حمل تقرير محققة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أغنيس كالامارد الخاص بجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي والذي صدر الأربعاء 19 يونيو/حزيران 2019، تفاصيل مؤلمة وأدلة قاطعة على أن الجريمة تم التخطيط لها على أعلى المستويات في الحكومة السعودية، وتحديداً ولي العهد محمد بن سلمان. هذا التقرير يرصد أبرز النقاط.

دانيا عقاد أعدت تقريراً يتناول أبرز النقاط التي ربما تكون قد ضيعتها كثرة التفاصيل، ونشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.

 

1-    العقوبات ليست قوية بما يكفي

رحبت كالامارد بحقيقة قيام الولايات المتحدة ثم كندا والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي بأخذ مبادرة توقيع عقوبات على أفراد سعوديين لدورهم في جريمة قتل خاشقجي، لكنها تحملهم مسؤولية الفشل في تفسير سبب استهداف أشخاص بعينهم -خصوصاً المسؤولين السعوديين من الرتب المنخفضة- وليس آخرين مثل سعود القحطاني (مستشار ولي العهد)، وهو واحد من العقول المدبرة للجريمة.

تقول كالامارد إنها لا تشكك في استخدام العقوبات كردٍّ على جريمة القتل، لكن «من الصعب إبعاد الانطباع بأن تلك العقوبات الموقعة على 17 فرداً أو أكثر، ربما تكون سحابة دخان، لتشتيت الانتباه عن المسؤولين الحقيقيين».

لكن الأهم أكثر هنا هو قولها إن العقوبات ليست قوية بما يكفي، وتحديداً لأنها «لا تتناسب مع فداحة الجريمة»، ولا تواجه حقيقة أن السعودية كدولة، مسؤولة في النهاية عن الجريمة.

ما هو الإجراء الذي يعتبر قوياً بما يكفي؟ تشير كالامارد هنا إلى أن ألمانيا هي الدولة الغربية الوحيدة التي علقت مبيعات الأسلحة للسعودية، ثم تقول إنها تدعم التوصيات التي طالب بها المقرر الأممي الخاص، مطلع هذا العام، بوقف ترخيص بيع تكنولوجيا المراقبة للسعودية حتى تثبت المملكة أنها تستعملها بصورة قانونية.

هذه النقطة ستثير التساؤلات بالتأكيد في المملكة المتحدة، حيث خضعت قضية بيع تقنيات مراقبة من صنع بريطانيا للتدقيق؟ بعد أن ظهر مطلع 2019، أنه من الممكن أن تكون تقنيات من هذا النوع باعتها المملكة المتحدة للإمارات العربية المتحدة، تم استخدامها في مراقبة الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز.

كان هيدجز قد اتُّهم بالتجسس بناء على معلومات تم استخراجها من أجهزته الإلكترونية، وقضى أكثر من خمسة أشهر في الحبس الانفرادي، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لكن تم العفو عنه وإطلاق سراحه بعد 5 أيام فقط.

 

2-    يجب أن يتوقف غوتيريش عن انتظار تركيا

ناشدت كالامارد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومجلس الأمن أو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يطلبوا فتح تحقيق جنائي دولي في مقتل خاشقجي، وتقول إن ما قامت به السعودية حتى الآن غير كافٍ، بل انتهك معايير حقوق الإنسان الدولية.

وقد ركزت كالامارد على غوتيريش دون أن تذكره بالاسم، حيث قالت إن هناك وجهة نظر -دون أن تقول مَن صاحبها- أن الأمين العام لا بد من أن ينتظر طلباً رسمياً من تركيا قبل إطلاق تحقيق جنائي دولي، وتضيف أنه بالقطع سيكون عظيماً لو أن تركيا أو حتى السعودية طلبت ذلك، لكن «من العبث أن يكون تدخل الأمين العام للأمم المتحدة قاصراً فقط على ذلك السيناريو».

وأضافت كالامارد: «يجب أن يكون السكرتير العام قادراً على فتح تحقيق جنائي دولي للمتابعة، دون أن ينتظر أن تطلب ذلك دولة ما».

 

3-    تهديدات آنية للمقيمين في أربع دول

أشادت كالامارد بالسعودية، لقيامها بإعادة هيكلة أجهزة المخابرات لديها بعد جريمة مقتل خاشقجي، لكنها ذكرت مراراً في التقرير أن السعودية لم تغيّر سلوكها، وتواصل اعتقال الصحفيين والنشطاء السياسيين حتى في الشهور الأخيرة.

وبالتحديد قالت كالامارد إنها تلقت أدلة موثوقة على قيام المخابرات المركزية الأمريكية بإخطار أربع دول غربية بوجود «تهديدات متوقعة وآنية» تستهدف مقيمين هربوا من السعودية، ودولة خليجية أخرى لم تسمها.

وعلى الأرجح، النرويج إحدى هذه الدول، حيث يقيم بها إياد البغدادي وهو ناشط حقوقي وناقد مفوَّه لولي عهد السعودية، يقول إن السلطات هناك أبلغته، في إبريل/نيسان 2019، أنه يواجه خطراً داهماً على حياته من جانب السعودية. وأخبر بغدادي«ميدل إيست آي» أن لديه «حدساً» بأن المخابرات المركزية الأمريكية هي من حذرت النرويجيين، لكن كالامارد في تقريرها لم تذكر الدول أو الأفراد.

 

4-    هل كان بإمكان الـ «سي آي إيه» أن تفعل المزيد؟

في بداية التقرير تقول كالامارد إنه بناء على المعلومات التي أمامها «لا يوجد دليل كافٍ» يشير إلى أن تركيا أو الولايات المتحدة كانت تعرف أو كان بإمكانها أن تتوقع وجود تهديد لخاشقجي.

ولكن في ثنايا التقرير تشير إلى تقرير في صحيفة واشنطن بوست في أكتوبر/تشرين الأول 2018، يقول إن المخابرات الأمريكية اعترضت اتصالات بين مسؤولين سعوديين يناقشون خططاً لخطف خاشقجي، كما تشير كالامارد إلى مقال منشور بـ «نيويورك تايمز» في فبراير/شباط 2019، ذُكر فيه أن المخابرات الأمريكية اعترضت محادثة عام 2017 بين محمد بن سلمان وأحد كبار مساعديه، جاء فيها أنه (ولي العهد) «سيستخدم رصاصة» ضد خاشقجي لو لم يعد الصحفي إلى السعودية ويتوقف عن انتقاد الحكومة.

تقول كالامارد إنها لم تتمكن من تأكيد صحة التقارير التي اعتمدت على تسريبات مخابراتية وتشير إلى أن الاتصالات لم يتم تفريغها وتحليلها إلا بعد وقوع الجريمة، لكنها تضيف أن «كلمات مفتاحية» -مثل رصاصة واختطاف- تشير إلى العنف، وكان «يجب تفريغها وتحليلها كأولوية».

وتتساءل المحققة الأممية في تقريرها، إذا ما كان محللو المخابرات المركزية قد توصلوا إلى نتيجة أن حياة خاشقجي في خطر إذا ما قاموا بالتحليل في وقته، وتتوصل إلى نتيجةٍ مفادها أنها لا تستطيع تقييم ذلك على أساس «المعلومات المحدودة المتاحة بشأن صياغات المحادثات التي تم اعتراضها».

«لكن على الأقل، كان يجب أن يؤدي التهديد إلى إثارة تحقيقات أعمق في مدى صدقه وجديته، وهذا التقييم كان سيؤدي بالتبعية إلى تحليل إذا ما كانت هوية وأنشطة السيد خاشقجي تضعه في مواجهة الخطر، وإذا ما كانت أنماط من السلوك العنيف تستهدف أفراداً في مثل وضعه».

 

5-    تمثال خاشقجي

من بين اقتراحات كالامارد في قائمة من الأفعال الرمزية رداً على مقتل خاشقجي، أن تقوم تركيا أو مدينة إسطنبول بعمل تمثال لخاشقجي كرمز لحرية الصحافة، يتم وضعه في مواجهة القنصلية السعودية حيث تمت جريمة قتله.

«تأكدت المقررة الخاصة من وجود مساحة كافية لإقامة التمثال».

 

6-    الشركة الغامضة

واحد من مهندسي عملية اغتيال خاشقجي، وهو سعود القحطاني، يقف وراء حملة مسعورة تستهدف نقاد الحكومة السعودية عبر الإنترنت.

وفي تقريرها تقول كالامارد إن الخبراء الذين ناقشتْهم من أجل تحقيقها أثاروا دور جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة والمؤسسات الإعلامية الذين تتعاقد معهم الحكومة السعودية سواء كأفراد أو شركات يقومون بحماية سمعة المملكة في الخارج.

وتقول كالامارد: «عمل شركة بالتحديد جاء ذكره في سياق مراقبة وتحليل وسائل التواصل الاجتماعي الذي تقوم به للمساعدة في تحديد الرسائل التي تنتقد السعودية وأصحاب تلك الرسائل»، لكنها لم تفسر أكثر.

 

7-    قضايا تركية

ذكرت كالامارد بالتفصيل الصعوبات التي واجهتها السلطات التركية كي تحصل على تصريح بدخول القنصلية السعودية لإجراء تحقيقاتها، وكذلك مقر إقامة القنصل العام، وأخبرها المدعي العام التركي بأن الأمر كان أشبه «بإدارة الغضب، لأنهم (السعوديين) لم يسمحوا لنا بإجراء التحقيق، كان لا بد لنا من أن نضغط ونضغط حتى يسمحوا لنا».