قال نشطاء حقوقيون إنه على شرطة العاصمة (في لندن) أن تأخذ التهديدات ضد المنفيين السياسيين السعوديين على محمل الجد وإلا ستخاطر بتكرار جريمة الاغتيال الوحشية التي تعرض لها الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي على يد عملاء تابعين للحكومة السعودية داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.

وحذر النشطاء من أنه يبدو أن الضباط والمسؤولين الأمنيين “ليس لديهم فكرة” عن المعايير الدولية المتبعة عند الرد على تقارير تشير إلى وجود تهديدات بالقتل، وأن تجاهل مثل هذه التقارير لن يؤدي إلا إلى تشجيع العناصر العدوانية داخل الأنظمة.

يأتي ذلك بعد أن رفضت شرطة العاصمة التحقيق في عملية الترهيب الواضحة التي تعرض لها شخصية معارضة بارزة تعيش في لندن.

وكان يحيى العسيري، المعارض السعودي البارز والضابط السابق في سلاح الجو الملكي السعودي، قد عثر على سكين كبير خارج نافذة مطبخه في أغسطس/آب الماضي في نفس اليوم الذي أرسل إليه أحدهم “رمزاً تعبيرياً” على هيئة سكين مع كلمة “قريبًا” باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي.

يشغل السيد عسيري الآن منصب الأمين العام لحزب الجمعية الوطنية – وهو حزب معارض سعودي يعيش معظم أعضائه في المنفى.

قام عسيري بإبلاغ الشرطة عما حدث معه، وبالفعل زار الضباط منزله لكنهم رفضوا فحص السكين بحثًا عن بصمات أصابع أو فحص كاميرا مراقبة قريبة بحجة أنه لم يتم “ارتكاب أي جريمة” وأن ذلك سيكون مضيعة للمال، حسبما أفاد.

وبحسب السيد عسيري، فإنه على مدى العامين الماضيين، تعرضت سيارته وسيارة العائلة للاصطدام، والاقتراب والتهديد في الشارع، كما أنهم كانوا ضحايا التنصت والمراقبة الإلكترونية الأخرى.

بدأت التهديدات في التصاعد في أعقاب مقتل الصحفي السعودي في واشنطن بوست جمال خاشقجي في تركيا عام 2018، إلى قنصلية بلاده في اسطنبول حيث تعرض للخنق والتقطيع، ولا تزال جثته مختفية حتى الآن.

واتهمت وكالة المخابرات المركزية محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية ونائب رئيس الوزراء، بإصدار أمر مباشر بالقتل، وحملت الأمم المتحدة بعد ذلك النظام مسؤولية “الإعدام خارج نطاق القضاء مع سبق الإصرار”.

في عام 2019، اضطر المسؤولون في النرويج إلى نقل إياد البغدادي، وهو فلسطيني مؤيد للديمقراطية، إلى مكان آمن بعد أن أبلغته وكالة المخابرات المركزية بوجود تهديد ضده من المملكة العربية السعودية.

وتلقى السيد عسيري، الذي يدير أيضاً منظمة القسط لحقوق الإنسان ومقرها لندن، تهديدات صريحة بالقتل تتضمن صوراً لقطع رأس، مع شرح يقول “ستعود إلى السعودية لمواجهة محمد بن سلمان”.

من جانبه، قال السيد عسيري “الحكومة البريطانية تعلم أننا تحت التهديد، وهم يعرفون مستوى الخطر الذي نواجهه من النظام، لكن عندما الشرطة لا تتعامل بجدية مع هذا الموضوع، وبدلاً من ذلك يتم إرسال ضباطاً على غير دراية بهذه الأمور”.

وأضاف “إذا علمت السعودية والإمارات أن الشرطة لا تهتم، فإن ذلك سيجعلهما أكثر شجاعة على ممارسة العنف ضد المعارضين… أعتقد أنهم ما زالوا خائفين من المملكة المتحدة، لكن هل سيستمرون في الخوف؟ لا أعرف.”

تُعد المملكة العربية السعودية حليفاً استراتيجياً للمملكة المتحدة، وبينهما علاقات عسكرية كبيرة ومشاريع اقتصادية مشتركة.

ذكرت صحيفة التليغراف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن ماثيو هيدجز، الأكاديمي البريطاني الذي تم سجنه وتعذيبه في الإمارات العربية المتحدة في عام 2018، يتم متابعته حاليًا في لندن.

كان هو ومحاميه، رودني ديكسون، ضحية لبرنامج التجسس عبر الهاتف “بيغاسوس” المصنع من قبل الشركة الإسرائيلية NSO Group، والتي تبيعه للحكومات والأنظمة المختلفة، وبحسب التقارير، فإن يحيى عسيري كان ضحية هذا الاختراق أيضاً.

منذ ذلك الحين، عرضت قيادة مكافحة الإرهاب في S015 سكوتلاند يارد على السيد هيدجز الحماية.

قال السيد هيدجز، وهو أكاديمي متخصص في الشرق الأوسط المعاصر، لصحيفة التليغراف: “الناس خائفون… السياق هو أنه مع إغلاق الولايات المتحدة سياسياً أمام السعودية بسبب خاشقجي والإمارات العربية المتحدة بسبب التدخل في الانتخابات الأمريكية، أصبحت لندن الآن ساحة معركة من أجل المركز والنفوذ”.

وتابع “هناك أيضًا مجتمعات كبيرة من المعارضين المنفيين في المملكة المتحدة، لكنهم يشعرون بعدم الأمان بشكل متزايد بسبب علاقات الأخيرة مع بلدانهم”.

وبحسب ما ورد تم تحذير المنفيين الباكستانيين الذين يعيشون في لندن العام الماضي من أنهم مدرجون في “قائمة القتل” التي وضعها الجيش الباكستاني، وهو حليف آخر للمملكة المتحدة.

من ناحيتهم، قالت شرطة العاصمة إنه ليس لديها سجل بأي جريمة مسجلة فيما يتعلق بحادثة سكين أغسطس/آب الخاص بيحيى عسيري.

وقال متحدث: “نطلب من أي شخص تلقى تهديدات أو اتصالات كيدية أخرى إبلاغ الشرطة التي ستقيم كل بلاغ”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا