في الوقت الذي تعلن فيه الإمارات عن انعقاد الدورة الثانية من القمة العالمية للتسامح  في 13 و14 نوفمبر المقبل في إطار سعيها لنشر وتعزيز ثقافة التسامح محليًا ودوليًا، تشن العديد من المنظمات الحقوقية والخبراء الدوليين حملات تدعو إلى مقاطعة الحدث في ضوء الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الحكومة الإماراتية في اليمن وقمع الحريات المدنية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تعتبر أن قمة التسامح هي أداة أخرى ضمن حملة الإمارات العربية المتحدة “لتبييض” سجلها في مجال حقوق الإنسان.

20 منظمة حقوقية تدعو لمقاطعة قمة “التسامح”

دعت أكثر من 20 منظمة حقوقية وخبراء حقوقيون المدعوين للمشاركة في مؤتمر القمة العالمي للتسامح لعام 2019 إلى الانسحاب، في ضوء الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الحكومة الإماراتية في اليمن وقمع الحريات المدنية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.

جاء في رسالة مفتوحة موقعة من منظمات تهتم بحقوق الإنسان، من بينها مركز الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسة فرونت لاين ديفندرز وPEN الدولية، أن “قمة التسامح هي أداة أخرى في حملة الإمارات العربية المتحدة “لتبييض” سجلها في مجال حقوق الإنسان”.

وحسب مجموعة “الحملة الدولية من أجل الحرية في الإمارات العربية المتحدة”، فالقمة هي “محاولة أخرى للتغطية على سجل حقوق الإنسان المروّع في الدولة الخليجية”، وأضافت المجموعة الحقوقية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها أنه “في حين أعلنت الإمارات “2019 عاما للتسامح”، فإن حرية التعبير تتعرض للقمع بشكل متزايد من قبل دولة بوليسية”.

أضافت المجموعة، “لقد عزز النظام الإماراتي ثقافة الصمت التي تعارض فكرة “التسامح”، وأشارت المجموعة لقضية أحمد منصور الذي حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات “لمجرد ممارسته حقه في حرية التعبير”.

الإمارات تجسست على أجهزة 1100 صحفي ومعارض

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا يتحدث عن كيفية محاولة الإمارات زرع برامج تجسس على أجهزة كمبيوتر 1100 معارض وصحافي، بينما قالت وكالة “”CNBC الأمريكية، إن دولًا، بينها الإمارات والبحرين، استأجرت شركة “NSO”  الإسرائيلية لاختراق هواتف صحفيين ومعارضين وجهات أخرى بينهم مسؤولون حكوميون، بهدف معرفة نشاطاتهم، وذلك في الدعوة التي رفعتها شركة “فيسبوك”.

وقالت الشركة، “على الرغم من أن البرامج الخبيثة لم تتمكن من خرق تشفير التطبيق المملوك من شركة فيسبوك، لكنها سببت مشاكل لهواتف المستخدمين وجعلت الشركة الإسرائيلية قادرة على اختراق الرسائل لديهم، والتي كانت قبل ذلك مشفرة على جهاز المستقبل”، كما وجهت “فيسبوك” الاتهامات إلى شركة “كيو سايبر”، وهي شركة تابعة لـ”NSO”، بوصفها مدعى عليه ثانيًا في القضية.

وتشير الدعوى إلى أنّ ” “NSOاستخدمت برمجيتها الأساسية “بيغاسوس” ليس فقط لاختراق الرسائل المرسلة على تطبيق واتساب، “بل لاختراق تلك المرسلة على منصات منافسة مثل آي مسج التابع لأبل وسكايب التابع لمايكروسوفت وتلغرام ووي تشات وفيسبوك ماسنجر”.

اعتقال الحقوقي أحمد منصور بعد التجسس على هاتفه

اعتقلت السلطات الإمارتية أحمد منصور من منزله، في 20 مارس 2017، بعد أن خضع للمراقبة الحكومية وللاستهداف ببرمجيات خبيثة متطورة، واختفى قسًرا لأكثر من ستة أشهر، دون أن تتيح له فرصة التواصل مع محامين، بينما سمحت له بزيارات عائلية متقطعة، وفي مايو 2018، أصدرت الإمارات العربية المتحدة حكمًا بسجن الناشط الحقوقي والأكاديمي أحمد منصور لمدة 10 سنوات، وغرامة مالية قدرها مليون درهم أي ما يعادل 272 ألف دولار، بتهمة التشهير والإساءة لحكومة الإمارات على شبكات التواصل الاجتماعي.

منظمة “سيتزن لاب” أطلقت على أحمد منصور اسم “معارض المليون دولار”، وهي منظمة متخصصة في البحث والتطوير والسياسات الاستراتيجية الرفيعة المستوى وتكنولوجيا الاتصالات وحقوق الإنسان والأمن العالمي، ومقرها تورونتو، حيث قالت المنظمة، “تلقى منصور رسائل نصية مشبوهة على هاتفه على أنها معلومات عن المحتجزين في سجون الإمارات وتدعوه للضغط على الرابط لرؤية المحتوى”.

اكتشفت المنظمة لاحقاً أن الرابط يؤدي إلى قرصنة الهاتف ببرمجية متطورة من إنتاج شركة برمجيات إسرائيلية تسمح للغير بالسيطرة على الهاتف وكاميرته عن بُعد، بالإضافة إلى مراقبة تطبيقات التراسل وتعقب تحركاته”، كما تقول المنظمة أن تكلفة اختراق هواتف الآيفون عبر هذه البرمجية، تقدر بمليون دولار لكل هاتف.

يذكر أن أحمد منصور قد كتب عدة مقالات انتقد فيها سجن الناشط السياسي أسامة النجار الإماراتي والذي قضى ثلاثة أعوام في السجن بتهمة “التواصل مع منظمات أجنبية وتقديم معلومات مضللة”، بحسب ما جاء على موقع منظمة “هيومن رايتس ووتش”، كما انتقد منصور على صفحته في تويتر، التحالف العربي بقيادة السعودية لاستخدامه القوة في اليمن وأثر ذلك على اليمنيين، وحصل عام 2016 على جائزة مارتن إنالز للمدافعين عن حقوق الإنسان.

يضاف إلى ذلك انتقاد الحكومة المصرية بسبب سياساتها الممنهجة في خرق حقوق الإنسان وانتهاك المعايير الدولية، كما أدار منصور منتدى “الحوار الإماراتي” وهي صفحة على الإنترنت انتقد فيها سياسات الدولة وقادتها، ورأت السلطات بأن ذلك “تآمر على أمن وسلامة الدولة، وتحريضاً للغير على مخالفة القانون والدعوة لمقاطعة الانتخابات والتظاهر ضد الحكومة”.

تعتبر الإمارات أن مجرد ممارسة الحقوق الطبيعية في “التعبير عن الرأي” جرائم تمسُّ أمن الدولة، إذ وصفت المحكمة “تغريدات” أحمد منصور على توتير بـ “جرائم إلكترونية”، واعتبرتها مسيئة لأمن الدولة، ويترتب عليها دفع مبالغ باهظة مع أحكام بالسجن لفترات طويلة والتعرض لأبشع صور التعذيب وانتهاك الكرامة الإنسانية.