انكشف الغطاء عن الوجه القبيح لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن جاهرت بالخطيئة الكبرى، وأعلنت للعالم ما كانت تخفيه طيلة سنوات طويلة من العلاقة المحرمة مع الكيان الإسرائيلي الغاصب.

لم يكن هذا الانكشاف مفاجئاً لأغلب المتابعين للشأن الدولي، باعتبار القرائن الكثيرة التي كانت تؤكد خيانة أبناء زايد للقضية الفلسطينة منذ سنوات بعيدة، بل، ولعبها دوراً تخريبياً وصل إلى حد التواطؤ مع العدو الصهيوني ضد القيادات الفلسطينية.

ولعل أبرزها، الدور المشبوه الذي لعبته في اغتيال القيادي في حركة حماس “محمود المبحوح”، بعد أن انكشفت خيوط المخطط السري للعملية، حيث شكّل سيناريو عملية الاغتيال، أبرز علامات التعاون الأمني السري بين الإمارات وإسرائيل.

كما تحدثت كثير من الأوساط الإعلامية والسياسية عن وجود زيارات لعدد من القيادات الأمنية والسياسية الصهيونية إلى الإمارات، والتنسيق في عديد من المواقف الاستراتيجية، التي تخص المنطقة الخليجية وأبرزها الملف الإيراني.

رغم تغاضي أغلب الدول العربية والإسلامية، عن تسريبات العلاقات المريبة بين الإمارات والكيان الغاصب منذ زمن، وانتظار صحوة الضمير لصبيان “بن زايد”، فإن الأمر ازداد سوءاً واستفحل أكثر، بعد أن تكدست ثروة النفط وامتلأت خزائن القطر الأجرد بمليارات الدولارات في وقت وجيز، لم يسمح لأمراء الصدفة بتحصيل مقابل علمي وحضاري يتماشى مع التغير السريع في أوضاع الإمارة.

وبطبيعة الحال كانت النتيجة متوقعة، بعد أن تم تسليم كنوز الأرض إلى من كان منذ سنوات قليلة، يفترش الأرض ويأكل من خشاشها، فأحدثوا فيها العجائب والبلايا، وتحولت الإمارات إلى خمَارات، امتلأت سكراً وعربدة، وارتفعت ناطحات السحاب لتضم آلاف الشقق المفروشة المعدة لاحتضان دور الخناء، وتم استجلاب جميع بغايا الأرض للعمل على إرضاء نزوات وأمراض صعاليك الصحراء.

كان ذلك مدخلاً طبيعياً للصهاينة، باعتبار مجالات عملهم التاريخية، تنحصر في البغاء والقمار والربا، وتم بذلك السيطرة على الأوضاع المالية والسياسية، ولم يكن غريباً الخروج إلى العلن بمثل هذه العلاقة الموبوءة.

أدوار الشر

لم يقتصر الوباء على الداخل الإماراتي، بل فاض العفن إلى الخارج، وشوه أغلب من تعامل مع هذه التوليفة الهجينة، بعد أن تم تأطير أبناء “بن زايد” وتدريبهم على القيام بالمهام القذرة، وعلى رأسها، تحقيق أحلام إسرائيل في التوسع من دجلة إلى النيل، بل ربما أكثر من ذلك بكثير، وحتى يستتب الأمن الصهيوني كان لابد من أن يتم تحطيم كل القوى المعادية، وبعد تحقيق نصيب هام في هذا الهدف، تم التحول إلى إجراءات احترازية، تتمثل في خنق كل نفس حر لأي عربي أو مسلم في أي مكان من العالم تحت شعار، حماية مستقبل إسرائيل من أي احتمالات ممكنة ولو بعد دهر.

لذلك، انبرت الإمارات إلى محاربة كل الثورات المطالبة بالديمقراطية، والخروج من الاستبداد خوفاً من أن تتحول الشعوب إلى مناصرة القضايا العادلة، فخصصت كل الأموال القذرة لدعم قوى الاستبداد، حتى تتمكن من تثبيت أركان حكمها المتهاوي، وقهر شعوبها، ونجحت في كثير من مساعيها الشريرة بالفعل، مثل الانقلاب على الحكومة الشرعية في مصر، ودفع العسكر إلى تحطيم خيارات الشعب الحر، وتدمير اليمن، وتحطيمه بالكامل حتى تفشل ثورته على جلاديه.

إضافة إلى ما تحدثه في ليبيا، من قصف للعزل، وتدمير للبنى التحتية، وتمويل لقوى الإرهاب، ودعم للمرتزقة الغاصبين، علاوة على التدخل في كثير من الدول في إفريقيا مثل الصومال وإرتريا، وإثيوبيا، والسودان، ومالي، ومحاولاتها المحمومة للإطاحة بثورة الربيع العربي في تونس، ورغم فشلها المذل في تحقيق عدد من أهدافها فإنها لم ترم بعد منديل التسليم.

ذراع إسرائيل

بعد الخروج إلى العلن بالعلاقة بين الإمارات الحزينة وإسرائيل البغيضة، لم يبق إلا أن نربط الأسباب بالمسببات، ونطرح السؤال عن أهداف الإمارات من كل ما تقوم به من شر تجاه دول بعيدة عنها جغرافياً، ولم تقم بأي شيء عدواني تجاهها في أي يوم.

وهو ما يحملنا إلى الجزم، بأنه ما من مبرر لاعتماد هذه السياسة إلا الخنوع المهين، إلى أسيادهم الصهاينة، الذين باتوا يملون عليهم الأهداف التي يرغبون في تحقيقها، ولا يجرؤون على فعلها بأيديهم لطبيعة الممانعة، التي تعتمل في صدور العرب والمسلمين تجاه كل ما يحمل أي أثر صهيوني، وبسبب عدم إمكانية تمرير الأهداف بشكل مباشر، كان لزاماً الالتجاء إلى وسطاء السوء للقيام بهذه المهام القذرة، فكانوا أشبه ما يكون بعرابي العصابات، الذين يتوسطون في تجارة المخدرات، وشبكات الدعارة، ويعتمدونها غطاء للتجسس والتخابر، فلا ينالون إلا الخزي والعار، مقابل إنجاح أهداف أسيادهم النخاسين.

اليوم انكشف الغطاء عن الحقيقة، وباتت إمارات الإبل منعوتة بأصابع الذل والمهانة، وأصبح الجميع يعرف، أنها ما دخلت بلداً إلا أفسدته، وليس لها إلا أن تنتظر اليوم الذي تدور فيه الدائرة على الباغي، فيسقط في حبال مكائده وليس ذلك ببعيد.