تم تسليط الضوء هذا الأسبوع على مدى ازدراء الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية من قبل بقية العالم عندما فشلت بلاده في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
إخفاق السعودية في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بل وفشلها أمام دول مثل نيبال وأوزباكستان، لا يمكن وصفه إلا بأنها “صفعة مذلة” على وجه ديكتاتور مستبد لا يرحم، وضربة قوية آلة العلاقات العامة الخاصة به والتي تعمل بلا كلل خلف الكواليس محاولة تحسين صورته وتحقيق أي مكسب على الساحة الدولية لإعادته مرة أخرى إليها.
لم تتمكن الصفقات “السرية” التي أبرمها فريق العلاقات العامة الخاص بابن سلمان من أن تجبر البلدان على التصويت له، ليصوت للسعودية عدد منخفض جداً من الأصوات، في فضيحة أوضحت مدى الضرر الذي ألحقه محمد بن سلمان بسمعة بلاده خلال أربع سنوات منذ توليه السلطة عام 2016، فقبل عام من توليه السلطة من والده المريض الملك سلمان، حصلت المملكة العربية السعودية على 152 صوتًا عندما تم انتخابها آخر مرة لعضوية هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أما اليوم، حصلت السعودية على 90 صوتاً فقط، أي أقل من الحد الأدنى المطلوب للفوز بمقعد في المجلس.
شهدت الفترة بين الانتخابات الماضية، والانتخابات الحالية التي أخفقت فيها السعودية، سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان التي كان من شأنها أن تثير السخرية من أي تصويت يدعم عضوية الرياض، على الرغم من أن ذلك لم يمنع روسيا والصين من التقدم، ما يعني أن انتهاكات السعودية فاقت في بشاعتها ووحشيتها انتهاكات الصين وروسيا، أكبر ديكتاتوريات العالم.
لم يكن انتخاب الصين وروسيا كذلك مرحباً به من قبل النشطاء والحقوقيين، بل اعتبرها الكثيرون سقطة كبيرة يتحمل مسؤوليتها دول العالم أجمع، حيث قال أحد النشطاء “إن انتخاب هذه الديكتاتوريات كقاضيين تابعين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان يشبه توظيف عصابة من الذين يشعلون الحرائق في فرقة الإطفاء”.
وصمات العار التي لحقت بالمملكة في عهد بن سلمان أمر مألوف، لم تكن هذه هي المرة الأولى، فتحت ولايته نُفذت أبشع جريمة اغتيال سياسي على الإطلاق، حيث قُتل الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي وتم تقطيع جثته أثناء تواجده داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وهي عملية قتل قالت وكالة المخابرات المركزية إنها “على الأرجح” حدثت بعد أوامر مباشرة من ولي العهد- محمد بن سلمان.
حتى الآن يرفض ولي العهد الاعتراف بتورطه في جريمة مقتل خاشقجي، بل ينفيها باستماتة، مع ذلك، لم يتمكن حتى الآن أن ينفي مسؤوليته عن الحملات القمعية التي شنها رجاله ضد نشطاء وناشطات حقوق الإنسان في المملكة، والذين يقبعون في السجن منذ أكثر من عامين، ويتعرضون للتعذيب والتهديد بالقتل والاعتداء الجنسي.
كما لا يمكنه إنكار مسؤوليته عن الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، والتي بدأها محمد بن سلمان كوزير للدفاع في عام 2015، والتي تسببت، بفضل أكثر من 257 ألف غارة جوية، في حدوث أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
أصبحت المملكة العربية السعودية منبوذة عالمياً بين الجميع بفضل انتهاكات بن سمان، كما أصبح التعاون معها محفوفاً بالعقبات والعراقيل، في الأسبوع الماضي على سبيل المثال، أقر البرلمان الأوروبي مشروع قانون يدين انتهاكات حقوق الإنسان السعودية ويدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى مقاطعة قمة مجموعة العشرين، التي من المقرر أن تستضيفها السعودية الشهر المقبل.
وإلى جانب القرارات المتعلقة باتخاذ اجراءات ضد جرائم السعودية في اليمن وبحق النشطاء المسجونين، دعا مشروع القانون أيضاً إلى إلغاء أحكام الإعدام بحق القاصرين وإلغاء نظام الكفالة التعسفي للعمالة الوافدة أو ما يُعرف لدى الكثيرين بالعبودية الحديثة.
من المحتمل أن يتلقى بن سلمان ضربة أخرى الشهر المقبل إذا خسر دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، واحتمالية هزيمته كبيرة، وخسارة ترامب تعني فقدان بن سلمان دعم البيت الأبيض، الذي وقف إلى جانبه حتى عندما كان في أسوأ حالاته.
المحللون أكدوا أن دعم ترامب لابن سلمان كان بسبب “مئات المليارات من الدولارات من استثمارات السعودية في الولايات المتحدة”، لكن في ظل رئاسة بايدن، سيتغير كل هذا- بحسب تصريحات بايدن نفسه.
لقد وعد المرشح الديمقراطي -جو بايدن، بإنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية وإعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي تخلى عنه ترامب، كما تعهد بايدن بجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة”، بدلاً من طهران.
فيما يتعلق بخاشقجي، الذي رفض ترامب اتهام بن سلمان بالتورط في اغتياله وتباهى قائلاً “لقد أنقذت مؤخرته”، شدد بايدن على أنها جريمة نكراء تمت بأوامر من بن سلمان، حيث قال “لقد قُتل خاشقجي وقطعت أوصاله، وأعتقد أنه بأمر من ولي العهد … هناك القليل جدًا من قيمة الاسترداد في الحكومة الحالية في المملكة العربية السعودية.”
فيما يتعلق باتفاق سلام في الشرق الأوسط، لن يتوافق بايدن مع بن سلمان أيضاً
إذن، ما المصير الذي سيواجهه محمد بن سلمان في حالة فوز بايدن؟ وماذا سيفعل؟
قال ترامب إنه إذا لم تبيع الولايات المتحدة أسلحة للرياض، فإن السعوديين سيذهبون ويشترونها في مكان آخر، مثل الصين أو روسيا، لذا وجد ترامب أنها فرصة يجب اغتنامها من أجل إنعاش اقتصاد الولايات المتحدة.
ولكن، ومع تفشي جائحة كوفيد-١٩ فإن اقتصاد المملكة أصبح في حالة مزرية ودخل في أزمة مالية لم يسبق لها مثيل بسبب انهيار أسعار النفط، لذا فمن المشكوك فيه إلى أي مدى تستطيع تحمل هذه المدفوعات الضخمة للأسلحة سواء مع الولايات المتحدة أو غيرها.
لم يعد هناك رئيس أمريكي مستعد للتدخل و”إنقاذ مؤخرته”، لذا ربما يدفع هذا بن سلمان إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، وإنهاء الحرب في اليمن، والإفراج عن المعتقلين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأخيراً، قد يتم تحقيق العدالة لجمال خاشقجي.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا