كتبه- غراس غزوان
دخلت الإمارات العربية مضمار السباق مع المملكة العربية السعودية للحاق بقطار خصخصة شركات كبرى تعمل في قطاع النفط، بعد تعرض إيراداتهما لضغوط بفعل انخفاض أسعار الخام.
فبعد أن أعلنت السعودية عزمها طرح نسبة من أسهم شركة “أرامكو” عملاق النفط العالمي في أحد البورصات العالمية كانت دبي على الجانب الآخر تخطو خطوات متسارعة نحو بيع ما لا يقل عن 10% من حصة شركة بترول أبو ظبي الوطنية في وحدة توزيع الوقود التابعة لها.
طرح “أدنوك”
حيث كشف سلطان الجابر وزير الدولة، الرئيس التنفيذي لمجموعة “أدنوك”، عن خطة الشركة المملوكة للحكومة لبيع ما لا يقل عن 10% من نشاط توزيع الوقود “أدنوك”للتوزيع”، في طرح عام أولي الشهر القادم، مشيرا إلى أن عملية الطرح للاكتتاب العام سيكون في سوق أبو ظبي للأوراق المالية.
وضمن إطار ما أطلقت عليه عملية إصلاح لهيكلها الرأسمالي ل”أدنوك” والتي تتضمن الطرح الأولي لحصص أقلية في بعض عملياتها، تعكف الشركة أيضا على تدبير قرض مجمع بقيمة ستة مليارات دولار.
وفي يوليو الماضي قالت “أدنوك” إنها قد تطرح بعض أنشطة الخدمات التابعة لها في سوق الأسهم وتدخل في شراكات مع مستثمرين عالميين لفتح أسواق جديدة في ظل الضغوط المتزايدة على ميزانيتها بفعل تراجع أسعار النفط، حيث تنتج “أدنوك” نحو 3 ملايين برميل من النفط يوميا بما يعادل نحو 3% من الإنتاج العالمي.
شركة أدنوك
ويرى كبير محللي الطاقة لدى ناتكسيس أبيشك دشباندي في تصريحات لوكالة رويترز أن خطط الإمارات لخصخصة بعض أسهم “أدنوك” تنسجم بشكل كبير مع ما تدرسه دول شرق أوسطية.
وكانت سلطنة عمان أعلنت في وقت سابق من هذا العام إنها تخطط لطرح أسهم في شركات مملوكة للدولة تعمل في أنشطة المصب للاكتتاب العام.
وكما توجد روابط كبيرة بين الإمارات والسعودية سواء في الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل ، أو حصار دولة قطر أو السباق نحو الخصخصة تشتركان أيضا في “رؤية “2030 ، حيث تهدف الدولتان لتقليل الاعتماد على النفط بهدف تنويع الاقتصاد.
ودفع التشابه في الرؤيتين “حليمة كروفت” الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأساسية لدى آر بي سي كابيتال ماركتس للتساؤل بشأن ما إذا كانت مؤسسة البترول الكويتية ستلحق بركب السعودية والإمارات في إدراج أصول لها بقطاع الطاقة.
رؤية 2023
السعودية وطرح “أرامكو”
على الجانب الآخر تخطط السعودية لطرح 5 % من أسهم شركة النفط الوطنية “أرامكو” لاكتتاب عام أولي، خلال 2018 بهدف جمع نحو 100 مليار دولار لضخها في استثمارات جديدة، ضمن رؤية 2030 التي أطلقتها المملكة لتنويع موارد اقتصادها وتقليص الاعتماد على صادرات النفط الخام.
أرامكو
لماذا التسابق ؟
تتخوف الإمارات من فشل عملية إدراج شركة “أرامكو” في الأسواق العالمية، لذلك تسعى للإسراع في طرح أسهم شركاتها في السوق قبل السعودية، حتى لا تتأثر بنتائج طرح “أرامكو”.
ورغم إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن طرح “أرامكو” غير مدرج ضمن رؤية 2030 إلا أن المملكة في ظل وضعها الاقتصادي المتأزم تحتاج إلى هذه الصفقة.
وأشار مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز قبل شهرين إلى أن “بن سلمان” خاطر بسمعته مرتين، الأولى حينما اقترح هذه الصفقة ضمن رؤية المملكة، وثانيها عندما قال إنه يتوقع إنجازها على أساس تقدير إجمالي لقيمة “أرامكو” يزيد على تريليوني دولار، وهو رقم أعلى بكثير من تقديرات المحللين بحسب الصحيفة.
واعتبر كاتب المقال أن فشل الصفقة سيحرج “بن سلمان” بشكل كبير وسيثير الشكوك حول مستقبله في قيادة المملكة.
وأشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى أن عملية بيع الأصول المملوكة للدولة ظاهرة جديدة نسبياً في الشرق الأوسط، حيث تملك الحكومات قطاعات كبيرة من الاقتصاد.
بن سلمان
تخوفات أخرى
ومما يزيد التخوفات لدى المستثمرين للدخول في مثل هذه الصفقات التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، وخاصة الحصار الذي تفرضه كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على دولة قطر.
وكما تضررت قطر من الحصار تضررت أيضا الدول المحاصرة بعد هروب العديد من المستثمرين من دول الخليج مخافة تطور الأمور واندلاع حرب في المنطقة.
وكشف تقرير لوكالة “بلومبرج” الأمريكية أن هذه الدول لم تعد رهاناً مضموماً للمستثمرين في أسواق الشرق الأوسط النامية، حيث تراجعت مكانة دول الخليج كاقتصاديات ثرية في مجال تجارة السلع وذات تصنيفات ائتمانية مرتفعة.
كما حذر “بيل وينترز” الرئيس التنفيذي لبنك “ستاندرد تشارترد” من أن حصار قطر والمقاطعة التجارية تهددان بتقويض وضع دبي باعتبارها مركزاً مالياً عالمياً، مشيرا إلى أن استمرار التوتر في الخليج قد يزيد من صعوبة عمل دبي كمركز إقليمي شامل لعمليات الشركات الدولية في الخليج.
كل هذه التخوفات تزيد من الشكوك حول نجاح طرح “أرامكو” في السوق الدولية، ويعتبر المحللون أن تقدير أصول شركة “أرامكو” بقيمة أعلى بكثير من التقديرات السوقية مؤشر مسبق على الفشل، وهو ما جعل الكثير من المحللين يشككون في إمكانية طرح المملكة للأسهم في البورصة الدولية من عدمه.
لذلك تسعى الإمارات جاهدة لإنجاز عملية طرح “إدنوك” قبل شروع المملكة في خطوتها .. فهل تنجح الإمارات؟.
اضف تعليقا