العدسة_ بسام الظاهر

لم تتوقف الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات على قمع المعارضة والنشطاء وجرائم عابرة للحدود مثل السجون السرية في اليمن، ولكنها طالت بشكل كبير أيضًا أوضاع العمالة الوافدة.

وتعتبر الإمارات من أكثر الدول جذبًا للعمالة الوافدة جنبًا إلى جنب مع دول الخليج، ولكن الانتقادات تتعلق بالعمال بشكل أساسي في ظل ضعف ضمانات الحماية التي تضعها الدولة.

وحصلت العمالة المنزلية الوافدة على حظ كبير من التقارير التي تشير إلى الانتهاكات بحق العمالة في الإمارات، بما يكشف الوجه الآخر للتقدم والطفرة التي يصدرها حكام أبو ظبي.

انتقادات دولية

وفي أحدث تقرير حقوقي يتحدث عن الانتهاكات بحق العمالة في الإمارات، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن مؤشرات “حقوق العمال والعبودية الحديثة” المعروفة عالميًا تصنف الإمارات بشكل سلبي، وهو ما يستدعي تبني استراتيجية إصلاحية وسياسات فعالة لحماية حقوق العمال.

المرصد لفت إلى أن بيان وفد الإمارات أمام مجلس حقوق الإنسان، يتجاهل الأوضاع السيئة والمهينة التي تشهدها العمالة في الإمارات، وتحدث عن تقدم كبير تم إحرازه في مجال تحسين وتوسيع اللوائح المنظمة للعمل وحماية العمالة المتعاقدة ولكنه يخالف الحقيقة.

نظام “الكفالة” كان جانبًا مهمًا من الانتقادات الدولية التي تلقتها الإمارات، وهو نظام معمول به في دول الخليج باستثناء قطر التي ألغته العام الماضي.

ويفرض هذا النظام قيودًا على العمالة الوافدة لناحية تحكم صاحب العمل أو ما يعرف بـ “الوسيط” في العمال لناحية الاحتفاظ بالأوراق الثبوتية وجواز السفر وتوجيه العمالة بما تعتبره تقارير دولية بـ “العبودية الحديثة”.

منظمة “Walk Free ” الاسترالية قالت إن الإمارات بها أكثر من 100 ألف عبد بالمعنى الحقيقي للفظ.

وقالت المنظمة إن الاستغلال المريع للعمال الأجانب لا يقف فقط على الرجال، بل يتعداه ليشمل النساء اللاتي يشتغلن في ظروف صعبة للغاية ويقع استغلالهن جنسيًا ومهنيًا.

حقيقة الأمر أن الانتقادات ليست جديدة، وخلال 2012 دعا البرلمان الأوروبي بناء على تقارير استقصائية حول وضعية حقوق الإنسان وأوضاع العمالة الأجنبية طلب النواب الأوروبيون من الحكومة الإماراتية إجراء إصلاحات لإنهاء استغلال العمال الأجانب خصوصًا النساء.

Image result for ‫وزيرة السعادة في الامارات‬‎

وزيرة السعادة بالإمارات

العمالة المنزلية

“دولة السعادة”.. هكذا وصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الإمارات خاصة لما تحقق من طفرة وتقدم وصل إلى استحداث وزارة باسم “السعادة” العام الماضي.

رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قال إن بلاده استحدثت منصب وزير دولة للسعادة، مهمته الأساسية مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع، كما تعتزم إسناد معظم خدمات الحكومة للقطاع الخاص وخفض عدد الوزارات دون أن يحدد إطارًا زمنيًا لهذه التغييرات.

وزيرة السعادة عهود الرومي قالت إن تحقيق السعادة في الإمارات يشمل جميع فئات المجتمع وليس حكرا على المواطنين فقط، مشيرة إلى أن السعادة علم لها نظريات وأرقام.

الهدف من الوزارة تحقيق السعادة “للجميع”، ولكن ماذا بشأن سعادة العمالة الوافدة إلى الإمارات فهل كانت تقصد الوزيرة “العمالة المنزلية” أم لا؟.

التقارير الحقوقية السالف الإشارة إليها تعكس عدم اشتمال العمالة المنزلية الأكثر عرضة للانتهاكات والاستغلال في إطار “السعادة للجميع”.

الازدواجية التي بدت عليها الإمارات تطرق لها تقرير سابق لـ “هيومن رايتس ووتش”، وأكد أن العاملات المنزليات الوافدات في الإمارات يتعرضن للضرب والاستغلال والحصار في ظل ظروف من العمل الجبري.

واتهمت المنظمة الإمارات بالإخفاق في توفير حماية العاملات المنزليات الوافدات كافة، قبل أن توثق تحت عنوان “لقد قمت بشرائِك سلفا” الإساءة إلى العاملات المنزليات الوافدات واستغلالهن والكيفية التي يسهم بها نظام كفالة تأشيرات الدخول وغياب تدابير الحماية المستمدة من قوانين العمل.

وتحاول الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات، توثيق حالات الانتهاكات التي تشهدها الدولة، من خلال تخصيص خط ساخن للضحايا الاتجار بالبشر ومساعدة العمال والمهاجرين.

كما حددت عددًا من الوسائل للتواصل معها، لإرسال الضحايا قصصهم وصورهم والأدلة على الانتهاكات بحقهم في الإمارات، تمهيدًا لتقديمها إلى دول الاتحاد الأوروبي لدعم موقفها لقطع العلاقات مع أبو ظبي.

العمالة الفلبينية بالخليج

محاولات “فاشلة”

الإمارات وجدت نفسها في مهب الريح خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدا في مسألة العمال وحصولها على ترتيب متأخر في مؤشر “العبودية الحديثة”.

وحاولت أبوظبي تحسين الأوضاع الداخلية وتغيير بعض التشريعات وسن أخرى هربًا من هذه الانتقادات الدولية التي كانت مثار اهتمام في المحافل الدولية مثل مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

وفي مايو الماضي، أصدر المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي (البرلمان) برئاسة الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، مشروع قانون بشأن عمال الخدمة المساعدة، وتسري أحكامه على 19 مهنة، يكون استقدام العمالة فيها مسموحًا فقط للمواطنين الإماراتيين، وبحيث لا يزيد سن العامل الذي يتم استقطابه على 18 عامًا.

وأكد المجلس أهمية مشروع القانون هذا في تنظيم العلاقة بين أصحاب الأعمال وعمال الخدمة المساعدة ومكاتب الاستقدام.

القانون الجديد لم يشفع لوقف الانتقادات رغم الترحيب به واعتباره خطوة على الطريق الصحيح، ولكن في الوقت ذاته هناك تشكك في أن يحقق المطلوب منه.

وقالت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة المختصة بالشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “ما أن يتم التصديق على مشروع القانون، ستمتد حماية القانون أخيرًا إلى مئات آلاف من عاملات المنازل في الإمارات وهذه خطوة إيجابية مهمة، لكن دون آليات قوية لإنفاذ القانون، سيكون غير فعال إلى حد بعيد”.

وتتواجد في الإمارات 146 ألف عاملة منازل وافدة على الأقل، من الفلبين وإندونيسيا والهند وبنغلادش وسريلانكا ونيبال، ولكن عاملات المنازل مستبعدات من تدابير حماية قانون العمل الإماراتي.

وعلى الرغم من هذا القانون إلا أن الإمارات تعرضت لانتقادات في اجتماع مجلس حقوق الإنسان الأسبوع الماضي.