تتصاعد الأحاديث عن فرص التطبيع بين السعودية وإسرائيل، في ظل التحولات الإقليمية الجارية ومساعي ولي العهد محمد بن سلمان لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التقارب مع تل أبيب. 

على الرغم من التاريخ الحافل بعدم الثقة بين البلدين، يبدو أن مصلحة النظام السعودي تتجه نحو تجاهل الموقف الشعبي والإسلامي الرافض للتطبيع لصالح تعزيز مكانته الإقليمية.

إلا أن رؤية محمد بن سلمان السياسية والاقتصادية، والتي تمثلت في “رؤية 2030″، تسعى لتحويل السعودية إلى قوة اقتصادية وتكنولوجية. 

لكن في الوقت ذاته، تثير هذه الرؤية تساؤلات حول الثمن الذي سيدفعه الشعب السعودي في حال قبول تحالف مع دولة تُعتبر تاريخياً رمزاً للاحتلال والقمع ضد الفلسطينيين.

الخطر الإيراني

الترويج للخطر الإيراني كذريعة للتقارب مع إسرائيل يعكس توجهاً يسعى لتحويل العداء مع طهران إلى مبرر للتحالف مع أعداء الأمة الإسلامية، ورغم التهديدات الحقيقية التي تمثلها إيران في المنطقة.

إلا أن السعودية كانت قد بدأت مؤخراً بتطبيع علاقاتها مع طهران عبر وساطة صينية. هذا التناقض يُظهر أن الحديث عن إيران ليس سوى وسيلة لتبرير التطبيع أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

كذلك فإن النظام السعودي يروج للتطبيع كفرصة اقتصادية تتيح الاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه المصالح الاقتصادية تستحق التفريط بالقضية الفلسطينية وبمكانة السعودية كزعيمة للعالم الإسلامي؟ التعاون مع إسرائيل قد يُنظر إليه من قبل الشعوب العربية والإسلامية كخطوة تشرعن الاحتلال الإسرائيلي وتطعن في نضالات الفلسطينيين.

الولايات المتحدة كذلك تلعب دوراً مركزياً في دفع السعودية نحو التطبيع، من خلال تقديم وعود بضمانات أمنية وصفقات أسلحة. لكن هذه الوساطة غالباً ما تأتي محمّلة بالضغوط السياسية التي قد تُجبر السعودية على تقديم تنازلات لا تخدم المصلحة الوطنية بقدر ما تعزز النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.

ثمن التطبيع

الربط العلني لأي اتفاق تطبيع بحل الدولتين يُظهر أن النظام السعودي يحاول تهدئة الرأي العام الإسلامي، لكنه في الواقع لا يقدم أي ضمانات جدية لدعم حقوق الفلسطينيين. هذه الخطوة قد تُفقد السعودية مكانتها كزعيمة للعالم الإسلامي، وتفتح الباب أمام احتجاجات شعبية واسعة في الداخل والخارج.

في ظل غياب الدعم الشعبي للتطبيع، يواجه النظام السعودي تحدياً كبيراً في إقناع التيارات المحافظة التي ترى في التطبيع خيانة للقيم الإسلامية. هذا الصراع الداخلي قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية تهدد استقرار النظام.

التحالف مع إسرائيل قد يُنظر إليه كضربة للهوية الوطنية للسعودية، التي طالما كانت رافعة لواء الدفاع عن الأمة الإسلامية. التطبيع قد يُفقد الشعب السعودي الثقة في قيادته، ويعزز المشاعر المناهضة للنظام داخل المملكة.

الخلاصة أن الشعب السعودي، المعروف بدعمه التاريخي للقضية الفلسطينية، لن يقف مكتوف الأيدي أمام خطوة تعتبر خيانة للأمة الإسلامية، في حين أن النظام قد يسعى لتقديم التطبيع كخطوة لتعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية، فإن الأصوات المعارضة ستظل تُذكّر بأن كرامة الأمة وهويتها لا تُباع بأي ثمن.

اقرأ أيضًا : التعيين بأهواء ولي العهد.. كيف أبرزت إقالة نظمي النصر عشوائية محمد بن سلمان؟