بدأت وسائل إعلام أبوظبي، مؤخراً، فصلاً جديداً من حملات التحريض المنظَّمة ضد رموز الشرعية في اليمن؛ عبر وصفهم بالأبواق وربطهم بأجندات دول وجماعات.

واستهدفت الحملة بالاسم مختار الرحبي، مستشار وزير الإعلام والمسؤول السابق في الرئاسة اليمنية، وأنيس منصور، الدبلوماسي ونائب الملحق الإعلامي بسفارة اليمن في الرياض، والصحفي أحمد الشلفي، مسؤول الملف اليمني في شبكة الجزيرة، والصحفي سمير النمري، مراسل الجزيرة في سلطنة عُمان.

وزعمت الحملة في أبرز اتهاماتها أن هذه الشخصيات تستقطب شخصيات يمنية للتنسيق مع المسؤولين القطريين والتحريض على أنشطة دولة الإمارات في اليمن.

استنكار وتضامن

ولقيت الحملة استنكاراً وسخرية من قبل اليمنيين على منصات التواصل، حيث سجل النشطاء تضامناً واسعاً مع المستهدفين، وحمّلوا الإمارات مسؤولية سلامتهم.

المحلل السياسي اليمني هاشم الأبارة أكّد أن “هذه الحملة الممولة إماراتياً لمهاجمة الشخصيات اليمنية التي تنتقد تجاوزات أبوظبي تعكس حماقة تقدير العلاقة بين بلادنا وبلادهم”.

وفي منشور له على فيسبوك قال: “يعتقد هؤلاء المغفلون أنهم اشتروا بلادنا ومواقفنا وقضيتنا بمشاركتهم في التحالف العربي، غصباً عنكم ستسمعون له هذه الأصوات ولن يفيد هذا النباح وهذا الإرهاب الإعلامي في إسكات أحد”، وفق تعبيره.

وخاطب الأبارة الإعلاميين الإماراتيين بقوله: “اذهبوا إلى حكومتكم وطالبوها باحترام بلادنا وأولوياتنا ومصالحنا أو اخرسوا عن شتمنا إذا كنتم عاجزين عن مخاطبة حكوماتكم بشجاعة”.

خلفيات التحريض

من جانبه أوضح مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، أن “هذه الحملات ليست وليدة اللحظة؛ وتعود إلى بداية الأزمة بين الحكومة اليمنية الشرعية وبين الإمارات، واستهدفت في وقت سابق رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء السابق، وعدداً من الوزراء؛ بسبب تصريحات ومواقف ضد عبث الإمارات في المناطق الجنوبية”.

وفي أكتوبر 2018، نقل موقع “الموقع بوست” اليمني عن مصدر خاص أن الإمارات تقدمت بشكوى رسمية للاستخبارات السعودية ضد مجموعة من الناشطين والإعلاميين اليمنيين المقيمين في المملكة؛ تتهمهم “أبوظبي” في مهاجمتها إعلامياً على خلفية سياستها في جنوب البلاد.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين” اعتبر الرحبي أن أبوظبي تستخدم وسائل الإعلام لمحاولة إرهاب كل صوت يفضح أجندتها ودعمها لمليشيات خارج إطار الدولة.

وأضاف: “أنا من هذه الأصوات التي تتحدث عما تقوم به الإمارات في اليمن وعن أهدافها الخفية التي تتستر عليها، وتستخدم التحالف العربي لتحقيق أجندتها وتنفيذ مشاريعها في سقطرى وحضرموت وجزيرة ميون وعدن، التي حولتها إلى قرية ممتلئة بمليشيات مناطقية خارج إطار الدولة”.

لا تراجع ولا صمت

وتابع الرحبي: “لديها (أبوظبي) مشاريع وأجندة في المناطق الاستراتيجية، لذلك تحاول إرهاب كل صوت يفضح مشاريعها والتهمة مقولبة وجاهزة.. إخواني إصلاحي قطري إيراني، وهذه التهم لم تعد تنطلي علينا، وسوف نستمر في الحديث عما تقوم به في اليمن”.

وأكد المسؤول في الرئاسة اليمنية أنه ومعه كثير من المسؤولين في الدولة لن يصمتوا ولن تؤثر فيهم هذه الأصوات وهذه الاتهامات ومحاولات التشويه، وسيستمرون في فضح أجندة الإمارات حتى تتوقف عن ذلك، أو تُطرد من اليمن كما طُردت من جيبوتي والصومال.

بدوره تعهد الصحفي اليمني سمير النمري، أحد المستهدفين في الحملة، بمواصلة كشف جرائم الإمارات وممارساتها العبثية في اليمن، وأكّد في منشور بصفحته على فيسبوك أن “التحريض الذي تمارسه وسائل التواصل الممولة من الإمارات‬ لن يثنينا”.

ويستغرب مراقبون من توقيت الحملة؛ حيث إن الإمارات بدلاً من تركيزها على الهجمات التي تتعرض لها موانئها ومطاراتها من قبل الحوثيين وإيران تكتفي بالصمت أو البيانات الدبلوماسية الناعمة، في حين تتوحش ضد اليمنيين الذين يدافعون عن بلدهم وسيادتهم.

الأزمة اليمنية الإماراتية

وتدهورت العلاقات بين الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي والإمارات، التي تشارك في التحالف العربي بقيادة السعودية، منذ فبراير 2017، حيث اتهمت الحكومة اليمنية الإمارات بالتصرّف في اليمن كدولة محتلّة وليس محرِّرة.

وزاد التوتّر بعد الخلاف العلني بشأن الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى اليمنية، بعد أن قالت الحكومة اليمنية: إن “الجزيرة تحت احتلال دولة خليجية”.

كما شنَّ مسؤولون يمنيون على مستوى وزراء هجوماً على الإمارات عبر وسائل إعلام أجنبية؛ بسبب عرقلة جهود الحكومة اليمنية، وإعاقة أداء مهامها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومنع الرئيس هادي من العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأنشأت الإمارات مليشيات موازية للقوات النظامية بعقيدة انفصالية في معظم المحافظات اليمنية المحررة، كما تحولت أبوظبي إلى مقر لإقامة عدد من الشخصيات الجنوبية ذات التوجهات الانفصالية وعائلاتهم، حيث تتولى إدارة كافة اجتماعاتهم ومساعيهم للانفصال.

انتهاكات إماراتية

وقبل أن تتكشف الإمارات أكثر بتورطها في انتهاكات لحقوق الإنسان، وفقاً لتقارير المنظمات الدولية ومنها لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي؛ حيث وثقت هذه التقارير تورط أبوظبي في عمليات اغتيالات وسجون سرية وتعذيب محتجزين بالضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي.

وفي منتصف 2017، كشفت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية عن شبكة من المعتقلات السرية لا تقل عن 18 سجناً تديرها الإمارات والقوات المحلية الموالية في جنوب اليمن، بينها سجن بئر أحمد، حيث نشرت رسومات تكشف طرق التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون فيه، إضافة إلى 4 سجون سرية أخرى.

وأشارت تقارير حقوقية إلى وجود أكثر من 150 معتقلاً داخل السجن، منهم 62 معتقلاً دون ملفات ولم يُحقَّق معهم منذ عامين، و4 معتقلين أصبحوا مختلين عقلياً بسبب التعذيب.

وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة سلط الضوء على السجون في جنوب اليمن وانتهاكات الاحتجاز والإخفاء القسري والتعسفي، وسوء المعاملة، والحرمان من المراجعات الطبية للمحتجزين، ووجه اتهامات لمسؤولين موالين للإمارات، وعلى رأسهم شلال شايع، مدير الأمن في عدن.

وذهبت الإمارات إلى إنشاء قواعد عسكرية في جزيرة ميون ومدينة المخا والمكلا، التي اقتطعت فيها الإمارات جزءاً من أرضية مطار الريان الدولي المدني، وحولته إلى مقر عسكري كما كشف مصدر خاص لـ“الخليج أونلاين” في وقت سابق.