قال مستشرق إسرائيلي إن “التطبيع تعتبر كلمة مهينة في العالم العربي، لكن السودان لا يبدو أنه يخشى منها، وجاء اللقاء بين الزعيم السوداني القوي عبد الفتاح البرهان وبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية صفعة في وجوه معارضي صفقة القرن، مما يطرح أسئلة حول مدى جدية إعلان الجامعة العربية عن معارضتها للصفقة”.
وأضاف يارون فريدمان في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن “كلمة تطبيع تعني في العالم العربي خيانة، ومع ذلك يتواصل الحديث بشأنه في العالم العربي، بل والقيام بأفعال على طريق تحقيقه، وهو ما يطرح السؤال عن كيفية تحول السودان، دولة اللاءات الثلاثة في قمة الخرطوم 1967: لا للسلام مع إسرائيل، ولا لاعتراف بها، ولا للتفاوض معها، إلى مرشحة للتطبيع معها”.
وأشار فريدمان، خريج جامعة السوربون الفرنسية، والباحث بالشؤون الإسلامية بمعهد التخنيون بجامعة حيفا، أن “لقاء البرهان- نتنياهو تم قبل أن يجف الحبر الذي كتب به وزراء الخارجية العرب بيانهم المعارض لصفقة القرن، مما يجعل من هذا اللقاء إحراجا لكل من يرفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل”.
وأوضح أن “البرهان يعتبر قريبا من المحور العربي المعتدل الذي يقوده السعودية ومصر والإمارات، ولعل لقاءه مع نتنياهو في اوغندا دون مشاورة مع الأوساط السياسية السودانية تحمل الكثير من الدلالات بالنسبة لشخصيته ونفوذه في البلد، ويبدو أن النموذج الذي يحتذيه البرهان يتمثل في جاره الشمالي وهو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحظى بدعم أوروبي وأمريكي كبيرين”.
وأكد أن “عدم الاستقرار الداخلي في السودان، والوضع الاقتصادي الصعب، والحاجة إلى مساعدة أمريكية عاجلة، فضلا عن غياب الاستثمارات الأجنبية في الدولة منذ سنوات طويلة بسبب وضعها في القائمة الأمريكية للإرهاب، كلها تعتبر من العوامل الأساسية في خطوة البرهان بلقاء نتنياهو، على اعتبار ان الطريق إلى واشنطن يمر بتل أبيب”.
وأضاف أن “وجود ردود فعل سودانية رافضة للتطبيع مع إسرائيل تذكرنا بمعارضة الرأي العام في كل من مصر والأردن للسلام مع إسرائيل، ومع ذلك فقد قرر حكامهما التوقيع على اتفاق السلام معها، واليوم فإن إسرائيل تقيم علاقات مع 39 دولة أفريقية من أصل 56 هي بلدان القارة كاملة، وتأتي السودان معنية بالانضمام إلى الدول الباحثة عن مصالحها الاقتصادية”.
وأشار إلى أن “أي اتصالات عربية إسرائيلية، ومن بينها السودان، تأتي بعد ان رفض الفلسطينيون صفقة القرن، مما يعني قبولا عربيا بالصيغة الجديدة القائمة على التواصل مع إسرائيل، وفي هذه الحالة غابت الفرضية القديمة التي كانت تشترط إيجاد حل للقضية الفلسطينية قبل أي علاقات عربية مع إسرائيل، واليوم ظهرت فرضية بديلة بموجبها فإن دولا عربية تأخذ وتعطي مع إسرائيل على أساس المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والأمنية”.
وختم بالقول إن “اليوم هناك علاقات متينة بين تل أبيب وعدد من عواصم الخليج العربي، وعلى رأسها التعاون الاقتصادي والاستراتيجي لمواجهة إيران، بجانب مصالح متبادلة اقتصادية وأمنية بين إسرائيل والسودان، وفي ضوء الإطلالة الجغرافية السودانية الكبيرة على البحر الأحمر، وهو الذي يعتبر ممرا دوليا للسفن التجارية، فإن هناك تقديرا بتنامي العلاقات التجارية بين تل أبيب والخرطوم”.
اضف تعليقا