إن المترو ده تبع الحكومة يبقى لازم يركب ببلاش”.
اضف تعليقا