العدسة – موسى العتيبي
الاغتيال والتصفيات الجسدية، هي طريقة متبعة عند بعض قادة الدول للتخلص من خصومهم بطرق غير قانونية، حيث يعمدون غالبا إلى التخلص منهم عن طريق الموت بالسم، أو التصفية بالرصاص، أو الدهس بأحد السيارات، أو حتى القتل عن طريق إسقاط الطائرات.
لكن طريقة التصفية بإسقاط الطائرات يبدو أنها طريقة مميزة ومفضلة عند الحكام والمسؤولين العرب؛ إذ تكررت على مدار السنوات الماضية كثيرا، فتخلص بها القادة العرب من خصومهم السياسيين أو العسكريين.
آخر تلك الوقائع كانت حادثة اغتيال “الأمير منصور بن مقرن” ابن عم ولي العهد السعودي الطامع في الملك، محمد بن سلمان، حيث أكدت مصادر سعودية مختلفة، أن حادث سقوط طائرته بمنطقة عسير لم يكن أمرا طبيعيا، لكنه كان مدبرا من ولي العهد، خصوصا وأن الأمير الراحل، كان ضمن المعارضين لتولي “بن سلمان” مقاليد الحكم في البلاد، وجاء اغتاليه في ظل حملة قمعية يشنها بن سلمان على معارضيه.
العدسة ترصد، أبرز حوادث الاغتيال بالطائرات التي شهدها العالم العربي والإسلامي لشخصيات سياسية أو عسكرية بارزة، في إطار الصراع على السلطة:
صدام وعدنان خير الله
عدنان خير الله – ابن خال الرئيس العراقي صدام حسين، وشقيق ساجدة زوجة صدام الأولى- هو أحد أبرز المسؤولين العرب الذين لقوا حتفهم في حادث تحطم طائرة مثير للجدل.
خير الله الذي قام صدام بتعيينه وزيرا للدفاع عام 1978، وقاد الحرب سنوات طويلة ضد إيران لقي مصرعة في 4 مايو 1989 إثر تحطم (طائرته) خلال عودته من الموصل إلى بغداد، بعد خلافات بينه وبين صدام وحسين كامل زوج رغد ابنة صدام.
أصابع الاتهام وقتها توجهت إلى النظام الإيراني من جهة، وإلى الرئيس العراقي من جهة أخرى، بيد أن كثيرا من المحللين اتجهوا إلى تورط صدام حسين في اغتياله؛ نظرا لتصاعد شعبيه عدنان خير الله في الجيش وأوساط الشعب العراقي، وبات يمثل منافسا لدور صدام حسين، فضلا عن أنه كان معارضا له في غزو الكويت.
“صدام” و “عدنان خير الله”
اغتيال ناصر وأحمد آل نهيان
في يونيو 2008، تحطمت طائرة الشيخ ناصر بن زايد آل نهيان، الأخ غير الشقيق لرئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد, فوق إحدى البحيرات في الخليج العربي، وأعلن وقتها أن الحادث طبيعي ولم يكن بفعل فاعل، حيث قالت الإمارات: إن سقوط الطائرة نتج عن خلل في أحد محراكاتها.
وبعد نحو عامين – وبنفس الطريقة- أَعلن في 29 من مارس 2010 سقوط طائرة شراعية كانت تقل الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان، شقيق الشيخ ناصر آل نهيان في بحيرة خلف سد بالمملكة المغربية.
الحادث أعلنت المغرب والإمارات أنه ناتج عن خلل في أحد محركات الطائرة، إلا أن معارضين سعوديين أكدوا آنذاك أنه مدبر وبفعل فاعل من دولة الإمارات، ويقف وراءه ولي عهد الإمارات محمد بن زايد؛ حيث سعى للتخلص من إخوته في إطار الصراع على السلطة في الإمارات.
” أجمد بن زايد آل نهيان”
أحمد بدوي والسادات ومبارك
حادثة اغتيال أخرى غامضة شهدتها مصر في 2 مارس 1981، حيث قتل وزير الدفاع المصري آنذاك الفريق أحمد بدوي و13 قياديًّا في الجيش المصري، في حادث تحطم طائرة كانت تقلهم في الصحراء المصرية.
ووفقا للرواية الرسمية التي نشرتها الصحف المصرية آنذاك فإن الفريق أحمد بدوي وزملاءه قد استقلوا طائرة هليكوبتر لتفقد بعض التشكيلات في المنطقة الغربية، وفي سيوة اصطدمت طائرتهم بعمود إنارة أثناء إقلاعها من أرض الهبوط الخاصة بقيادة المنطقة الغربية فانفجرت وتحطمت.
لكن مراقبين شككوا في تلك الرواية، واتهموا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بالضلوع في اغتيال “الفريق أحمد بدوي ورفاقه” حيث إن الفريق أحمد بدوي كان يشكل حجر عثرة أمامه لتولي رئاسة جمهورية مصر.
وقيل وقتها إن قائد الطائرة الهليكوبتر حاول الهبوط على المهبط الرسمي لفوج المقر الغربي للجيش لكن أُبلغ بأن المهبط تحت الصيانة، ووُجّه إلى مهبط آخر، بحسب تقرير نشر في روزاليوسف.
ووقتها أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً في مصر، بين من اتهم السادات بالضلوع فيها، وبين من اتهم مبارك بتدبيرها واغتيال الفريق أحمد بدوي ليخلو له الحال لتولي رئاسة مصر، عقب رحيل السادات.
وأشعلت محاكمة خالد الإسلامبولي – الذي قتل الرئيس السادات في العام نفسه- الوضع بعد قوله إنه أطلق الرصاص على الرئيس انتقاما لدم أحمد بدوي.
الفريق “أحمد بدوي”
الزبير وشمس الدين بالسودان
شهدت السودان أكثر من حادث سقوط طائرات لقيادات عسكرية وسياسية مثيرة للجدل عبر تاريخها الحديث، الأمر الذي دفع مراقبين إلى القول بأن أغلبها مدبر من قبل نظام الحكم فيها؛ بهدف التخلص من بعض المنافسين.
مقتل نائب الرئيس السوداني الزبير محمد صالح بتحطم طائرة بجنوبي السودان في 12 فبراير 1998، كان أحد أبرز حوادث الطيران المثيرة للجدل، وسط اتهامات للبشير آنذاك بالضلوع في اغتياله والتخلص منه.
المثير في الأمر أن السودان – وبعد ثلاثة أعوام فقط من مصرع نائب رئيس الدولة في حادث تحطم طائرة – شهد مصرع وزير الدفاع العقيد ابراهيم شمس الدين ومعه 14 ضابطاً وجنديًّا سودانيين، في حادث تحطم طائرة في 4 ابريل من عام 2001.
البيان الرسمي وقتها قال: إن شمس الدين كان يستقل طائرة حربية ومعه القيادات العسكرية، إلا أنها انحرفت على مدرج “عدارييل” بأعالي النيل أثناء زيارة تفقدية للقوات المسلحة بالمنطقة، واصطدمت بجدار مبنى المطار وانفجرت بشكل كامل.
ورغم مرور سنوات عديدة على الحادثين إلا أن حقيقة ماجرى لم تتضح حتى الآن، ولم يسرد أحد تفاصيل وخفايا مصرعهم بشكل موثق ودقيق.
” الزبير محمد صالح “
اغتيال ضياء الحق في باكستان
في 17 أغسطس 1988 كان الرئيس الباكستاني ضياء الحق، ومعه مجموعة من كبار المسؤولين العسكريين الباكستانيين، على موعد مع حادث تحطم طائرة مروع، قيل وقتها إنه مدبر من قبل الموساد الإسرائيلي، وقيل إنه مدبر من قبل أجهزة استخبارات عالمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي تفاصيل اغتيال “ضياء الحق والعسكريين الباكستانيين” يذكر أن أمريكا عرضت عليه شراء بعض الدبابات الأمريكية وأحضرت بعضها إلى باكستان لرؤيتها ومعرفة مزاياها القتالية على الطبيعة، وتحدد يوم 17 أغسطس 1988 موعدًا لاختبار هذه الدبابات فخرج ضياء الحق وبعض كبار قادته يرافقهم السفير الأمريكي في باكستان أرنولد رافيل والجنرال الأمريكي هربرت واسوم وكانت الرحلة في منتهى السرية.
وبعد معاينة الدبابات انتقل الرئيس ومرافقوه إلى مطار بهاوالبور لينتقلوا منه إلى مطار راولبندي، واستقلوا طائرة خاصة، وما إن أقلعت الطائرة حتى سقطت محترقة بعدما انفجرت قنبلة بها وتناثرت أشلاء الجميع محترقة.
ورغم أن مقتل سفير الولايات المتحدة لدى باكستان في الحادث نفسه فإن الكثيرين لا يستبعدون تورط الولايات المتحدة في افتعال الحادث، إذ يعتقدون أن الولايات المتحدة لم تحتمل معارضة باكستان لاتفاق جنيف، ومن ثم أزالت أكبر عقبة من طريقها.
وخلال حكمه حاول ضياء الحق ما في وسعه للمحافظة على علاقات مباشرة مع العالم الإسلامي، وقام بجهود حثيثة مع دول إسلامية أخرى لإنهاء الحرب بين العراق وإيران.
” ضياء الحق “
منصور بن مقرن
في الرابع من نوفمبر 2017، كان الأمير محمد بن سلمان يشن حملة اعتقالات واسعة لمعارضي توليته ملكا للسعودية خلفا لأبيه، فأوقف عشرات الأمراء والنواب والمسؤولين السابقين بالمملكة.
وبعدها بساعات، أذاعت وسائل إعلام سعودية أن الأمير منصور بن مقرن لقي حتفه ومجموعة من المسؤولين السعوديين بمنقطة عسير في حادث تحطم طائرة، الأمير الذي أثار جدلا واسعا حول الحادث، واتهمت مصادر سعودية عدة “بن سلمان” بالضلوع في الحادث.
الأمير “منصور بن مقرن”
موقع “الخليج الجديد” نقل عن مصادر سعودية أن الأمير «منصور بن مقرن» كان معارضا لتوريث حكم المملكة لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، موضحة أنه قام مؤخرا بإرسال رسالة إلى نحو ألف أمير من شباب الأسرة الحاكمة يدعوهم لاتخاذ خطوة ضد “توريث بن سلمان”، مشيرا إلى أن الأمراء الكبار لا يعول عليهم، ومن ثم يجب على شباب الأسرة التحرك، وهو مادفع “بن سلمان” للتخلص منه.
وادعت المصادر أن إسقاط الطائرة يهدف إلى إرسال رسالة لباقي أفراد الأسرة أنه لا خط أحمر في التعامل مع من يعارض صعود “بن سلمان” لقيادة المملكة.
اضف تعليقا