نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا في عددها الأخير عن ورشة البحرين، تقول فيه إن الخطة الأمريكية هي نصف خطة، وبداية مخيبة “للصفقة الكبرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن “ورشة البحرين قد تكون دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي) أو أي سيرك سنوي يعقده أثرياء العالم”.

وتلفت المجلة إلى أن صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر كان في مركز المسرح في المنامة، ليعرض رؤيته لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وقال إن “الجنود” الذين ألقى عليهم محاضرة “محاصرون في إطار غير فعال يعود إلى الماضي”، فيما اقترحت مديرة صندوق النقد الدولي التعلم من أفضل الممارسات في موزمبيق، وفي جزء من الحوار حول حقوق الملكية، التي تقع في قلب النزاع، قال أحد مديري الندوة إنه من الجيد استخدام قاعدة بيانات لصكوك الملكية الفلسطينية. 

ويلفت التقرير إلى أن ترامب تعهد قبل وصوله إلى البيت الأبيض في بداية عام 2017، بأن يكون عراب “الصفقة الكبرى” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واختار صهره، المتعهد في مجال العقارات كوشنر، الذي تنقصه الخبرة الدبلوماسية للإشراف على الخطة. 

وتقول المجلة إن “النتيجة كانت (متوقعة)، فلا توجد هناك خطة لحل أصل النزاع والقضايا الشائكة الأخرى، مثل وضع القدس والحدود واللاجئين أو فكرة الدولة الفلسطينية، وتم تأجيل الخطة عدة مرات، ويلمح الدبلوماسيون لإمكانية بقاء الخطة على الرف لحين الفترة الرئاسية الثانية لترامب، لو أعيد انتخابه”. 

ويفيد التقرير بأنه عوضا عن تقديم الخطة بالكامل، فإن كوشنر نظم ورشة عمل لمدة يومين في البحرين، تحت شعار “السلام للازدهار”، وكان في مركز الورشة وثيقة من 96 صفحة تحتوي على تعهد بـ50 مليار دولار للاستثمار في فلسطين والدول المجاورة بعد اتفاقية السلام، مشيرا إلى أن الوثيقة تحتوي على عدد من المشاريع المثيرة للدهشة من ناحية تعزيز الزراعة والسياحة وإصلاح البنى التحتية الفلسطينية، وتحسين الحكم، ويتم تمويلها من خلال مزيج من المنح والقروض المخففة واستثمارات خاصة. 

وتجد المجلة أن “الشيء الغائب في وسط هذا كله هو أي شيء له علاقة بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة، أو أي ذكر للانقسام بين القادة الفلسطينيين في المنطقتين”.

وينوه التقرير إلى أن “الخطة تفترض أن السياسة البغيضة في الأرض المقدسة قد اختفت، وسينفق كوشنر مثلا 5 مليارات دولار لربط الضفة مع غزة، وقد وعدت إسرائيل بعمل هذا الأمر منذ سنوات لكنها لم تنفذ الوعد؛ لأن المسألة ليست مجرد خط وحيد، لكنها تثير مسائل سياسية وأمنية معقدة”.

وتقول المجلة: “ربما أثارت خطة ملياري دولار توفير بنى تحتية (فايف جي) حماس المستثمرين، لكن الخطة تتجاوز الحديث عن موقف الجيش الإسرائيلي، الذي سمح فقط للضفة الغربية العام الماضي باستخدام (3 جي)، أي بعد عقد من استخدام بقية العالم للشبكة”.  

 

وبحسب التقرير، فإنه “لم يتحدث أي من المتحدثين في البحرين عن التناقض في الخطة؛ نظرا لقلة العارفين منهم بتفاصيل وتعقيدات المشكلة أو حتى الجغرافيا، فمن أجل تقدير كلفة تركيب شبكة (5 جي) في فلسطين قارن مدير شركة (آت أند تي) الوضع بالمكسيك التي قال إنها أكبر بخمسة إلى عشرة أضعاف (في الحقيقة المكسيك هي أكبر بـ316 مرة من فلسطين)”. 

وتعلق المجلة قائلة إن “الخطة كما هي غير واقعية، لكن داعمي كوشنر يقولون إنها محاولة لمنح الفلسطينيين ثمار السلام، أو محفز للقبول بخطة السلام السياسية المقبلة”.  

ويؤكد التقرير أن “الفلسطينيين يحتاجون للمساعدة، فنسبة البطالة في الضفة الغربية تصل إلى 17%، أما في غزة فهي أكثر من 50%، ولم تتغير نسبة التضخم بالنسبة للناتج المحلي العام منذ 20 عاما”.  

وتستدرك المجلة بأنه “بالنسبة للفلسطينيين فإن الخطة تشتم منها رائحة الرشوة من رئيس عدواني، فقد قطع ترامب أشكال الدعم الأمريكي كلها عنهم، وتخلى عن الموقف الأمريكي التقليدي، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وألمح مساعدوه إلى أن الخطة ستقدم للفلسطينيين كيانا أقل من دولة ذات سيادة على حدود عام 1967”. 

ويبين التقرير أنه “لهذا قرروا مقاطعة الورشة، ورفض رئيسهم محمود عباس إرسال أي شخص من الحكومة، وقال في أيار/ مايو: (صفقة العار مصيرها جهنم)، ولم يلب القطاع الخاص الدعوات الموجهة إليه للمشاركة”.  

وتشير المجلة إلى أن “الدول العربية كانت مترددة في الجلوس على المنصة ذاتها مع مسؤولين من إسرائيل، التي لم توجه لها دعوة للحضور، رغم حضور رجال أعمال إسرائيليين مع مراسلي ست مؤسسات إعلامية إسرائيلية، كتبوا تقارير متملقة عن الورشة، ووصفت صحيفة (إسرائيل اليوم) التي تدعم كلا من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، البحرين بـ(جزيرة الأمل)، وهو وصف غريب لمملكة سحقت في عام 2011 انتفاضة شعبية”.  

ويذهب التقرير إلى القول إنه “ربما كانت هذه النتيجة الحقيقية للورشة، فهي تمثل أكبر مظاهر التقارب الطويل بين دول الخليج وإسرائيل، الذي تحرص إدارة ترامب على الترويج له، ولم تفعل هذه المناسبة شيئا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن اللقاء كان إشارة إلى رغبة دول الخليج في تجاوزه، فهي ليست جاهزة للاعتراف بإسرائيل بعد، لكنها ترى فيها حليفا مهما ضد العدو المشترك: إيران، وليس لدى الفلسطينيين ما يقدمونه”. 

وتختم “إيكونوميست” تقريرها بالإشارة إلى قول المحلل الفلسطيني مخيمر أبو سعدة: “كل ما لدينا هو القوة الأخلاقية”، وتعلق قائلة إن هذا لا يزال أمرا مهما، لكنه يفقد قيمته مع مرور الأيام.