في تصعيد خطير، أجبرت العمليات العسكرية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية أكثر من 30 ألف فلسطيني على النزوح القسري من بيوتهم خلال الأسبوعين الماضيين، في ما يبدو أنه مخطط ممنهج لإعادة رسم الخارطة الديموغرافية للضفة تحت غطاء أمني وعسكري.

“السور الحديدي”.. حملة تهجير قسري في جنين وطولكرم

طبقا لتقارير مطلعة فإن العملية العسكرية الإسرائيلية “السور الحديدي” أدت إلى نزوح 16 ألف فلسطيني من مخيم جنين منذ انطلاقها قبل 17 يومًا، بحسب تصريحات محافظ المدينة محمد أبو الرب. 

وتعدّ هذه العملية واحدة من أوسع الحملات التي تستهدف جنين، والتي تعاني من حصار مشدد وعمليات اقتحام متكررة.

الأوضاع في طولكرم ليست أفضل حالًا، حيث أُجبر 10,500 فلسطيني على مغادرة مخيم المدينة تحت التهديد المباشر بالسلاح، بينما لم يتبق فيه سوى 4 آلاف أسرة فقط، وفق ما أكده محافظ المدينة عبد الله كميل. 

هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تتكشف يومًا بعد يوم وسط صمت دولي مطبق.

طمون والفارعة.. استكمال لمسلسل التطهير العرقي

إلى جانب جنين وطولكرم، كان لمدينة طمون نصيب من عمليات التهجير القسري، حيث أجبر الاحتلال 4 آلاف فلسطيني على النزوح من البلدة، وفق ما أعلنه محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد الأسعد.

وفي ظل هذا التصعيد، استهدفت قوات الاحتلال بلدة طمون جنوب طوباس لمدة أسبوع كامل، قبل أن تنهي هجومها بعد أن خلفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية والممتلكات، مما جعل العودة إلى البلدة شبه مستحيلة في الوقت الحالي.

بالتوازي مع ذلك، تواصل قوات الاحتلال اقتحام مخيم الفارعة في المدينة نفسها، حيث أجبرت عشرات العائلات الفلسطينية على النزوح تحت وطأة القصف والتدمير الممنهج، في مشهد يذكر بنكبات سابقة لم تتوقف منذ 1948.

تصعيد ممنهج وجرائم لا تتوقف

لم تقتصر جرائم الاحتلال على عمليات التهجير، حيث أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن 31 فلسطينيًا أصيبوا خلال اقتحام قوات الاحتلال لمدينة بيت لحم أمس السبت، في استمرار واضح لاستخدام العنف المفرط ضد المدنيين.

وفي إطار سياسته التوسعية، نفّذ الاحتلال سلسلة من الاقتحامات والمداهمات في مدن نابلس، طولكرم، البيرة وقلقيلية، ضمن عمليته العسكرية المتصاعدة التي تسعى إلى فرض واقع جديد على الأرض عبر القوة العسكرية، وهو ما يتناقض مع كل القوانين الدولية التي تحرّم التهجير القسري للسكان.

نحو واقع جديد.. ولكن بأي ثمن؟

كل المؤشرات تدل على أن الاحتلال يسعى إلى تغيير ملامح شمال الضفة الغربية بالقوة، عبر تفريغ المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية وفرض وقائع ديموغرافية جديدة تخدم مشروعه الاستيطاني. ومع استمرار هذه العمليات الوحشية، يبقى السؤال: إلى متى سيستمر الصمت الدولي أمام جريمة تطهير عرقي جديدة تُنفذ على مرأى العالم؟