بعد أن حرّكت مسؤوليها وإعلامها للتشكيك بالمصالحة الخليجية والتقليل من شأنها، يبدو أن الإمارات لجأت أخيرا إلى تحريك أطراف “اتفاق العلا” الأخرى، في محاولة لوأد مخرجاته، والتي قضت بإنهاء الحصار المفروض على قطر، وعودة العلاقات الدبلوماسية معها بشكل كامل.

فلم تمضِ إلا أيام قليلة على إتمام المصالحة الخليجية، حتى عادت مملكة البحرين لمهاجمة دولة قطر وتوجيه الاتهامات لها، في خطوة تدل على أن الرياض وحدها المتمسكة بالاتفاق الذي أُبرم مع جارتها الدوحة.

الإمارات

وقال “نبيل الحمر” المستشار الإعلامي للعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، السبت الماضي، إن قطر أوقفت بطل كمال الأجسام البحريني سامي الحداد أثناء رحلة صيد بحرية، مضيفا أن ذلك يعد “اختراقا واضحا” للمصالحة الخليجية التي شهدتها قمة العلا التي انعقدت الثلاثاء الماضي.

وكتب الحمر، في تغريدة له يقول: “قطر توقف بطل كمال الأجسام البحريني سامي الحداد أثناء رحلة صيد بحرية”. وتابع: “تأتي هذه الواقعة ضمن الحملة الممنهجة التي تشنها قطر ضد البحارة البحرينيين، واختراقاً واضحا لاتفاقية الصلح الخليجية التي أبرمت في قمة العلا الخليجية”.

ورد العميد القطري المتقاعد شاهين السليطي على مستشار ملك البحرين قائلا: ”قمة المصالحة في العلا لم تعط صكاً على بياض لدولتك أو لبحارتكم باختراق الحدود البحرية لدولة قطر أو غيرها من الدول“.

وأضاف السليطي في تغريدة على حسابه بموقع تويتر:”إمسك بحارتك عندك، وفي حدود جزيرتك، وإن اخترق أحد منهم الحدود ما له عندنا إلا القانون. أتمنى أن يكون الموضوع واضح لك يا مستشار الفلس“.

بدوره قال الكاتب والصحفي القطري أحمد علي: “أجزم ولا أزعم أن جهاز الإستخبارات في البحرين كلف (سامي الحداد)، بإيعاز من القيادة البحرينية للقيام برحلة الصيد البحري في مياهنا الإقليمية لجس النبض بعدالمصالحة، واختبار مدى يقظة أو تساهل سلطاتنا المعنية في تجاوز عملية الإختراق”.

تحريض مستمر:

وفي إطار الحملة الدؤوبة “لإجهاض اتفاق العلا”، سمحت السلطات البحرينية لعدد من الجمعيات بتنظيم ندوة تحت اسم “ندوة “الانتهاكات القطرية بحق بحارة البحرين”.

وزعم المشاركون في الندوة التي خُصصت لمهاجمة الدوحة رغم التوصل إلى اتفاق المصالحة، أن “الممارسات التي تقوم بها الدوريات القطرية ضد البحارة البحرينيين تشكل إخلالا بالقيم الأخلاقية والمبادئ التي تربينا عليها في دول الخليج”.

وعبّر المشاركون في الندوة، عن أملهم في أن تنعكس الأجواء الإيجابية التي سادت قمة مجلس التعاون الأخيرة على أوضاعهم بما يسمح لهم بممارسة مهنتهم دون التعرض لما أسموها بـ”الإجراءات الاستفزازية من قبل دوريات أمن السواحل والحدود القطرية، ومنها احتجاز زوارق البحارة وتوقيفهم”.

وشددوا على أن “الممارسات القطرية بحق بحارة البحرين، يجب أن تتوقف بشكل فوري”، داعين في الوقت ذاته إلى الإفراج عن البحار البحريني حبيب عباس.

وأكدوا في بيان لهم دعمهم لإجراءات وزارة الخارجية بتكليف مكتب محاماة لمتابعة قضية احتجاز 16 سفينة صيد بحرينية و19 بحارا “وتأييدهم بشدة كافة الإجراءات القانونية اللازمة التي ستتخذها حكومة مملكة البحرين”.

رد قطري:

وفي مطلع الشهر الجاري، بعثت قطر برسالة إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، حول قيام زوارق بحرية عسكرية بحرينية بـ”اختراق” مياهها الإقليمية، مطالبة الأمم المتحدة بـ”اتخاذ ما يلزم بموجب الميثاق لحفظ السلم والأمن الدوليين ووضع حد للانتهاكات البحرينية المغرضة”.

ونقلت الخارجية القطرية فحوى الرسالة التي وجهتها السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، والتي أكد على أن “دخول الزوارق العسكرية التابعة للبحرين إلى المياه الإقليمية لدولة قطر بشكل غير قانوني وبدون تصريح يشكل انتهاكا لسيادة دولة قطر وسلامتها الإقليمية وتهديدا لأمنها”.

وأشارت الرسالة إلى “حكم محكمة العدل الدولية الصادر بشأن الخلاف الحدودي بين دولة قطر والبحرين في عام 2001 الذي يتعين الالتزام به وعدم مخالفته”، مؤكدة على أن “قطر تنفذ هذا الحكم وتمارس حقوقها السيادية وفقا لما تضمنه هذا الحكم من حقوق بشأن الحدود الإقليمية”.

ويرى مراقبون أن التصريحات البحرينية – الإماراتية أنه من المبكر الحديث عن أن مصالحة خليجية، مؤكدين أن السعودية وحدها التي تعمل بجدية على طي صفحة الماضي مع الجارة قطر، ما يشير إلى أن المصالحة هي بين الرياض والدوحة حتى الآن.

وكانت السعودية أعلنت انفراجة لإنهاء الخلاف المرير مع قطر خلال قمة الثلاثاء الماضي، وقال وزير خارجيتها إن الرياض وحلفاءها سيستأنفون كل العلاقات التي قطعوها مع الدوحة في منتصف 2017.

والخميس الماضي، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن الدول المقاطعة لقطر قد تستأنف التجارة وحركة التنقل معها خلال أسبوع بموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، لكنه أشار إلى أن استئناف العلاقات الدبلوماسية يتطلب مزيدا من الوقت ريثما تعمل الأطراف على إعادة بناء الثقة.

اقرأ أيضاً: مجلة أمريكية: التقارب الخليجي ضربة لإيران وتقويض لتمددها