كتب- باسم الشجاعي:
مع توسع دائرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، بدأت تنكشف من حين لآخر خفايا نشوء ودعم وتمويل الجماعات المسحلة في عدد من الدول العربية.
آخر ما كشف، وثائق تؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقف وراء تمويل قوي للنشاطات الإرهابية في الشرق الأوسط.
الوثائق التي نشرها موقع “إمارات ليكس” (منصة إعلامية متخصصة في نشر فضائح الإمارات وجرائمها) كشفنت عن اسم الممول الإماراتي للجماعات المسحلة في مصر وسوريا، ويدعى “على راشد النعيمي”.
من هو “النعيمي”؟
يعتبر “على راشد النعيمي”، أحد أقطاب رجال الأمن والاستخبارات الإماراتية، وهو من المقربين من ولي العهد الأمير “محمد بن زايد”، الحكام الفعلي للبلاد.
ويشغل حاليا منصب الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، ومنصب مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، وعضو في المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ويرأس تحرير موقع “بوابة العين” الإخبارية التابعة لحكومة دبي، ومركز هداية لمكافحة الإرهاب.
ولكن أهم المناصب التي يشغلها “النعيمي”، حاليا حلقة الوصل بين الإمارات والجماعات الإرهابية والمسلحة في عدة مناطق.
خريطة الدعم المادي
توزعت خريطة الدعم المادي والتمويل للجماعات المسحلة والنظيمات الإرهابية في عدد من البلدان حول العالم، في فترة ثورات الربيع العربي، كالتلي، ووفقا لما نشرت سابقا:
– “ولاية سيناء” في مصر التابعة لتنظيم الدولة. حصلت بـ31 مليون دولار.
– حركة الشباب الصومالية. حصلت على 60 مليون دولار.
– الجيش الإسلامي في ليبيا. حصل على 42 مليون دولار.
– الجماعات المسلحة في باكستان (أبرزها طالبان باكستان واتحاد المجاهدين). حصلت على أكثر من 120 مليون دولار
– الجماعات المسلحة في أفغانستان (أبرزها تنظيم القاعدة). حصلت على أكثر من 172 مليون دولار.
– الجماعات المسلحة في لبنان(أبزرها تنظيم القاعدة، وجبهة النصر). حصلت على أكثر من 170 مليون.
– الجماعات المسلحة في سوريا. حصلت على 500 مليون دولار بين العام 2011 و2015.
وعلى الرغم من كشف المتوالي للكم الهائل من الأموال التي قامت الإمارات لتحويلها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، خلال الآونة الأخيرة، إلا أن الغموض احاط بطريقة تحويلها، حتى كشفت الوثائق السرية الأمريكية المستور.
البداية من سوريا
باكورة الدعم المالي الإماراتي للجماعات الإرهابية في سوريا، بدأ عبر دفع 23 مليون دولار إلى لواء المهاجرين والأنصار في العام 2012، المنبثق عن تنظيم القاعدة، الأمر الذي ساهم بتمدد التنظيم بشكل كبير.
و”لواء المهاجرين والأنصار”، قوى عسكرية ضخمة تشكلت في عام 2012، تمتلك أربعين آلية مجنزرة عوضا عن راجمات الصواريخ.
وحصل تنظيم من “النعيمي” في 2015، على مبلغ 25 مليون دولار بالإضافة لإمداد التنظيم بخمس شحنات أسلحة تم جلبها من البلقان والجبل الأسود.
وكشفت “الوثائق”، أن “النعيمي” زار سوريا في صيف العام 2014 لحل مشكلات تنظيمية داخل جبهة “فتح الشام” لكن جهوده بائت بالفشل؛ حيث حدث انشقاق داخل التنظيم نشأ عنه تكوين وحدات قتالية صغيرة من أبرزها كتائب عيسى بن مريم وكتائب نور الغوطة وسرايا الناصر صلاح الدين وكتيبة سيف الله الشيشاني.
وفي نفس العام قام “النعيمي” بإنشاء مجموعة قتالية سلفية جهادية عرفت بإسم جماعة القرم الشيشانية؛ حيث تم تمويلها بمبلغ 18 مليون دولار.
وتم دعم المجموعة من خلالها استقدام مقاتلين إسلاميين من الشيشان بعضهم من جنسيات سعودية قاتلو ضد الروس في معركة جروزني الشهيرة.
وحصلت الفصائل السورية المسلح على الأموال نقدا في أثناء زيارات قياداتها إلى الإمارات بشكل سري تحت حجة مفاوضات الأحزاب السورية، فضلا عن عقد لقاءات أمنية تتم بين التنظيم و”النعيمي” وأفراد أجهزة الأمن، للإطلاع على السمتجدات.
كما كانت تستضيف الإمارات العناصر الإرهابية وتسهل تنقلاتهم عن طريق إعطائهم وثائق وجوازات سفر مزورة واستخدامهم لشركة الطيران الإماراتية، وذلك لضمان عدم الإيقاع بهم والاعتراف بما في جعبتهم وكشف تورط الإمارات في دعم وتمويل الشبكات الإرهابية في العالم.
من سوريا لمصر
واستمرارا لدور الإمارات التخريب، قام “النعيمي”، بزيارة مصر، ويرجح أن تكون هذه الفترة خلال الثورة المصرية في 2011، أو أبان حكم الرئيس “الأسبق”الدكتور”محمد مرسي”، التي مولت الانقلاب عليه في صيف 2013.
وقام “النعيمي”، بلقاء مجموعات سلفية هناك تم فيها الاتفاق على شن هجمات ضد مدنيين في سيناء على أن يتم إلصاق التهم بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ومن أبرز تلك الجماعات التي دعمها وشكلها جماعة “جند الإسلام”؛ حيث ظهرت الجماعة المرتبطة فكريا بفكر القاعدة، في 2012، وتعمل في سيناء، وقامت بعدة عمليات لتفجير خط الغاز بين مصر و”إسرائيل” والأردن، كما تبنت الهجوم على مقر المخابرات الحربية في رفح عام 2013، والذي أسفر عن 6 جنود وإصابة 17 آخرين.
نشاط “النعيمي”، بحسب الوثائق امتد لإنشاء مجموعة مسلحة أخرى أطلق عليها “المرابطون”، وهي فرع من تنظيم القاعدة ظهر في العام 2015 وقام بشن عشرات الهجمات ضد نقاط عسكرية تتبع للشرطة المصرية جنوب سيناء.
كما أن “النعيمي” وأثناء زيارته لمصر ومكوثه في إحدى منتجعات في العام 2016؛ حيث التقى سرا بأحد منظري السلفية الجهادية في سيناء (أبو معاذ السيناوي) وهو من أبرز المنظرين وله شعبية بين أفراد التنظيم في سيناء.
ماهي أسباب الدعم؟
ولكن يبقى السؤال المهم الآن، لماذا تدعم الإمارات الجماعات المتطرفة في الوطن العربي، وخاصة الدولة التي على علاقة جيدة بها كمصر وقائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”.
وفي هذا الصدد، يرى خبراء أن الإمارات تدرك جيدا أن الديمقراطية الناجحة في المنطقة تشكل خطرا جسيما عليها، وبالتالي فهي لجأت إلى أسلوبين أولهما دعم الانظمة الديكتاتورية، والثاني دعم الجماعات المتطرفة من أجل الحفاظ على نظام الحكم في أبوظبي.
وفي حالة كمصر يرى مراقبون، أن الإمارات تستمر في دعم الإرهاب في سيناء لإحكام قبضتها على “السيسي” ولضمان أمن استثماراتها في مصر وتحويل السياحة من القاهرة إلى لأبوظبي.
ومن المثير للدهشة في الأمر أن دولة مثل الإمارات، الذي تدعم الإرهاب في المنطقة وتقدم العون للمجموعات المسلحة، تتهم دولة مثل قطر بتمويل الإرهاب، لا بل وفرض حصار بري وبحري وجوي عليها بالتعاون مع “السعودية ومصر والبحرين”.
اضف تعليقا