أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة- التي تأسس النظام الحالي فيها عام 1971، وتضم 1.4 مليون مواطن فقط- إمبراطورية استعمارية قوية، مصممة على الهيمنة على المنطقة عسكرياً واقتصادياً، ما جعل خبراء الأمن القومي يصفونها بـ “فرانكشتاين الصغير”.
تمتلك الإمارات اليوم واحداً من أكثر جيوش المنطقة تطوراً بفضل تدفق أحدث المعدات العسكرية والأسلحة الأمريكية والإسرائيلية والصينية إليها، وتمكنها من تطوير أنظمة جمع المعلومات الاستخباراتية، ما أهلها للتدخل في الصراعات الإقليمية كتلك التي في اليمن وليبيا والصومال. في البداية كان سبب هذه التدخلات تعزيز استراتيجيتها الجيوسياسية الشاملة، لكن مع الوقت، انتهجت الإمارات سياسة احتلال أراض أجنبية لاستخراج موارده الطبيعية الثمينة.
في حوار سابق مع الصحفي اليمني محمد الرميم قال: “الإمارات العربية المتحدة ليست صديقة لليمن…. إنها دولة استعمارية… تسيطر على جميع الموانئ البحرية وآبار النفط وتسرق ثورات أهل اليمن “.
تسيطر الآن الإمارات على جزيرة سقطرى اليمنية الاستراتيجية، بعد أن استولت عليها الميليشيات المدعومة من الإمارات – المعروفة باسم المجلس الانتقالي الجنوبي في يونيو/حزيران 2020 – من القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فمن المعروف أن الإمارات تدعم بلا خجل المجلس الجنوبي في حربه ضد مليشيات الحوثي المتمردة، لتخلق بإذكاء هذا الصراع “حرب أهلية داخل حرب أهلية”.
تقع سقطرى، المعروفة باسم “جوهرة خليج عدن”، قبالة القرن الأفريقي، وتطل على مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بكل من خليج عدن وبحر العرب، وبسبب هذا الموقع الاستراتيجي المتميز، يسعى ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد إلى “السيطرة الكاملة على المجالين الجوي والبحري للأرخبيل، والاستيلاء على موارده الطبيعية، ونقل النباتات والمعادن والأحجار الكريمة اللازمة إلى أبو ظبي”، بحسب مختار الرحبي- مستشار وزير الإعلام في حكومة اليمن المعترف بها دوليا.
أرسلت الإمارات الشهر الماضي شحنة أخرى من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الجزيرة فيما يشكل انتهاكا واضحا لاتفاق الرياض، حيث وافقت الإمارات وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي على إلغاء مطالبهم بالحكم الذاتي في اليمن وتنفيذ اتفاق تقاسم السلطة الذي توسطت فيه المملكة العربية السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
في منشور على فيسبوك، أكد محافظ سقطرى رمزي محروس أن الإمارات تتحدى بشكل صارخ الحكومة الشرعية والسلطات المحلية، واصفًا الحشد العسكري لدولة الإمارة بأنه “دليل واضح على الأنشطة التي تجري في الجزيرة لزعزعة الاستقرار… وإثارة الفوضى وتقويض سيادة المحافظة بدعم أجنبي “.
وبحسب مسؤول يمني في سقطرى -طلب عدم الكشف عن هويته- “تم إرسال هذه المركبات العسكرية الإماراتية لاستخدامها ضد المدنيين والسكان المحليين، بحجة تقديم المساعدات الإنسانية”.
يُذكر أنه في 6 مارس / آذار الجاري، أقال المجلس الانتقالي المدير اليمني لميناء سقطرى لرفضه المتكرر للدخول غير القانوني لسفن إماراتية إلى الميناء، بما في ذلك سفينة تابعة لأمير الحرب الليبي الجنرال خليفة حفتر، واستبداله بشخص معروف بالولاء للإمارات.
من جانبها، قالت الصحفية نجلاء شهوان في مقال لها: “إن الموقع الاستراتيجي للجزيرة وإمكانية أن تصبح واحدة من أهم الأماكن في المنطقة قد جذب انتباه الحكومة الإماراتية التوسعية والطموحة، ولهذا السبب كانوا يرسلون قواتهم هناك للسيطرة عليها”.
وأشارت شهوان إلى أن “الوجود الإماراتي في سقطرى إلى جانب 78 محطة بحرية وجزرية تشغيلية أخرى في 40 دولة عبر القارات الست التي تسيطر عليها يمكن أن تجعل الإمارات واحدة من أقوى الدول على هذا الكوكب”.
في العام الماضي، كشف تقرير نشره موقع JForum الفرنسي اليهودي أن الإمارات دخلت في شراكة مع إسرائيل لإنشاء قاعدة استخبارات عسكرية مشتركة في الجزيرة لجمع المعلومات من جميع أنحاء اليمن ومن جميع أنحاء خليج عدن والقرن الأفريقي، بحجة العمل ضد إيران.
في هذا الصدد، قال محلل عسكري إسرائيلي للقناة 12 الإسرائيلية مؤخرًا: “جزيرة سقطرى تجذب الكثير من الاهتمام من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية”، مضيفاً “الإمارات العربية المتحدة تقوم حاليا ببناء قواعد عسكرية على الجزيرة وتستثمر لكسب دعم الناس هناك.”
إن السيطرة على سقطرى تسمح للإمارات العربية المتحدة بنشر قوة عسكرية على مسافة أبعد من حدودها وأعمق في المحيط الهندي، وهي فرصة لم تكن لتتحقق لو لم يقم المتمردون الحوثيون بإطاحة الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي ولولا انضمام الإمارات إلى المملكة العربية السعودية، في الحرب الكارثية التي تشهدها اليمن.
إن استمرار الإمارات في تنفيذ مخططاتها تلك يعني أن حقبة جديدة من الاستعمار واستخراج الموارد في الشرق الأوسط وإفريقيا قد بدأت، تقودها إحدى القوى الإمبريالية الجديدة: دولة الإمارات العربية المتحدة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا