ربى الطاهر

ربما لم يخطر على بال أيّ منا عندما يشترى شيئًا ما ويضعه البائع في كيس من البلاستيك، أو ربما عندما يشتري زجاجة ماء معدنية أو غازية- أن يسأل نفسه ما هو مصير تلك المنتجات البلاستيكية التي من المعروف عنها أنها من الصعب جدًا تحللها، وربما أيضا لم يتوقف للحظة ليفكر أن ما يحمله بين يديه من أكياس سيكون مع الوقت مشكلة بيئية عظيمة.

فللأسف رغم هذه المعلومة البسيطة إلا أن استهلاكنا من تلك المادة لم يتأثر، ولم توضع كذلك محاذير على تصنيعها، فليس هناك أي منتج تسعى للحصول عليه دون أن يكون مغلفًا بالأوراق البلاستيكية، أو أنها هي نفسها مصنوعة من البلاستيك أو حتى معبأة في مادة من البلاستيك.

وقد يعتقد البعض أن هذه المواد الهالكة يعاد تدويرها مرة

أخرى، ولا تمثل مشكلة كبيرة كما هي في الواقع.. إلا أن فعليًا ما يعاد تدويره هو نسبة قليلة بالنسبة للكَمّ المنتج أما المتبقي فلا سبيل للتخلص منه سوى في مقالب القمامة والتي قد تصل نهائيًا إلى البحار والمحيطات.. إلا أن ذلك لم يحل المشكلة بل إنه زادها تعقيدًا، فحيث إن المواد البلاستيكية لا تتحلل إلا بعد مرور فترة زمنية طويلة جدًا فإن التخلص منها بهذا الشكل يتسبب في مشكلة بيئية للبحار والمحيطات، والأهم للكائنات البحرية.

وربما ما يعكس خطورة هذه المشكلة هو ما عرضته صحيفة الجارديان البريطانية على صفحاتها لإحدى الدراسات التي تقول إنه قد تم العثور في مياه الصنبور المتواجدة بعدد كبير من البلدان حول العالم على جزيئات ميكروبلاستيك، وجاءت النتائج للعينات التي تم تحليلها، وقد وصلت فيها نسبة الألياف البلاستيكية إلى 83% من إجمالي تلك العينات.

ومن ثم أجريت تحليلات على نطاق أوسع، ولكن هذه المرة لعدد من البلدان وصل إلى ما يتخطى الاثنتي عشرة دولةً، وقد أُخذت من تلك البلاد عينات من مياه الصنبور للإجابة عن تساؤل إلى أي مدى وصلت نسب انتشار هذا التلوث البلاستيكي في البيئة العالمية..

وجدير بالذكر الإشارة إلى أن الأسماك والأطعمة البحرية، قد طالها نسبة من التلوث بهذه الجزيئات الميكروبلاستيكية؛ حيث إن ما يتم التخلص منه من مخلفات بلاستيكية في المياه البحرية قد يتحلل جزء منه في هذه المياه، وبالتالي يصل إلى الكائنات البحرية.

حقائق حول استخدام مادة البلاستيك

وكانت الوسائل الإعلامية قد رصدت العديد من الحقائق حول تلك المشكلة  الخاصة بالتلوث البلاستيكي لمحاولة جذب الاهتمام لها، ومحاولة الحد منها، ومن بين وما تم رصده من تلك الحقائق هو

– أنه يتم بيع 20 ألف زجاجة بلاستيكية في  كل ثانية.

–  ما يتم تجميعه من كل هذا الكمّ من الزجاجات البلاستيكية هو 50% فقط  بغرض إعادة تدويرها إلا أن واقعيًا ما يتم إعادة تدويره من هذا المجموع هو 7% فقط، لكي يتحول إلى زجاجات جديدة يمكن استخدامها مرة أخرى.

– وتصل نسبة ما تم التخلص منه في مقالب القمامة أو في البحار والمحيطات إلى 79% من إجمالى ما تم تصنيعه حتى الآن.

– وتصل المدة الزمنية التي يحتاجها كوب من البلاستيك لكي يتحلل إلى 50 عامًا، أما المدة التي تحتاجها مثلًا الخيوط البلاستيكية المستخدمة في الصيد إلى 600 عام لكي تتحلل.

– وتعتبر الصين من أعلى دول العالم التي قامت بإلقاء مخلفات بلاستيكية في عام 2010 وقدر حجم ما تخلصت منه في هذا العام بـ 9 مليون طن من البلاستيك.

– يتسرب إلى المياه البحرية العالمية سنويًا ما بين 5 ملايين و 13 مليون طن من البلاستيك.

– بإمكان الشركات المصنعة استخدام البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 100 % لصنع زجاجات الشرب البلاستيكية والمعروفة باسم”RPet”، وهناك بالفعل محاولات للضغط على الشركات الكبرى المصنعة للمشربات لكي تزيد من استخدامها لكمية البلاستيك المعاد تدويره في ما يستخدمونه من زجاجات.

– تتعرض بعض الكائنات البحرية لخطر الموت بسبب تلك المخلفات، حيث إن كائنًا بحريًا مثل السلاحف لا يمكنه التمييز بين قناديل البحر- والتي تعتبر من المأكولات التي يتغذى عليها-  وبين الأكياس البلاستيكية،  مما يتسبب لها في انسداد داخلي بالأمعاء، وهو ما يؤدّي بها في النهاية إلى الموت.

– كما تتضرر كذلك الطيور البحرية من تلك القطع البلاستيكية التى قد تتناولها على أنها أطعمة  فتصاب بتدمير في الجهاز الهضمي، ومن ثم للحيتان التى تأكلها، وهو ما قد يؤدّي أيضا إلى موتها.

– قد تتسرب مادة “BPA” المستخدمة في تصنيع البلاستيك إلى الطعام، وكذلك الشراب، وتمثل هذه المادة مصدرًا للقلق لأنها تؤثر على المخ، وكذلك السلوك على الأطفال، بالإضافة إلى العديد من الآثار الصحية الأخرى، فقد أثبتت بعض الدراسات أن هناك ترابط ما بين هذه المادة، وبين وارتفاع ضغط الدم. ولذلك يجدد التنبيه على تفصيل  استخدام المنتجات الخالية من هذه المادة.

استراتيجية  للحد من استهلاك البلاستيك

ولمراجهة هذه المشكلة التى قد تؤثر علينا جميعًا فلابدَّ أن يكون هناك استراتيجية اجتماعية عالمية لمواجهتها، ويقترح أن تتخذ بعض الخطوات لمحاولة تقليل استخدام تلك المواد المصنعة من البلاستيك مثل:

  • عدم استخدام الشفاطات البلاستيكية، فعند ذهابك إلى أحد “الكافيهات” بإمكانك أن تبلغ النادل بأنك لست بحاجة إلى استخدامها عند طلبك المشروب الخاص بك.
  • يفضل البعض عدم استخدام الأكياس البلاستيكية عند ذهابه إلى التسوق، فإذا كنت أحد هؤلاء فأنت تتخذ الخطوات الصائبة، أما إذا كنت مما يفضلون استخدام الأكياس البلاستيكة فيمكن تعديل هذا السلوك من خلال شراء بعض الحقائب المصنوعة من القماش واستخدامها أثناء الذهاب إلى التسوق، وبذلك يمكن تجنب استخدام تلك الأكياس المصنوعة من النايلون أو البلاستيك.
  • يتوفر ببعض المتاجر سلع غير معبأة في الأكياس البلاستيكية مثل الأرز أو المعكرونة أو الحبوب بشكل عام أو حتى المكسرات، وربما تفضيلك لشراء تلك المنتجات قد يقلل من التكلفة المادية لذلك التغليف البلاستيكى الضار وغير الضروري.
  • تتوجه بعض المصانع إلى استخدام الزجاج في تعبئة بعض المواد الغذائية كالألبان أو العصائر أو الصلصة على سبيل المثال بدلًا من تلك الأوانى البلاستيكية، وبإمكانك اختيار هذا الأطعمة بدلًا من نظائرها المعبأة في أوانٍ بلاستيكية، ثم إعادة استخدام تلك الأواني مرة أخرى في تخزين المواد الغذائية لديك بدلًا من التخزين بالأواني البلاستيكة، ويمكنك كذلك استخدامها أثناء شراء بعض المواد الغذائية غير المعبأة وفي حالة استخدامك لبعض الأواني البلاستيكسة لا محالة فيمكن إعادة تدويرها، واستخدامها في تخزين بعض المواد بدلًا من رميها.
  • اتباعك لبعض السلوكيات قد يحدّ من استهلاك المزيد من المواد البلاستيكية، فيمكنك مثلًا إعادة استخدام الزجاجات القابلة للاستخدام حتى لا ينتهي بها المطاف إلى البحار والمحيطات، كما يمكنك مثلًا تخصيص كوب تصحبه معك إلى المقهى أو الكافية، وأن تطلب من النادل استخدامه بدلًا من أن يستهلك كوبًا من البلاستيك، وقد تتبع نفس الخطوة بمكتبك أيضًا لتوفير استخدام الأكواب البلاستيكية أو الورقية.
  • هناك دائمًا بدائل يمكن استخدامها بدلًا من تلك المواد المصنعة من البلاستيك، وعلى سبيل المثال أعواد الثقاب الخشبية التى قد تغنيك عن استخدام الولاعة البلاستيكية، وإذا رغبت في استخدام أحدهم فبإمكانك شراء واحدة معدنية تصلح لإعادة استخدامها عدة مرات.

إذا كنت ممن يتناولون الطعام خارج المنزل فإبمكانك الاحتفاظ بأدوات الطعام المعدنية الخاصة بك في حقيبتك لاستخدامها بدلًا من تلك البلاستيكية التي يقدمها المطعم مثل الملاعق والسكاكين.