العدسة – إبراهيم سمعان
أكدت مضاوي الرشيد، الأستاذة بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، أن القرارات الملكية الأخيرة بتغيير وإعفاء وترقية عدد كبير من الموظفين المدنيين وجنرالات في الجيش ومستشارين في البلاط الملكي ورؤساء بلديات وحكام محليين ليست أمرا غير عادي في السعودية، لكن توقيتها يثير الشكوك.
وأشارت “الرشيد” في مقال لها بموقع “ميدل إيست آي”، إلى أن التعديلات الحكومية التي أقرها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز طريقة تقليدية بالنسبة لأي حاكم سعودي لتدوير المناصب بين أفراد العائلة الحاكمة داخل الجهاز البيروقراطي للدولة أكثر من كونها علامة على إصلاح له معنى.
وأوضحت أن الجيش السعودي والجهاز البيروقراطي للدولة يحتاج ما هو أكثر من التعديلات الحكومية.
ولفتت الأستاذة السعودية المقيمة في بريطانيا، إلى أن النظام في حاجة للاستفادة القصوى من شعور الارتياح، بينما المراقبون في الخارج مترددون حيال استقرار المملكة والحكمة وراء الكثير من التغييرات الأخيرة، مثل وجاهة عمليات تطهير الفساد، والوعد بإنهاء الاعتماد على النفط.
واعتبرت “الرشيد” أن التغييرات الأخيرة ليست إجراءات جديدة تبشر بكفاءة أفضل ومحاسبة في الجهاز البيروقراطي للدولة، وإنما هي حملة لتوزيع النخب المحلية في أدوار بارزة، موضحة أن التعيينات الجديدة ستسفر عن تضخم الجهاز البيروقراطي للدولة، والمتضخم بالفعل.
ونوهت إلى أن الملك مضطر لتوسيع دائرة المستفيدين في وقت يبدو فيه الجميع مشتبها فيه من وجهة نظر الملك ونجله، مشيرة إلى أن الحرس القديم بحاجة لاستبداله بجيل جديد، حتى لا يشعر هذا الأخير بأنه مستبعد من الفرص والثروة والمكانة.
وتابعت: “النظام مضطر للقيام بتغييرات بتصعيد البعض وإقالة البعض الآخر، في محاولة يائسة لخلق قاعدة واسعة من الرعايا المخلصين الذين لديهم حصة في الحكومة”.
ونوهت إلى أن تعيين تماضر الرماح، نائبة لوزير العمل، كان كافيا لإرسال رسالة لوسائل الإعلام في الخارج يمكن قراءتها على أنها تغيير ثوري من أعلى لأسفل من أجل تمكين المرأة.
وأوضحت “الرشيد” بأن اللعب بورقة “النوع الاجتماعي” مهم في وقت يجري فيه فحص التزام المملكة بتعهدها بتمكين النساء من قبل وكالات عالمية ووسائل إعلام غربية والأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن النظام السعودي في حاجة ماسة لجذب المستثمرين الأجانب، الأكثر ميلا لتوظيف النساء السعوديات عن الرجال.
ومضت تقول: “مع ذلك، فإن ضم النساء إلى الجيش لا يعني أننا سنرى جنديات يقمن بدوريات على الحدود الجنوبية للبلاد مع اليمن أو في شوارع الرياض، ناهيك عن حراسة الأسرة المالكة أو المنشآت النفطية الحيوية”.
وأضافت: “ربما يكون ذلك مهمة لواء مكون من ألف جندي باكستاني تم إرسالهم إلى السعودية بعد 3 سنوات من انتظار وصولهم”.
وتابعت: “لقد أثبت الجيش السعودي عدم قدرته على تحقيق انتصار على ما يوصفون بالبلطجية الحوثيين على الحدود مع اليمن، فهل يمكن لرئيس أركان جديد أن يحقق نصرًا نهائيًّا منتظرًا بعد حرب استمرت 3 سنوات مع الحوثيين”.
وأردفت: “يبدو أن الحرب اليمنية أصبحت غير قابلة لتحقيق نصر، نجحت الضربات الجوية فقط في تدمير بلد فقير، ولن تنجز سلامًا حقيقيًّا، الحل السياسي فقط هو الذي يمكنه إنهاء هذه الحرب، أكثر من القنابل التي يتم إسقاطها على البلاد”.
وتابعت: “شملت التغييرات الأخيرة تعيين جيل أصغر من الأمراء كحكام محليين، هذه ممارسة طالما اتبعت منذ إنشاء الدولة السعودية، مع قليل من الاستثناءات، كان الحكام المحليون من داخل الأسرة المالكة”، لافتة إلى أن ذلك كان بهدف أن يكون لدى أفراد الأسرة حصة من النظام للدفاع عنه.
ومضت تقول: “من غير المحتمل أن تُحدِث المراسيم الملكية ثورة في السياسة والممارسات السعودية”.
وأوضحت أن المراسيم الملكية لها منطق يتعلق بتوطيد السلطة وتخفيف المعارضة وتوليد ولاءات دائمة، مشيرة إلى أن أي مسؤول يقال يحصل على معاش، وأي مسؤول باق يطمع في تصعيده إلى منصب أكبر كوزير مثلا.
اضف تعليقا