“لا توجد حرية صحافة عندنا”.. بهذه العبارة كشف السفير الإماراتي في روسيا عمر غباش عن وجه أبو ظبي الحقيقي أمام العالم حيال الحريات وحقوق الإنسان.
غباش قال هذه العبارة في سياق استهجان الصحافة العالمية من مطالب دول حصار قطر (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بإغلاق قناة الجزيرة كأحد شروط عودة العلاقة مع الدوحة، معتبرا أن هذا الأمر منطقي وواقعي.
وزاد: “لا ندعي أن لدينا حرية صحافة، نحن لا نعزز فكرة حرية الصحافة، ما نتحدث عنه هو المسؤولية في الكلام”.
كان هذا التصريح إحدى مقدمات سيل من التقارير والتحقيقات المنشورة في مراكز حقوقية وصحف دولية، تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان وتراجع الحريات، بل وجرائم عابرة للحدود تقوم بها الإمارات في بلدان المنطقة، ليتم فتح “الصندوق الأسود” للإمارات في هذا الملف.
صفعة للإمارات
وفي ظل انشغال الإمارات بالأزمة القطرية ومحاولة التحريض الدولي ضد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كانت التقارير الحقوقية بدأت تخرج للنور عن طبيعة الدور الإماراتي في المنطقة وتحديدا من ناحية تراجع الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان.
عمر غباش
مطلع الشهر الجاري، أصدرت مؤسسة “فريدم هاوس” الأمريكية مؤشر الحريات في 195 دولة، لتحتل الإمارات المرتبة العاشرة في قائمة الأسوأ عالميا مسجلة 20 نقطة من أصل 100.
ولكن هذا المؤشر أظهر وجود دولتي الحصار “السعودية والبحرين” ضمن قائمة العشرة أيضا في مرتبة متقدمة عن الإمارات في الأسوأ، إذ حصدت الأولى 10 نقاط، والثانية 12 نقطة.
ولكن الغريب أن دول الخليج الثلاثة إضافة إلى سلطنة عُمان –أي 4 دول خليجية من أصل 6 أعضاء في مجلس التعاون- في قائمة الأسوأ في الحريات، وخرجت قطر والكويت من قائمة العشرة الأسوأ.
ولكن المفاجأة أن الدول الأربعة وضعت جنبا إلى جنب مع الدول التي تشهد نزاعات وصراعات مسلحة مثل ليبيا واليمن والصومال والسودان، بما يعني ضيق دول الخليج الشديد بالحريات وحقوق الإنسان لدرجة كبيرة.
مؤشر مؤسسة “فريدوم هاوس” أظهر المستوى المتدني لدولة الإمارات في مجال حرية الصحافة والإنترنت والحقوق المدنية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكن أحرزت أبوظبي الدرجة قبل الأخيرة في مؤشر الحقوق السياسية، بما يعني شبه انعدام للحريات السياسية، بينما سجلت نفس الدرجة على صعيد الحقوق المدنية.
وانتقد التقرير توسيع صلاحيات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، منذ تعرض شقيقه الأكبر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لسكتة دماغية في العام 2014.
“خليفة بن زايد” و “محمد بن زايد”
قمع المعارضة
التقارير الحقوقية حيال تردي أوضاع الحريات وقمع المعارضين والنشطاء في الإمارات ليست جديدة، ولكنها أخذت أهمية كبيرة أخيرا خاصة مع وضعها بجانب أخرى تحدثت عن انتهاكات حقوقية إماراتية عابرة لحدودها.
وقبل الخوض في تفاصيل انتهاكات الإمارات لحقوق الإنسان، كشف مسؤول إماراتي سابق عن جانب من ممارسات أبو ظبي.
مساعد وكيل وزارة المالية الإماراتية السابق جاسم راشد الشامسي، قال إن حكومة أبوظبي تورطت بمناهضتها للربيع العربي، وأصبحت تعتبر كل من ينادي بالحرية أو المشاركة السياسية عدوا لها، وتمارس القتل والتعذيب.
وأضاف أن حكومة أبوظبي تمارس القتل وأشكال التعذيب والتضييق على الحريات وتشتري أجهزة التنصت المتطورة لإظهار أنها تسيطر على الوضع.
وكنتيجة لانتهاكات الإمارات حقوق الإنسان والحريات، وعدم اتخاذ الدول الكبرى موقف من حكومة أبو ظبي، ظهرت “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات العربية المتحدة“، للمطالبة بمقاطعتها.
ودشنت الحملة عريضة توقيع تطالب فيها الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات ضد دولة الإمارات، بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الاتفاقيات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والبلدان الأخرى تستمر في حال استندت إلى احترام حقوق الإنسان وامتنعت عن ارتكاب الانتهاكات وهو ما لم يحدث في الحالة الإماراتية.
تقرير “هيومن رايتس ووتش” حيال قمع المعارضة وانتهاكات حقوق الإنسان كان وافيا ويوضح ممارسات حكومة أبو ظبي.
التقرير تطرق إلى أبعاد تراجع حرية التعبير إذ بمجرد كتابة بعض التغريدات على موقع “تويتر” يتم القبض على النشطاء والزج بهم إلى محاكمات بعد فترة اختفاء قسري.
ناصر بن غيث
وكان أبرز مثال على ذلك ناصر بن غيث، الذي أخفته السلطات قسرا في أغسطس 2015، وبدأت محاكمته أمام “المحكمة الاتحادية العليا” في أبريل 2016.
وكشف المقرر الخاص المعني بالتعذيب في الأمم المتحدة، عن تعامل الإمارات مع 5 مواطنين ليبيين محتجزين تعسفا منذ 2014، مشيرا إلى تلقيه معلومات موثوقة تفيد بإخضاع السلطات الرجال للتعذيب.
وهنا فإن أي صوت للمعارضة مصيره الاختفاء القسري وتوجيه اتهامات له تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2014، مستخدما عبارات فضفاضة لتسهيل ملاحقة المعارضين.
انتهاكات عابرة للحدود
ميول الإمارات لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية خلال ثورات الربيع العربي كانت حاضرة بقوة في بعض البلدان، خاصة مع تنفيذ نفس سياساتها الداخلية في انتهاكات حقوق الإنسان ولكن بصورة أشد.
في هذا المقام فإنه لا يمكن إغفال “فضيحة” السجون السرية الإماراتية في اليمن.
وفي يونيو الماضي، كشف تحقيق استقصائي لـ”أسوشييتد برس”، أن الإمارات وقوات يمنية متحالفة معها، تدير شبكة من السجون السرية بأرجاء جنوب اليمن، إذ اختفى مئات الأشخاص الذين تم توقيفهم أثناء تعقب مسلحي تنظيم “القاعدة”، وينتشر التعذيب وإساءة المعاملة على نطاق واسع، وهو ما أكدت عليه منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
واستعانت الإمارات بعناصر مسلحة يطلق عليها “النخبة الحضرمية“، والتي تشرف عليها وتدربها دولة الإمارات، وكانت هى أداة لاختطاف وتعذيب مواطنين يمنيين في سجون سرية بمعاونة القوات المسلحة الإماراتية.
“دحلان” و “بن زايد”
“فضيحة جديدة” تلقتها الإمارات بتسريب موقع “ميدل إيست آي” وثيقة تتحدث عن تحقيقات أجرتها المحكمة الجنائية الدولية لدور محمد دحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في دعم معمر القذافي لوأد الثورة الليبية في 2011.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في يونيو 2011 مذكرة توقيف بحق سيف الإسلام القذافي بتهمتين تتعلقان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
و”سيف الإسلام” مطلوب لمسؤوليته الجنائية المزعومة عن ارتكاب جريمة قتل واضطهاد المدنيين كجرائم ضد الإنسانية ابتداء من 15 فبراير 2011 فصاعدا في جميع أنحاء ليبيا”.
اضف تعليقا