دولة تحتل إيران جزرها الواقعة على مضيق هرمز الذي يمر منه نحو 40% من إنتاج النفط العالمي، تركت هذه الجزر ورحلت بعيدا لتحتل جزرا في دولة أخرى.
هكذا تركت الإمارات العربية إيران تحتل جزرها وذهبت إلى اليمن تحت غطاء عملية عاصفة الحزم لتنفذ مخططها الاحتلالي وتوسيع نفوذها للسيطرة على المدن والموانئ الواقعة على مضيق باب المندب الواقع بين اليمن وجيبوتي.
أرادت الإمارات أن تروي غليل حرمانها من عقد تشغيل ميناء عدن الذي وقعته في العام 2008 حيث كان المنافس الأول لميناءيها جبل علي وراشد، وحرمتها الثورة من استكمال مخططها بالسيطرة على الميناء بعد أن ألغت حكومة الثورة الاتفاقية.
وتحت غطاء التحالف عادت الإمارات مجددا في 2015 إلى ميناء عدن بعد تواجد قوات أبو ظبي في جنوب اليمن غير أن الأمر لم ينحصر فقط في رغبتها السيطرة على الموانئ وذهبت لتمد نفوذها في الجنوب كله وخاصة المناطق المطلة على مضيق باب المندب “المهرة وحضر موت والمخا وعدن وشبوة وسقطرى”.
ويعد هذا المضيق أكثر ممرات طرق الشحن الدولية ازدحاما وبالسيطرة عليه تتحكم الإمارات في 12% من حركة التجارة العالمية.
مدينة ذباب
تمددت القوات الإماراتية المنضوية تحت التحالف العربي والمليشيات التي تمولها خارج سيطرة الحكومة اليمنية في جنوب البلاد واتجهت نحو الساحل الغربي وهناك تمكنت من طرد قوات الحوثي وصالح لكنها بنت قواعدها وهجرت السكان وبينهم أهالي مدينة ذباب الذين غادروا منازلهم على أمل العودة إليها….
وبالرغم من الإعلان عن تحرير المدينة المطلة على البحر الأحمر والقريبة من مضيق باب المندب غرب مدينة تعز في يناير 2017 إلا أن أهلها لم يستطيعوا العودة إليها بعد أن قامت أبو ظبي ببناء قاعدة عسكرية فيها.
باب المندب
ميناء عدن
يعزو البعض الوجود العسكري الإماراتي في عدن إلى رغبة أبو ظبي السيطرة على مينائها للأهمية الاستراتيجية العالمية خاصة أن هذا الاهتمام بدا مبكرا بعد توقيع اتفاقية بين شركة موانئ دبي ونظام المخلوع علي عبدالله صالح عام 2008…
وبموجب هذا الاتفاق كان مقررا تحديث مرفق الميناء وتأهيله ليصبح ميناء عالميا، إلا أن ما حدث بعد ذلك كان موجعا لليمنيين فبعد أن كان الميناء يستوعب 500 ألف حاوية في العام الواحد، وكان من المفترض أن يرتفع استيعابه إلى مليون حاوية خلال فترة محددة، انخفض العدد، وفي عام 2011 لم يستوعب الميناء سوى 130 ألف حاوية فقط.
ميناء عدن
وبعد نجاح الثورة في إزاحة نظام علي عبدالله صالح اتخذت حكومة الثورة في 2012 قرارا بإلغاء الاتفاقية بعد مظاهرات وضغط شعبي واتهامات للإمارات بقتل الميناء لصالح موانئها.
أرخبيل سقطرى
من خلال وجودها العسكري واستخدام الوجهات الاستثمارية والخيرية استطاعت الإمارات بسط نفوذها على أرخبيل سقطرى الذي يحوي 13 جزيرة من خلال ضباط أمن إماراتيين برغم رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تلك الخطوات الاستعمارية للإمارات.
أرخبيل سقطري
وبالسيطرة على هذا الأرخبيل استطاعت الإمارات السيطرة على مضيق باب المندب، حيث تشرف الإمارات على القوات العسكرية الموجودة في سقطرى والبالغ عددها أكثر من خمسة آلاف عنصر، وحولت الأرخبيل إلى أرض إماراتية خارج حدودها، بعد أن بدأت فعليا في بناء قاعدة جوية غرب مطار سقطرى وجندت المئات من شباب الجزيرة.
جزيرة ميون
كشف تقرير نشرته مجلة جاينز البريطانية المعنية بالبحوث العسكرية مطلع يوليو الماضي عن بناء الإمارات لقواعد عسكرية في مناطق متعددة من اليمن أبرزها التي بنتها على جزيرة ميون الواقعة في منتصف مضيق باب المندب.
جزيرة ميون
وذكر الموقع، أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن الإمارات تنشئ مَدرجا كبيرا على الجزيرة الواقعة بين اليمن وجيبوتي، مشيرًا إلى أن أبوظبي تبني قاعدة لدعم عملياتها العسكرية في جنوب اليمن ولتعزيز سيطرتها على مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية.
ميناء المخا
وبعد أن سيطرت على ميناء المخا قامت الإمارات بتحويله إلى قاعدة عسكرية ونشرت فيها نحو 400 جندي، ومنعت اليمنيين من الاقتراب منها وأصبح الميناء حكرا على سفنهم الحربية وإمداداتهم العسكرية.
الأهداف الإماراتية في اليمن
حرصت الإمارات منذ دخولها في حرب اليمن على تغليب أجندتها الخاصة بالمخالفة لاتفاقها مع الدول المتحالفة وقامت بالسيطرة على موانئ اليمن وشكلت قوات أمنية على الأراضي اليمنية تابعة لها، وقد أشار المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ إلى أن أطرافا إقليمية تستغل الوضع في اليمن لبسط نفوذها في المنطقة، وهو ما فسره البعض بأنه يشير إلى الإمارات العربية.
وبعد سرد جزء من الحقائق في هذا التقرير تتجلى الكثير من الشواهد التي توضح النفوذ الإماراتي والسياسي والاقتصادي وسعيها إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الخاصة.
وبحسب الباحث اليمني في الشؤون الاستراتيجية “علي الذهب” فإن أهداف أبو ظبي الاستراتيجية في اليمن تتمثل في:
– تعزيز نفوذها الجيوسياسي المتنامي فيما وراء بحر العرب، حتى خليج السويس، شاملًا ذلك خليج عدن، وغربي المحيط الهندي بما يحقق تقوية موقفها العسكري والاقتصادي في المنطقة ودعم مركزها السياسي في مجلس التعاون الخليجي.
– إرساء نظام اتحادي فيدرالي يمني من إقليمين أو ثلاثة، يحاكي، نسبيًّا، نظامها الاتحادي، خدمة لمصالحها في المنطقة.
– الاستغلال العسكري للمضايق، والجزر، والإطلالات البحرية المتعددة والمتنوعة، والسعي لإيجاد وضع خاص لميناء عدن، أو إلحاقه بموانئ دبي العالمية.
– التحكم في ستة قطاعات نفطية بحرية مغمورة، يقع ثلاثة منها قبالة السواحل اليمنية على البحر الأحمر، وثلاثة في خليج عدن.
– إضعاف قوى الثورة باستهداف حزب التجمع اليمني للإصلاح، بوصفه أبرز هذه القوى، فضلًا عن كونه، بحسب الرؤية الإماراتية، فصيلًا تابعًا للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي أدرجته ضمن قوائم الإرهاب.
أهداف استراتيجية
ويتوافق مع هذا الطرح أيضا الباحث في قضايا العالم العربي صلاح القادري الذي أكد أن أبو ظبي لديها خمسة أهداف استراتيجية في اليمن وهي:
القضاء على الثورة اليمنية كجزء من الربيع العربي.
القضاء على حركة الإصلاح كجزء من جماعة الإخوان المسلمين.
إسقاط شرعية الرئيس هادي وإفشال مشروع التحالف العربي الساعي لأن يكون اليمن عمقا إستراتيجيا للسعودية.
إقامة قواعد عسكرية للسيطرة على مضيق باب المندب وخليج عدن.
وأخيرا السيطرة على ميناء عدن وتحييده حتى لا يصبح منافسا لميناء دبي.
بن سلمان وبن زايد
لماذا تصمت المملكة؟
الاحتلال الإماراتي وأهدافه ربما لم تكن واضحة للملكة العربية السعودية في بداية الحرب إلا أنها وبعد مرور أشهر قليلة ظهرت من خلال قرارات وأفعال أبو ظبي، لكن المثير للقلق هو الصمت السعودي وتغاضيها عن أفعال الإمارات في اليمن.
يعزو أغلب المحللين الصمت السعودي إلى انشغالها في بالعمليات العسكرية على حدودها الجنوبية في ظل استمرار وصول الصواريخ الحوثية إلى داخل أراضي المملكة وتسببها في أضرار كبيرة في كثير من المناطق.
ويرى آخرون أن الرياض مستغرقة في مشاكلها الداخلية وترتيب أوضاعها خاصة بعد صعود الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد وانشغاله بالصراعات الداخلية لاختصار طريق الوصول إلى العرش.
أما الرأي الذي يرجحه غالبية المحللين هو عجز المملكة أمام الإمارات خاصة أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يسيطر بشكل تام على قرارات بن سلمان وهما اللذان اتخذا قرار الحرب في اليمن.
اضف تعليقا