خلال العقد الماضي، فاز نادي “مانشستر سيتي” بـ 13 لقبًا في إنجلترا، وذلك بعد تولي منصور بن زايد آل نهيان، من العائلة الحاكمة في أبو ظبي، المسؤولية في عام 2008. ومنذ ذلك الحين ضخ منصور ما يقدر بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني في النادي.

احتفل السيتي هذا الموسم بلقب البطولة الخامسة في عصر المنصور. أما على الصعيد الدولي، خرج سيتي خالي الوفاض تمامًا. 

من ناحية أخرى، لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق في بدايات عام 2020. كانت المشاركة في دوري أبطال أوروبا لموسم 2020/21 على حافة الهاوية، ولكن ليس لأسباب تتعلق بالرياضة ذاتها.

 

  • حظر النادي المملوك إماراتيًا..

 

 في 14 فبراير 2020، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وتم حظر سيتي من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)، وفرضت غرفة التحكيم التابعة لوحدة المراقبة المالية التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم للأندية حظرًا على السيتي لمدة موسمين في جميع مسابقات الأندية الأوروبية وغرامة قدرها 30 مليون يورو لمخالفته لوائح اللعب المالي النظيف (FFP).

لا شك أن الخروج من دوري أبطال أوروبا حتى صيف 2022 كان من شأنه التسبب في عواقب وخيمة على النادي. حيث إن عددًا من نجومه عبروا عن رغبتهم في الرحيل عن النادي إذا ما توقف اللعب، حيث قال نجم الفريق كيفن دي بروين: “أعترف أنه إذا تم الإيقاف الكامل لمدة عامين، فقد أجبر على التفكير في مستقبلي مع السيتي. عامان بدون دوري أبطال أوروبا، فترة طويلة”.

استأنف سيتي على القرار أمام محكمة التحكيم الدولية للرياضة (CAS)، وبالفعل، رفعت محكمة التحكيم الرياضية الحظر بحكم صدر في 13 يوليو 2020، وخفضت الغرامة إلى عشرة ملايين يورو.

كانت الاستجابة للقرار كالصاعقة. وازداد الغضب أكثر عندما نشرت محكمة التحكيم الرياضية أسبابها المكونة من 93 صفحة للحكم. وأبرز ما جاء فيها هو عدم كفاية الأدلة الحاسمة. تجاهل سيتي تحقيق اليويفا في الانتهاكات المزعومة. 

ومع ذلك، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من إثبات أن النادي قد أخفى أموال المالكين كدخل رعاية. الغرامة المخففة تمثل أيضًا “انتهاكًا خطيرًا” من قبل النادي، الذي “أظهر عدم استعداده للتعاون مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم”.

من المعلوم أنه في حالة التعتيم التعمد من قبل النادي على مصادر تمويله، فيصعب العثور على انتهاك خطير، ولذا لم تستطع المحكمة -بناء على الأدلة المُحْكمة المقدمة إليها- استنتاج أن تمويلات غير مشروعة قُدِّمت إلى السيتي.

على وجه التحديد ، تم اتهام النادي بتضخيم إيرادات شركتي طيران الاتحاد واتصالات  التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها من أجل تلبية لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم FFP. وبحسب الادعاء، جاءت أكثر من 200 مليون يورو من أموال الكفالة من الشيخ منصور. كما قضت محكمة التحكيم الرياضية في الحكم بأن القضية قد تأثرت بدعوة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لإغلاق الاستئناف قبل بدء موسم دوري أبطال أوروبا 2020/21. لذلك، تنازلت المحكمة عن طلب المزيد من الأدلة. كما أشارت محكمة التحكيم الرياضية إلى أن شهادة من كبار المسؤولين التنفيذيين بالنادي ورسالة من الشيخ منصور، والتي تم توفيرها لمحكمة التحكيم الرياضية ولكن ليس إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في المحاكمة الأولى، يمكن أن تؤثر على حكم الاتحاد الأوروبي الأصلي لصالح السيتي. لا سيما وأن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) دخل في مرمى الانتقادات. 

وصف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في حكمه السلوك المالي للنادي بأنه المحاولة الأكثر جدية وتعقيدًا في التحايل أو انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف.

بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيقه بعد أن نشرت مجلة Der Spiegel سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التي تدين نادي مانشستر سيتي. 

ولطالما أصر سيتي على أن مواد المجلة “أُخرجت من سياقها” و “يُزعم أنها تعرضت للاختراق أو السرقة”. إن هناك محاولات منظمة وواضحة للإضرار بسمعة النادي. 

لكن كل تلك المزاعم التي رددها النادي اعتبرت   محاولات بائسة لم تقنع النقاد ولا المراقبين. فرغم أن الأدلة الحاسمة غير كافية بالنسبة للمحكمة، إلا أن ذلك لا يعني أن الإمارات تلعب وفق قواعد اللعب النظيف المتعارف عليها في أندية كرة القدم.

 

  • تضخيم الإرادات..

 

لقد تبيّن أن مانشستر سيتي قدم إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مستندات تم التلاعب فيها تُظهر تضخيماً في الإيرادات التي حصل عليها من شركات الرعاية المقربة من المالك كي يرفع من إيراداته.

وكان الهدف من تضخيم الإيرادات أن يعادل دخل النادي الإنفاقَ على شراء لاعبين ودفع رواتبهم.

وبذلك يكون النادي قد اشترى لاعبين، ووقّع عقود أجور، وأنفق مبالغ تتجاوز قدرة النادي الماليّة وإيراداته، التي تحدّدها الإيرادات التلفزيونية وتذاكر دخول الملاعب والمنشآت وعقود الرعاية. ومعروف أن الفريق تعاقد عام 2016 مع المدير الفني الإسباني بيب غوارديولا بأجر سنوي مقداره 25 مليون دولار، فبات أعلى المديرين أجراً في العالم.

ووجد المحققون أن النادي تكبد خسائر مقدارها 180 مليون يورو عامي 2012 و2013- أي أن إنفاقه تجاوز دخله بـ180 مليون يورو- وهو مبلغ كبير تجاوز الحد المسموح به للعجز البالغ 45 مليون يورو. علماً أن المالك -أي منصور آل نهيان- غطّى هذه الخسائر كلها.

 

  • تحسين السمعة السيئة..

 

ترى جماعات حقوقية، بما فيها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، أن الإمارات العربية المتحدة تريد إخفاء انتهاكاتها لحقوق الإنسان وإسهاماتها في حروب في اليمن وليبيا، باستثمارات مغرية للغرب.

تشارك مجموعة سيتي فوتبول التي يمتلك الإماراتيون مانشستر سيتي من خلالها، في إدارة ثمانية أندية في مجال كرة القدم لتحسين سمعة الدولة سيئة السمعة في جميع أنحاء العالم . أشهر هذه الأندية مانشستر سيتي الإنكليزي ونادي نيويورك سيتي الأمريكي ونادي ملبورن سيتي الأسترالي ونادي يوكوهاما مارينوس الياباني.

يبدو أن القادة الإماراتيين بخرقهم لقواعد اللعب “النظيف” في كرة القدم -كما هو حالهم في السياسة-، يثبتون أنهم لا يجيدون سوى اللعب “القذر” في الرياضة، وفي المجالات كافة.