ترجمة عن مقال للمحاميين البريطانيين ريس ديفيز وبن كيث
عادة ما يكون اختيار أي دولة لاستضافة حدث عالمي ذو رمزية أو رسالة للعالم، لذلك فإن اختيار الإمارات لتنظيم مؤتمر قمة المناخ COP28 يثير علامات استفهام واضحة بسبب سجل الدولة الوحشي ضد حقوق الإنسان، وكون الدولة الخليجية من أكبر مصدري النفط -ملوث البيئة- حول العالم.
على مدار السنوات الماضية، سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى وضع نفسها كمنارة للحداثة، ومع ذلك، فإن قرار عقد مؤتمر Cop28 في الدولة الخليجية لا يمكن رؤيته إلا باعتباره إخفاقًا كبيرًا ومشكلة بسبب اعتماد اقتصاد الدولة بشكل كبير على النفط والغاز، وبها أعلى معدلات انبعاث الكربون لكل شخص في العالم.
نشرت بي بي سي مؤخرًا تقريراً عن وثائق مسربة تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة كانت تتطلع إلى استخدام موقعها كمضيف للقمة للتفاوض على صفقات ثنائية للوقود الأحفوري. (لم ينكر فريق قمة المناخ ذلك، لكنه قال إن “الاجتماعات سرية”)
وحتى لو وضعنا جانباً المخاوف بشأن التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتحول الأخضر، هناك سبب آخر للتشكيك في اختيارها كمضيف: سجل الدولة في مجال حقوق الإنسان الوحشي.
إن جوهر مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين هو معالجة التحديات الملحة لتغير المناخ ويتطلب إجراء حوار مفتوح وشمولية واحترام الحقوق الأساسية، بما فيها حرية التعبير، وهو أمر غير متوفر في الإمارات.
إن عقد المؤتمر في دولة يتم فيها إسكات الأصوات المعارضة بوحشية يبعث برسالة متضاربة من المؤكد أنها ستؤدي إلى تقويض مصداقية وفعالية نتائج القمة.
إن استضافة الإمارات كذلك لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) يعتبر محاولة لغسل البيئة، ومحاولة كذلك لتقديم نفسها كدولة رائدة في مكافحة تغير المناخ، لكن بصورة كاذبة بسبب ما يحدث خلف الكواليس.
محاولات الإمارات لتبييض سجلها والتغطية على جرائمها لا تتعلق بالمناخ وحسب، فإن استثمارات الدولة الخليجية في أندية كرة القدم الأوروبية، وشراكاتها مع أيقونات رياضية عالمية واستضافتها لأحداث رياضية مبهرة، بما في ذلك سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1، هي محاولات للغسيل الرياضي، وتصدير صورة وهمية عن حداثتها.
الاستثمارات الإماراتية في المتاحف مثل متحف اللوفر أبو ظبي والمهرجانات السينمائية الدولية هي شكل من أشكال الغسيل الثقافي، ومن خلال وضع نفسها كراعية للفنون والثقافة، ترسم الدولة الخليجية صورة للتطور والعالمية العالمية، لكن كما قُلنا كل هذه المحاولات تهدف فقط للتغطية على جرائمها، تحت هذه القشرة اللامعة تُخفي الدولة سلسلة من الانتهاكات والقمع والاستبداد.
إن سجل حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة مروع، حرية التعبير مقيدة بشدة، المعارضة، سواء كانت على شكل نشاط عبر الإنترنت أو احتجاجات سلمية، تُقابل بقمع غير مبرر.
أحمد منصور، المدون والناشط في مجال حقوق الإنسان، المسجون منذ عام 2017 بسبب نشاطه المعارض، تمثل قضيته أكبر مثال على عدم وجود مكان للتسامح مع أي انتقاد أو معارضة في الإمارات.
لقد أظهر عملنا في مجال حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة الجانب المظلم للنظام، أحد عملائنا، وهو رايان كورنيليوس، مواطن بريطاني، يقبع في أحد سجون دبي منذ 15 عامًا في قضية ذات دوافع سياسية، وقد خلصت تقارير الأمم المتحدة إلى أنه تم احتجازه تعسفيًا وأن المطالبات بإطلاق سراحه قوبلت بتجاهل تام من السلطات الإماراتية.
لدينا موكل آخر داخل السجون الإماراتي، رجل الأعمال الأمريكي زاك شاهين، الذي قُبض عليه بشكل كيدي وُحكم عليه بالسجن بسبب عدم نزاهة النظام القضائي في الإمارات العربية المتحدة، وقد تجاهلت السلطات كذلك مطالبات الأمم المتحدة بإطلاق سراحه.
إن الرقص الجيوسياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة التقرب من روسيا ومساعدتها على خرق العقوبات، يظهر الألوان الحقيقية للدولة الخليجية.
فهل تستطيع ديمقراطيات العالم أن تتعامل على النحو اللائق مع الدولة المضيفة التي تثير تحالفاتها التساؤلات حول التزامها بالسلام والتعاون العالميين؟
إن تعامل الغرب مع الإمارات العربية المتحدة هو انعكاس للشبكات المتغيرة للقوى العالمية، يتم الآن تحدي التسلسل الهرمي القديم وإعادة تشكيله، وفي هذا السياق، لا يتعلق مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة (COP28) بالسياسات البيئية فحسب، بل يتعلق أيضًا بالاعتراف بشبكات التأثير المتطورة هذه والتعامل معها.
إن تكلفة غض الطرف عن سجل الإماراتي الوحشي عالية، سيتحملها العالم كله، لذلك نذكر أن قمة CoP28 تمثل فرصة فريدة، ليس فقط لمعالجة التهديد الوجودي المتمثل في تغير المناخ، ولكن أيضًا لمناصرة القيم العالمية لحقوق الإنسان والعدالة، وفي عالم حيث تتعرض الديمقراطية على نحو متزايد لتهديد الشعبوية والاستبداد، يصبح هذا الأمر أكثر أهمية.
وبينما تجتمع الوفود في دولة الإمارات العربية المتحدة، لا ينبغي لهم أن يتأثروا بالحضارة الوهمية في البلاد أو بمبادراتها البيئية المزعومة، وليتذكروا أنه خلف الواجهات اللامعة تكمن حقيقة مروعة وواقع مرعب.
يجب أن تقاس ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في استضافة مؤتمر الأطراف 28 بشكل صحيح ليس من خلال حسن ضيافتها أو براعتها اللوجستية، ولكن من خلال استعدادها للتأمل والإصلاح والمواءمة مع المبادئ العالمية التي تحترم الديموقراطية وحقوق الإنسان.
اضف تعليقا