قبل أربعة أعوام وبالتحديد في الثالث من يوليو 2013 برز الدور الإماراتي والسعودي في الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب في مصر.

استطاعت الإمارات من خلال تمويل الانقلاب العسكري السيطرة على مفاصل الدولة ودوائر صنع القرار ورأس السلطة في مصر من خلال ضخ عشرات المليارات من الدولارات ليكون رأس السلطة طوعا لها في تنفيذ أجندتها.

وبعد أن أطبقت السيطرة على النظام المصري جاء الدور على المملكة العربية السعودية، لكن بن زايد هذه المرة لن يضطر إلى إنفاق المليارات في المملكة للسيطرة على القرار فيها، فمحمد بن سلمان الملقب ب”الشاب الطائش” لا يدخر جهدا ولا يرفض نصيحة مقابل الوصول إلى العرش.

رحلة الصيد

فقبل عام ونصف لم يكن هناك أي نوع من التواصل يربط بين محمد بن سلمان وبن زايد ولا يعرفان عن بعضهما أكثر من الإسم، إلى أن جمعتهما رحلة صيد في المملكة استمرت ليومين لتختلف العلاقة بعدها وينشآن تحالفا واسعا.

وبهذه الخطوة نجحت الإمارات خلال هذه المدة القصيرة في السيطرة على دوائر صنع القرار ورأس السلطة في كل من مصر والسعودية وبدأت في تنفيذ أجندتها التي يراها المحللون بأنها متوافقة مع الخطط الإسرائيلية والأمريكية الرامية للسيطرة على الشرق الأوسط.

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، اتخذت السعودية منذ تحالف الأميرين عدة مسارات استراتيجية على مستوى السياسات الخارجية، معتبرة أن الرحلة كانت نقطة التحول بين بن زايد وبن سلمان.

وذكرت أن الإمارات كانت من أكثر الداعمين الداعمين لخطوات السعودية لكبح ما وصفته بـ “التشدد الديني” داخل المملكة وعداءهم للحركات الإسلامية في الخارج، لافتة إلى أن سياسة النظام السعودي  صاحب التوجهات المحافظة، جاءت متوافقةمع الجارة الصغيرة “المتحررة”.

دعم بن زايد

حصل بن سلمان على دعم كبير من الإمارات عبر الترويج له في الولايات المتحدة وتقديمه لواشنطن على أنه الفتى القادر على مواجهة الإرهاب والتطرف، ومع إدراك بن سلمان بأن الوصول إلى العرش يتطلب إنهاء أي تأثير لقطر في الساحة الخليجية فضل التحالف مع الإمارات وخوض معركة معها يستطيع من خلالها إعادة الزعامة للمملكة.

وكشفت الأزمة الخيلجية عن تطابق الرؤى بين ابن سلمان وبن زايد حيث عملت الدولتان في العديد من الملفات جنبا إلى جنب على رأسها إجهاض الثورات العربية ومناهضة الجماعات الإسلامية الكبرى كجماعة الإخوان المسلمين وفرض التطبيع مع إسرائيل.

حرب اليمن

وبعد أن وصلت الإمارات إلى السيطرة الكاملة على دائرة صنع القرار في المملكة وبعد أن تأكد لها حاجة المملكة للدور العسكري الإماراتي في اليمن باتت أبو ظبي قادرة على إخضاع قرارات وسياسات المملكة ووظفت ذلك في تحقيق مصالحها وأجندتها الرامية إلى السيطرة على الجنوب اليمني بالرغم من تعارض ذلك مع الأجندة السعودية.

وفي الوقت الذي كانت تدعم فيه الرياض وحدة الدولة اليمنية كانت الإمارات تدعم وتؤيد انفصال الجنوب، وتعمل بخطى متسارعة على إحكام السيطرة المنفردة على مضيق باب المندب والموانئ اليمنية، ومع ذلك لم تستطع السعودية الاعتراض على المطامع الإماراتية.

مصر.. الولاية الثامنة

على الجانب الآخر كانت خطوات بن زايد للسيطرة على مصر عقب انقلاب الثالث من يوليو متسارعة حتى أن البعض يرى أنها أصبحت ولاية ثامنة تضاف إلى الولايات السبع الإماراتية، وحولت مصر من دولة قائدة في الشرق الأوسط إلى دولة تابعة لها وذهبت إلى تعيين “وزير دولة” لها في القاهرة.

ولم يتوقف الدعم الإماراتي للانقلاب العسكري عند الدعم السياسي والمادي والعسكري، لتتدخل في كل تفاصيل الشأن المصري من أجل ضمان تحولها للتبعية الكاملة وتصبح أداة بيدها لحساب إسرائيل.

وعمدت الإمارات إلى الانتقام من جماعة الإخوان المسلمين ووظفت السلطة العسكرية للقضاء على الجماعة ووصفها بالإرهابية وحصر أولويات الدولة في مكافحة الإرهاب والملف الأمني.

واستخدمت الإمارات النظام المصري في عمليات خارجية وحرب بالوكالة في ليبيا واليمن بالإضافة إلى أدوار أخرى لعبتها الإمارات في ملف نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية لحساب إسرائيل المستفيد الوحيد من هذه الصفقة.

أوراق السلطة

ورغم أن بن زايد يمسك بأوراق السلطة في مصر إلا أنه في المقابل يملك أوراقا أخرى تساعده في السيطرة على السيسي في حال انحرافه عن الخطوط المرسومة له.

ويرى كثيرون أن زيارة السيسي الأخيرة إلى أبو ظبي كانت بهدف الترتيب لانتخابات الرئاسة المقرر عقدها خلال أشهر قليلة، حيث تحتفظ الإمارات بالفريق أحمد شفيق والذي تستخدمه كورقة ضغط وتهديد ضد السيسي.

وذهب البعض إلى أن السيسي ناقش مع الإمارات التهديدات التي يمثلها شفيق على نظامه بالإضافة إلى تقديم فروض الطاعة والولاء لولي النعم الإماراتي مقابل الحصول على ولاية ثانية في منصبه.