بدأ مخطط الإمارات “الخبيث” يتكشف في اليمن لناحية دعم النزعات الانفصالية هناك وتحديدا في الجنوب، بما يحقق مصالحها الخاصة وتعظيم مكاسبها من الحرب.

الإمارات شاركت في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، بعد طلب من الرئيس عبد ربه هادي دعمه في مواجهة انقلاب الحوثيين عليه.

واستغلت الإمارات حرب اليمن في تحقيق أهداف خاصة بتوسيع نفوذها في المنطقة واتجهت مباشرة إلى الساحل الغربي وعدن.

فماذا تريد أبوظبي؟، وكيف استغلت الأحداث هناك لصالحها؟، وكيف تدعم المخططات الانفصالية؟، وما تفاصيل الخلافات السابقة مع هادي تحديدا؟.

صنعاء

 

بداية القصة

الإمارات فضلت التدخل العسكري غربا وجنوبا لطرد الحوثيين واستعادة السيطرة على المنطقة الجنوبية، في حين أن السعودية كانت تتولى الدفاع عن حدودها من هجمات الحوثيين والصواريخ.

ودخلت الإمارات وسيطرت على كامل الساحل الغربي خلال العامين ونصف العام الماضي، لتكون مركزا لقواتها في حرب اليمن، ولكن مع الوقت تكشف أن هناك دور مريب هناك.

الصحفي البريطاني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط جيريمي بيني، نشر صورا وخرائط توضح الإنشاءات التي تقوم بها القوات الإماراتية في جزيرة ميون، وإنشاء مدرج طائرات جديد.

وحولت الإمارات بلدة “ذو باب” القريبة من باب المندب إلى قاعدة عسكرية وسط عمليات تهجير لسكانها ونقلهم في خيام بمنطقة صحراوية، كما حولت ميناء المخا إلى قاعدة عسكرية أيضا ويمنع على اليمنيين الاقتراب.

وتشير تحركات أبو ظبي إلى احتكار السيطرة على جنوب اليمن تماما، خاصة أنها تحتوي على نحو 70% من ثروات البلاد، وبدا أنها تسعى لتعويض خسائرها والأموال التي أنفقتها هناك لدعم العمليات ضد الحوثيين.

إحدى موانئ عدن

 

سيطرة الإمارات

الإمارات بسطت نفوذها في عدن تماما والساحل الغربي، حتى أنها شكلت قوات محلية تابعة لها من أبناء تلك المناطق يوالون تماما لها وتتولى الإنفاق عليها دون أن يتم إدراجهم في القوات اليمنية.

وتشكل هذه المجموعات المسلحة ما يعرف بـ “الحزام الأمني” وتشرف عليه الإمارات تماما، وتنازع قوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي في عدن، خاصة وأن المحافظة تعتبر المقر المؤقت للحكومة.

وباتت عدن تحت وطأة النزاع الثنائي بين الحكومة والإمارات عبر قوات محلية موالية لها، خاصة مع اشتباكات وقعت بين قوات الحماية الرئاسية و”الحزام الأمني” في عدن، في خلاف على تسليم نقاط أمنية تابعة للأولى في سبتمبر الماضي.

وتشير بعض التقارير إلى أن قيادتي “الحماية” و”الحزام” توصلتا لاتفاق، يقضي بتسليم النقاط الأمنية التابعة للقطاع الشرقي إلى قيادة “الحزام الأمني”، تحت إشراف دول التحالف العربي إلا أن بعض قادة النقاط رفضوا تسليمها.

هذا الأمر يتسق مع ما تكشف عن اتفاق الإمارات مع شركة “بلاك وتر” الأمريكية، لاستقدام مرتزقة من كولومبيا عددهم 300 فردا، في محاولة لتجنب استهداف قواتها وزيادة قدرتها على السيطرة ومواجهات مليشيات الحوثيين.

وبعد هذه السيطرة دخلت الإمارات في نزاع على الشرعية مع عبد ربه هادي، إذ رفضت في شهر مايو الماضي هبوط طائرته إلى مطار عدن التي تسيطر عليه هو الآخر.

وكان هذا رد فعل على قرارات هادي التي أطاحت برجال الإمارات، ومنها إقالة محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، وتعيين عبدالعزيز المفلحي، كما أعفى وزير الدولة هاني بن بريك من مصبه وأحاله للتحقيق، وعين 4 وزراء جدد في حكومة أحمد بن دغر.

هادي حاول بعد فوات الآوان استعادة السيطرة من الإمارات على عدن والمنطقة الجنوبية، ولكن باتت هذه المهمة صعبة للغاية.

وتجددت الاشتبكات بين الحماية الرئاسية وقوات “الحزام الأمني”، السبت الماضي، في معسكر صلاح الدين عقب عرض عسكري حضره رئيس الوزراء اليمني، بمناسبة عيد ثورة 14 أكتوبر الجاري.

“هادي” و “بحاح”

 

تلويح بالانفصال

صعوبة استعادة السيطرة تكمن في تغلغل الإمارات جنوبا بشكل كبير، ودعم التحركات الانفصالية لما يعرف بـ “المجلس الانتقالي” برئاسة عيدروس الزبيدي محافظ عدن السابق الذي أقاله الرئيس اليمني قبل أشهر بسبب الولاء للإمارات.

الزبيدي أشر إلى عزمه الترتيب لاستفتاء على انفصال الجنوب عن دولة الوحدة، في 22 مايو 1990 بين شمال اليمن وجنوبه.

وقال إنه سيتم تأسيس “جمعية وطنية” للمجلس الجنوبي تضم 303 أعضاء جنوبيين، وتتولى خلال أسابيع إجراء الترتيبات لاستفتاء الانفصال.

واستبقت الإمارات عبر المجموعات المسلحة الموالية لها قبل أيام من تصريحات الزبيدي على شن حملة اعتقالات للعديد من قيادات وكوادر حزب الإصلاح –فرع جماعة الإخوان المسملين-.

اعتقال قيادات الحزب اعتبرها مراقبون محاولة لمزيد من السيطرة والهيمنة وتفتيت أي قوى منظمة يمكن أن تقف أمام المشروع الإماراتي في جنوب اليمن.

مخططات الإمارات لم تتوقف على الجنوب فقط، بل تسعى للتوسع تجاه تعز خلال الفترة المقبلة والسيطرة عليها، وربما تعمل على استنساخ تجربتها في عدن من خلال تأسيس وحدات عسكرية تابعة لها في محافظة تعز للإشراف على الحزام الأمني الذي تزمع على تشكيله من فصائل مسلحة موالية لها.

ميناء “باب المندب”

 

مكاسب أبو ظبي

ولكن السؤال لماذا تقوم الإمارات بهذا المخطط في السيطرة والتحكم وتؤسس لسلطة غير شرعية تمولها لمناهضة الشرعية الممثلة في عبد ربه هادي؟.

هناك مصلحة خاصة من تحركات الإمارات في محاولة نزع الشرعية عن هادي والسعي انفصال جنوب اليمن، وهى الحفاظ على ميناء دبي والمنطقة التجارية العالمية.

وترغب الإمارات في تجميد ميناء عدن للحفاظ على مكاسبها في ميناء دبي، إذ وقعت اتفاقا على إدارة الميناء عام 2008 قبل أن تقوم بتعطيله تماما، ولكن بعد الثورة اليمنية عام 2011 قامت حكومة رئيس الوزراء محمد باسندوة بإلغاء الاتفاقية.

ويتردد أن هادي رفض عرضا إماراتيا بالحصول على حقوق تشغيل ميناء عدة لمدة 99 عاما، ولكن الرئاسة اليمنية نفت الأنباء المتداولة بشأن تأجير ميناء عدن وجزيرتي سقطرى وميون، وخلافها مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

عمل ميناء عدن يعتبر ضربة كبيرة لدبي خاصة مع الموقع المتميز للميناء الذي يطل على مضيق باب المندب أحد أهم الممرات الحيوية في العالم، ومن هنا كان اهتمام أبو ظبي بالسيطرة على عدن.

وقال الناشط اليمني عاصم سلام، إن المستفيد الأول من الانفصال هى الإمارات وذلك للسيطرة على ميناء عدن والمنطقة الحرة المستقبلية الواعدة في هذه المدينة، وهو ما سيعطيها أفضلية ويمنع الإضرار بالحركة التجارية للمنطقة الحرة الدولية في دبي.

وأضاف أن الإمارات فعليًا هى التي تدير الحياة السياسية في جنوب اليمن من خلال الحزام الأمني الذي صنعته في الجنوب، وذلك لإزاحة أي تيار أو قوى تزاحم دبي في الجنوب.