تصاعدت في الآونة الأخيرة الخلافات الحادة داخل معسكر التحالف العربي بقيادة السعودية، وطفى إلى السطح مجددا صراع المصالح المستمر بين الرياض وأبوظبي فيما يخص منطقة الجنوب اليمني، وكان أحدث حلقات هذا الصراع هو ما حدث في جزيرة سقطرى الجنوبية، عقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي -المدعوم إماراتيا- قبل أسبوع حالة الطوارئ العامة والإدارة الذاتية للجنوب.
واندلعت اشتباكات عنيفة في وقت سابق، الجمعة، بين قوات الحكومة الشرعية ومسلحين تابعين للمجلس الانتقالي الانفصالي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، في المدخل الغربي الرئيسي لمدينة حديبو مركز المحافظة.
وقال رمزي محروس محافظ أرخبيل سقطرى اليمني إن القوات الحكومية أوقفت تقدم مسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات باتجاه مدينة حديبو عاصمة المحافظة، وتابع في مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي: “ضميرنا لا يسمح لنا بأن نعتدي على أحد، ونأسف أننا نقاتل إخواننا لكن أجبرونا على ذلك ونحن مسالمون”.
وأضاف: “لم نطلق من قبل أية طلقة، لكن اليوم أجبرونا أبناء الضالع ويافع وأبين (محافظات ومناطق جنوبية) أن يواجهوا أبناء سقطرى، وبفضل الله أوقفنا تقدمهم”، مشيرا إلى أنه بناء على توجيهات رئاسية فإن قوات التحالف ستقوم بتأمين مدينة حديبو وإرجاع كل القوات إلى ثكناتها.
تشهد سقطرى، بين الحين والآخر، محاولات سيطرة على مرافق حيوية ينفذها مسلحون مدعومين من الإمارات، إضافة إلى عمليات تمرد لكتائب في القوات الحكومية والانضمام إلى قوات المجلس الانتقالي، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وسقطرى هي كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته ومكون من 6 جزر. ويحتل الأرخبيل موقعا استراتيجيا في المحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الأفريقي وقرب خليج عدن.
صراع المصالح يزداد
صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن الخلافات الجديدة التي ستظهر بعد إعلان الحكم الذاتي، قد تتسبب في توسيع رقعة الحرب، بعد أن كان الصراع الأساسي والأكثر شهرة بين الحكومة اليمنية الشرعية التي تدعمها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات من جهة والحوثيين من جهة أخرى.
وأوضحت أن المعركة من أجل مدينة عدن الساحلية الاستراتيجية ومناطق أخرى في الجنوب قد تشمل حلفاء داخل التحالف العربي، مشيرة إلى أن الخلافات داخل التحالف بدأت قبل عامين خاصة بعد رفض المجلس الانتقالي الجنوبي تحالف الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه هادي منصور مع حزب الإصلاح المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بينما يرى هادي أنهم جزء من النسيج اليمني.
وليست هذه أول محاولات الانتقالي الجنوبي لإعلان الحكم الذاتي والانفصال، ففي أغسطس الماضي، سيطر مقاتلو المجلس على عدن بعد أربعة أيام من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 40 شخصًا وإصابة 260 وإرغام عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار، مما دفع التحالف إلى استهداف حلفائه – المجلس الانتقالي – بضربات جوية.
وفي نوفمبر من نفس العام، وقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي اتفاقية سلام في الرياض، ورحبت بها السعودية والإمارات والقوى الغربية، واعتبرتها تمهد الطريق لحل سياسي أوسع ينهي الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية في اليمن، والتي تركت الملايين على حافة المجاعة وعرضة لتفشي الأمراض.
ونص الاتفاق على تكوين حكومة من أعداد متساوية من الجنوبيين والشماليين، وان تصبح قوات المجلس الانتقالي تحت سيطرة الحكومة، وأن يعيد المجلس جميع المباني الحكومية التي استولى عليها.
لكن محللون قالوا إن صفقة الرياض لم تتناول شكاوى الجنوبيين الأساسية أو قضيتهم الرئيسية بشأن الانفصال، وتراجعت المواعيد النهائية مرارًا وتكرارًا للاندماج العسكري وإنشاء حكومة لتقاسم السلطة من التكنوقراط، وألقى كل طرف باللوم على الآخر.
عدن مقابل سقطرى
في سياق آخر، يرى محللون أن انقلاب المجلس الانتقالي في عدن بمثابة رسالة جديدة من الإمارات إلى السعودية تثبت من خلالها أبوظبي قدرتها على زرع الفوضى في عدن ما لم تستجب السعودية لعروض المقايضة الإماراتية وفق صفقة مفادها “عدن مقابل سقطرى”.
يتبنى هذه الرؤية مسؤول الرقابة والتفتيش بوزارة الدفاع اليمنية العميد الركن “مسفر الحارثي”، الذي يرى أن التحركات الإماراتية في عدن تهدف بالأساس لإجبار السعودية وحكومة “هادي” على التنازل عن سقطرى التي تعد منطقة استراتيجية لطموحات الإمارات في اليمن والقرن الأفريقي.
ونتيجة لذلك، يبدو أن أبوظبي منحت الضوء الأخضر للمجلس الانتقالي للانقلاب على اتفاق الرياض من خلال تصرفات استفزازية مثل منع طائرة رئيس الوزراء اليمني من الهبوط في عدن، والتوعد مرارا بمنع الحكومة من الدخول إلى العاصمة المؤقتة.
وعلى الرغم من سيطرة “الانتقالي” على عدن منذ أغسطس/آب الماضي، وتحكمه الأمني في أغلب مؤسسات ومقار الدولة بعد أن أجبر الحكومة على الخروج من المدينة وعدم السماح لها بالعودة إليها، فإنه بقي يطالبها بدفع المرتبات وتوفير الخدمات، ووظف تقاعسها عن فعل ذلك خلال الأشهر الماضية لتبرير إعلان الإدارة الذاتية.
لكن هذه المحاولة للتنصل من المسؤولية لم تجد صدى لدى أغلب المحافظات الجنوبية، إذ انضمت لحج إلى 5 محافظات رفضت بيان المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي شبوة وسقطرى وأبين والمهرة وحضرموت، وطالبت بتدخل التحالف، بقيادة السعودية، والعودة إلى بنود اتفاق الرياض.
وفي ظل هذا الانقسام السياسي، فإن إعلان “الانتقالي” لإدارة ذاتية في عدن قد يدفع نحو مواجهات عسكرية جديدة بين مختلف مناطق الجنوب اليمني.
وهكذا ، ووفق مراقبين فيبدو أن صراع المصالح المستعر بين السعودية والإمارات في اليمن ينذر بتفكك التحالف القائم بينهم علي المدي البعيد، كما أنه سيزيد إلي اليمنيين معاناة إضافية بعد أن أنهكتهم نيران الحرب والحصار علي مدي سبع سنين أو يزيد، ليعيش اليمنيون بين مطرقة الحوثي من جهة وسندان التحالف المنقسم علي نفسه من جهة أخري
.
اقرأ أيضاً:
اضف تعليقا