تحدث ناشطون عن إعادة أعيد إحياء “أوبريت الحلم العربي” بمشاركة 11 فناناً عربياً في 26 فبراير وهو الأوبريت الذي اشتهر عام 2000، واكتسب مكانته البارزة عقب انتفاضة الأقصى الثانية، التي أشعل شرارتها وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ أرييل شارون، عقب اقتحامه باحة المسجد الأقصى. 

جدير بالذكر أنه اأعيد إنتاج الأوبريت في نسخته “الجديدة” برعاية إماراتية، ضمن برنامج “صناع الأمل” في موسمه الرابع، ليتحوّل الحلم العربي، بالتضامن والوحدة مع قضايا الشارع العربي وانكساراته ومعاناته، إلى أوبريت مفرغ من كل قضية، مضمونه لا يختلف عن رؤية الإمارات للتطوير، مجرد كلمات تنمية بشرية، صالحة لشركات متعدّدة الجنسيات، لا أوطان وأمم، واجترار للأوبريت السابق عبر صور أرشيفيّة، وكأن الحلم ما زال حلماً مع بعض التعديلات لتفريغه من العاطفة القوميّة.

لكن بالنسبة إلى جهة الإنتاج، فـ”صنّاع الأمل” مبادرة حكومية من إمارة دبي، برعاية حاكمها، محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف وفق موقعها الرسمي الى “الاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي”، وذلك عبر تكريم مبادراتهم ومشاريعهم وحملاتهم الإنسانية والخيرية والمجتمعية، وتحسين بيئاتهم.

يشار إلى أن تصاعُد أحداث العدوان الإسرائيلي الذي يتعرّض له قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والذي راح ضحيّته أكثر من 30 ألف فلسطيني دفع الكثيرين إلى استعادة الأوبريت، والمطالبة بجزء ثان منه، ما دفع مؤلفه مدحت العدل إلى إعلان إعادة تقديم الأوبريت في دار الأوبرا المصرية، ثم عاد وأعلن تأجيله إلى أجل غير مسمى، قبل أن يصرح بأن “الأوبريت سيقدَّم بمبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اللي هي صناع الأمل.

فيما أصرّ العدل في تصريحاته على أن الأحداث في غزة هي الدافع لإعادة تقديم الأوبريت، بعدما أصبحت “أكثر أغنية مطلوبة على محرك البحث غوغل”، وأن” رسائل (الحلم العربي) هي واحدة من أسباب التفكير في إعادة تقديمها، من خلال بثّ مباشر، مع تصاعد الجرائم الإسرائيلية الوحشية، وما نراه من موقف دولي مخجل ولا إنساني، يصل لدرجة التواطؤ”.

طبقًا لوجهة نظر أحد الكتاب الإماراتيين، صارت نسخة الأوبريت الحالية أفضل؛ لأنه صار – على حد تعبيره- خالياً من “الكراهية والسياسة”، أي خالياً من الموضوع، وهو المطلوب ربما.

فيما سعى القائمون على النسخة المحدّثة من الأوبريت، إلى ربطه بـ”صنّاع الأمل” الإماراتي الحكومي، عبر عبارة على لسان المغنية الإماراتية أحلام: “صنّاع الأمل اتلموا علشان الحلم كبير، الإيد بالإيد هيضموا للنهضة وللتعمير”، ليخلو الأوبريت من أي قضايا مشتركة عربية، أو أي قضايا تثير غضب إسرائيل، ولا يبقى سوى الغناء عن الأمل كمخدّر، في أوطان مأزومة، أزماتها أكبر من بضع كلمات محفّزة، كالعدل وحقوق الإنسان والحرية والتضامن العربي.

كذلك تسبب الحرص على عدم الإشارة إلى القضية الفلسطينية، في أن يظهر المطرب الفلسطيني محمد عساف، وهو ابن غزة، لكنه حاصل على الإقامة الذهبية في الإمارات، من دون علم أو كوفية فلسطينية.

يأتي ذلك فيما تسارع الإمارات الى التطبيع مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، وفتح خط “إمداد برّي” يمر عبر السعوديّة والأردن حسب القناة 13 الإسرائيليّة، والهدف منه “الالتفاف على الحصار البحري الذي ضربه الحوثيون في البحر الأحمر”.

يسهل الربط بين السلام “الإبراهيمي”، نسبة إلى اتفاقية التطبيع الإسرائيليّة مع الإمارات، وبين نزع كل ما هو شائك من الأوبريت، وقد يكون الدافع هو الحرص على ألا يُنتج الأوبريت بنوايا إدانة إسرائيل، وهي النوايا التي أعلن عنها مدحت العدل، مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، قبل تحوُّل دفة المشروع من الأوبرا المصرية إلى برنامج صناع الأمل الإماراتي.

اقرأ أيضًا : الكويت تمنع وقفة تضامنية مع غزة وسط انتقادات واسعة للسلطات