العدسة – معتز أشرف
المقرر الخاص المعنيُّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ميشيل فورست، سدد ضربة موجعة جديدة لرباعي الحصار “البحرين ومصر والسعودية والإمارات” في تقريره السنوي حول الانتهاكات التي تورطت فيها بعض الدول ضد العمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، حيث كشف عن تصدر البحرين ومصر والسعودية والإمارات القائمة الأممية المناهضة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وأورد فيه آفة الانتهاكات المرتكبة ضد الحقوقيين في الفترة ما بين 1 كانون الأول / ديسمبر 2016 و31 يناير 2018، معربا عشرات المرات عن قلقه البالغ من التردي الشديد في حقوق الإنسان، قبل أن يقدم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان على هامش انعقاد الدورة السابعة والثلاثين عملا بقرار المجلس رقم 25/18، ليعيش الرباعي المستبد عبدالفتاح السيسي، ومحمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، وحمد بن عيسى، في قلق دائم من التجريس العالمي المتواصل.
أرقام مشينة!
تصدرت البحرين قائمة الانتهاكات بعدد 9، فيما حلت مصر في المرتبة الثانية بـ 8 انتهاكات، والسعودية في المرتبة الثالثة بـ 4 انتهاكات مرصودة، والإمارات بـ 3 انتهاكات، وذلك في الفترة التي يغطيها التقرير، حيث أرسل المقرر الخاص 40 رسالة إلى 12 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منهم دول الحصار الأربعة تتضمن عددًا كبيرًا من الانتهاكات المقلقة باستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، إلى جانب وفاة أحد المحتجزين أثناء احتجازه.
وأكد المقرر الخاص بحسب التقرير الذي نشره كاملا مرصد منظمة كوميتي فور جستس الاثنين ، أن سوء معاملة وتعذيب المدافعين عن حقوق الإنسان يمثلان مشكلة واسعة النطاق في جميع أنحاء الطيف الإقليمي، على الرغم من عدد لا يحصى من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تشجب هذه الممارسة، وعلاوة على ذلك، فإن ردود الحكومات في المنطقة كثيرا ما تظهر تدليسا فيما يتعلق بهذه الانتهاكات، وفي حين أن الرسائل المرسلة إلى الحكومات تتضمن انتهاكات ملموسة تدعمها ظروف وقائعية وشهادات يمكن التحقق منها، فإن الردود الواردة في كثير من الأحيان تشير ببساطة إلى أن الادعاءات لا أساس لها من الصحة، دون تقديم دليل ملموس على العكس، ونادرا ما تشير إلى أية محاولة للتحقيق في الانتهاكات المحتملة أو ملاحقتها قضائيا.
وكانت الآليات الأممية كشفت كذلك تصدر مصر والسعودية والبحرين قائمة الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في الفترة الزمنية من نهاية يونيو 2017 إلى نهاية ديسمبر 2017، وهو ما دعا مقرري الخواص بمجلس حقوق الإنسان، المعنيين بملاحقة جرائم حقوق الإنسان، إلى وضعهم في صدارة الترتيب الدولي في عدد النداءات العاجلة التي أصدرها المقررون بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
البحرين الأولى!
وأصدر المقرر الخاص المعنيُّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان 9 بلاغات في الفترة التي تضمنها التقرير بشأن انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، ومنها انتهاكات بشأن الاحتجاز المستمر والإجراءات القضائية ضد المدافعة عن حقوق الإنسان، السيدة غادة جمشير، بسبب الأنشطة المشروعة لحقوق الإنسان والتعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي والاحتجاز لستة مدافعين عن حقوق الإنسان، من بينهم قاصران، ردا على مشاركتهم في الاحتجاجات والتعذيب وإساءة المعاملة والاعتقال التعسفي والاحتجاز لثلاثة أفراد بهدف ترهيب وإضعاف أنشطة السيد سيد أحمد مصطفى محمد الوداعي في مجال حقوق الإنسان، مع استمرار ارتكاب السلطات البحرينية انتهاكات واسعة وشديدة ضد الحق في الحياة، وحظر التعذيب وحسن المعاملة والحق في حرية الدين أو المعتقد، وحرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات في البحرين بالإضافة إلى القضية رقم 6/2017 بشأن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، بمن فيهم مدافع عن حقوق الإنسان، وإصابة عشرات المتظاهرين.
وأوضح المقرر الخاص أن السلطات البحرينية ردت على جميع رسائل الاتصال المرسلة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، إلا أنه لا يزال يشعر بقلق بالغ إزاء السياق الأعم للحملة العامة والضغط المتزايد الذي تمارسه السلطات الحكومية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، بما في ذلك مقاضاة هؤلاء الأشخاص ومعاقبتهم وترهيبهم ومضايقتهم، مؤكدا أن السلطات البحرينية لجأت إلى اتخاذ تدابير جذرية للحد من الآراء المخالفة، بما في ذلك الأعمال الانتقامية الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل التعاون مع الأمم المتحدة، ولاسيما مجلس حقوق الإنسان ومفوضية حقوق الإنسان.
قمع مصري!
كما أصدر المقرر الخاص المعنيُّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان 8 بلاغات في الفترة التي تضمنها التقرير بشأن انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، بشأن الاحتجاز التعسفي والمضايقات وفرض حظر السفر وتجميد أصول عزة سليمان، وهي مدافعة بارزة عن حقوق المرأة، وفرض حظر على السفر وتجميد الأصول وإغلاق المكتبات بالقوة لمضايقة وتجريم الأعمال المشروعة لحقوق الإنسان التي يقوم بها جمال عيد، والإغلاق القسري لمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، والاعتقال التعسفي والاحتجاز ضد الدكتور أحمد عماشة، انتقاما للتعاون مع فريق الأمم المتحدة العامل المعنيِّ بالإنفاذ والاختفاء القسري، واحتجاز الدكتورة حنان بدرالدين عبدالحافظ عثمان، علي خلفية أنشطتها كمدافع عن حقوق الإنسان، واعتقال السيد إبراهيم عبد المنعم متولي حجازي والاحتجاز اللاحق له، انتقاما لأنشطته كمدافع عن حقوق الإنسان والتعاون مع الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعنيِّ بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وأحمد علاء وسارة حجازي.
واستنكر المقرر الخاص الانتهاكات الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، الذين يتعرضون للتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والاحتجاز وتجميد الأصول وحظر السفر والقيود الإدارية المفروضة على المدافعين عن حقوق الإنسان، والانتقام من الممارسة المشروعة لحقوقهم بموجب القانون الدولي، وتحدث بوجه خاص عن الوضع الذي تواجهه المدافعات عن حقوق الإنسان ومجموعات حقوق المرأة التي لا تزال تعاني من نتائج الحملة المستمرة على المجتمع المدني في مصر كأثر لنمط القمع المنهجي ضد المجتمع المدني، وهو ما يترك أثرًا سلبيًّا على المدافعين عن حقوق الإنسان وإسهامهم المشروع والقيم للغاية في قضية حماية حقوق الإنسان في مصر.
السعودية
كما أصدر المقرر الخاص المعنيُّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان 4 بلاغات في الفترة التي تضمنها التقرير بشأن انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، بشأن التحقيقات التعسفية والملاحقات القضائية لثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان، وهم: السيد محمد عبدالله العتيبي، والسيد عبدالله موديه سعد العطاوي، والسيد عيسى الحميد، على خلفية أنشطة تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها، والحبس الانفرادي والاحتجاز التعسفي للسيد الإمام حسن طه الوليد والسيد محمد سيد أحمد القاسم والمواطنين السودانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلا عن الاحتجاز التعسفي المزعوم للسيد عصام كوشاك، والاعتقال التعسفي والتهديدات بالتعذيب ضد المدافع عن حقوق الإنسان السيد عيسى النخيفي، فيما يتعلق بعمله في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية والتعاون مع المنظمات الدولية .
وأعرب المقرر الخاص عن قلقه البالغ إزاء حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، فعلى الرغم من انتخاب المملكة العربية السعودية عضوا في مجلس حقوق الإنسان في نهاية عام 2016، فقد واصلت الممارسة الخطيرة المتمثلة في إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان، والاعتقالات التعسفية لهم ولغيرهم، واحتجازهم ومضايقتهم، فيما استنكر استمرار المملكة العربية السعودية في استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والقوانين المتصلة بالأمن ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، واستهداف الكتاب والصحفيين والأكاديميين، إلى جانب أعضاء الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية المحظورة، في نمط مستمر من الاعتقالات والاحتجازات التعسفية الواسعة النطاق والمنهجية، حيث يوجد أكثر من 60 شخصية دينية بارزة وكتابًا وصحفيين وأكاديميين وناشطين مدنيين قد احتجزوا في موجة من الاعتقالات منذ سبتمبر 2017.
الإمارات
كما أصدر المقرر الخاص المعنيُّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان 3 بلاغات في الفترة التي تضمنها التقرير بشأن انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات؛ اثنان منها بشأن الاعتقال التعسفي والاحتجاز السري، ثم استمرار الاحتجاز في الحبس الانفرادي ودون إمكانية الاستعانة بمحام للمدون الإماراتي والمدافع عن حقوق الإنسان السيد أحمد منصور، والسجن لمدة عشر سنوات والتعذيب والمعاملة القاسية والحرمان من الحصول على العلاج الطبي للسيد ناصر بن غيث، وهو عالم إماراتي ومدافع عن حقوق الإنسان، فيما استنكر انتهاكات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين وانتهاك حقوق المحاكمة العادلة، والتجريم، والعقبات التي تعترض حرية التعبير، وحالات الاختفاء القسري، والتعذيب وسوء المعاملة، والأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، من أجل الممارسة المشروعة لحقوقهم بموجب القانون الدولي.
وشدد المقرر الخاص على أن عمليات القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان لممارسة حقهم في حرية التعبير على وسائل الإعلام الاجتماعية وشبكة الإنترنت ليست حوادث منعزلة، بل هي جزء من نمط أوسع من انتهاكات حقوق الإنسان التي تستهدف النشطاء الذين أعربوا عن انتقادهم للحكومة الإماراتية وسياساتها، مستنكرا استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان نتيجة لجهودهم الرامية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها.
اضف تعليقا