إبراهيم سمعان

أصبحت كندا هدفا لبندقية الدبلوماسية السعودية التي تتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية، لكن على أية حال إذا كانت أوتاوا تعاني على المستوى السياسي، فليس هذا هو الحال اقتصاديًا، لأن المملكة السعودية ليست شريكًا تجاريًا وماليًا مهمًا لكندا كما تؤكد الأرقام.

وعقب طلب الحكومة الكندية للمملكة بـ “الإفراج الفوري” عن النساء والمثقفين الذين سجنتهم السلطات السعودية مؤخراً، قامت الرياض بطرد السفير الكندي وتجميد التجارة والاستثمار مع كندا، وإعادة سفيرها من أوتاوا، وفقا لصحيفة ” lesaffaires” الناطقة بالفرنسية.

وبالإضافة إلى ذلك، ستنقل المملكة السعودية إلى دول أخرى (خاصة الولايات المتحدة) ما يقرب من 7000 طالب يدرسون في كندا، كما ستتوقف الخطوط الجوية للمملكة عن التوجه إلى أوتاوا.

وعلى الرغم من قائمة الانتقام هذه، فالأمر لن يؤثر كثيرا على المستثمرين والمصدرين، باستثناء  شركة إس إن سي لافالين ، التي حققت 11٪ من عائداتها في المملكة السعودية عام 2017، وفقا لـ “جلوب أند ميل” فالإحصائيات تتحدث عن نفسها.

 

في عام 2017، بلغت صادرات البضائع الكندية إلى الشرق الأوسط 1.5 مليار دولار كندي، وهذا يمثل 0.3 ٪ من إجمالي صادرات كندا.

يصدر هذا البلد بشكل رئيسي المركبات العسكرية (43٪ من إجمالي الصادرات إلى الرياض)، وخام الحديد والمركبات السياحية.

في عام 2014، وقعت شركة جنرال دايناميكس لاند سيستمز ، للأعمال التجارية في لندن بأونتاريو، عقدا بـ 15 مليار دولار لتصدير مدرعاتها إلى المملكة، وفي الوقت الراهن، لا يوجد ما يشير إلى أن هذا العقد مهدّد نتيجة التوترات بين الرياض وأوتاوا.

 

بالإضافة إلى ذلك، بلغت واردات كندا من المملكة السعودية 2.6 مليار دولار كندي العام الماضي، وهذا يمثل 0.5 ٪ من إجمالي واردات البلاد، حيث تستورد أوتاوا النفط بشكل أساسي، وكذلك خام النحاس والألمنيوم غير المشغول.

هذا الأسبوع، قالت السعودية إن واردات كندا النفطية لم تكن مهددة على الرغم من الأزمة الدبلوماسية مع أوتاوا، فالعلاقة بين البلدين هي أيضا محدودة للغاية من حيث الاستثمار.

 

أقل من 0.1٪ من الاستثمار الأجنبي المباشر الكندي موجود في السعودية، بينما تمثل كندا 0.2٪ من الاستثمار الأجنبي المباشر للرياض، بحسب بيانات الحكومة الكندية.

 

كندا بمثابة مثال للديمقراطيات الأخرى

ما لم تعتذر أوتاوا، لن يتم حل التوترات الدبلوماسية بين كندا والسعودية على المدى القصير، كما تحذر الشركة الأمريكية المتخصصة في تحليل المخاطر السياسية   أوراسيا جروب.

قالت إيهام كامل المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط: إن تخفيف حدة الأزمة الدبلوماسية سيستغرق بعض الوقت”، مشيرة إلى أن  “القيادة السعودية الجديدة تستخدم أدواتها اقتصادية والسياسية لإرسال رسالة لشركائها مفادها أن التدخل في شؤونها الداخلية لن يتم التسامح معه”.

 

وتشير أوراسيا جروب، أن هذه الأزمة تأتي بسب عدم اهتمام الولايات المتحدة بتعزيز الإصلاحات الديمقراطية في العالم، وصعود الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين، فهذا السياق يشجع الديكتاتوريات مثل السعودية على أن تكون أقل تسامحا في مواجهة انتقادات الغرب فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

 

ورغم أنه في الوقت الحالي، لا يمكن للمستثمرين والمصدرين الكنديين القيام بأعمال تجارية مع السعودية، في حين أن هذه السوق مليئة بالفرص، فإن إغلاقها ليس كارثة بالنسبة للكنديين نظراً لحجم هذا الاقتصاد الناشئ.

في عام 2017 ، كان لدى المملكة العربية السعودية  البلد البالغ عدد سكانه 28.6 مليون نسمة، ناتج محلي إجمالي قدره 684 مليار دولار ، مما يجعله الاقتصاد التاسع عشر على مستوى العالم، وفقاً لصندوق النقد الدولي  .

 

اقتصادها يقع بين هولندا (826 مليار دولار) وسويسرا (679 مليار دولار أمريكي)

 

أكبر عشرة أسواق لتصدير البضائع الكندية هي الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة واليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية والهند وألمانيا وبلجيكا وفرنسا، وتحتل الرياض المرتبة العاشرة.

وباختصار، في حين أننا نشهد أزمة دبلوماسية كبيرة بين كندا والسعودية، لكن على المستوى الاقتصادي والمالي، نحن بعيدون عن الأزمة، بل بعيدون جدا.