في 24 شباط / فبراير أعلن الرئيس الروسي عن بدء عمليات عسكرية موسعة في الأراضي الأوكرانية، وعلى ما يبدو أن بعد هذا اليوم تغيرات أشياء كثيراً في العالم بأسره، فبعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية دخل العالم في صراعات فرعية كأزمات الغذاء والطاقة وأخرى جوهرية كأزمة السيطرة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية، والجدير بالذكر هنا أن الأولى هي مقدمة للثانية.. وهنا نسلط الضوء على أزمة زيادة الإنتاج من النفط لدول الخليج التي تعتبر أهم قضية على الساحة لما لها من تداعيات، فقد رفضت دول الخليج الطلب الأمريكي زيادة معدل الإنتاج من النفط
وهو ما دفع الجميع لإعادة النظر في العلاقات الخليجية الأمريكية فهل أزمة النفط هي أزمة عابرة وستمر مع الوقت وتعود الأمور لما كانت عليه مدة 70 عام أم أن تلك الأزمة جاءت لتكشف عن خلاف معمق ينذر بانقطاع تلك العلاقة التي استمرت لعقود انقطاعاً دون رجعة.
بداية العلاقات
ظهرت وترعرعت العلاقات العربية الأمريكية على مر السنين واستمدت قوتها من تبادل المصالح وتوزيع المهام، فقد تأسست العلاقات الأمريكية السعودية قبل 77 عاماً باتفاق الملك المؤسس “عبد العزيز آل سعود” والرئيس الأمريكي “فرانكلين روزفلت” في العام 1945، على أساس “النفط مقابل حماية النظام”، تطورت العلاقة مع زيارة الملك “سعود” إلى واشنطن 1957، ورسم دور المملكة “السياسي الإقليمي” الذي لم يتراجع إلّا في أواخر عهد الرئيس أوباما وخلفه ترامب.
ومع اشتداد الحرب الباردة بين الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي، كانت بعض فصولها تحتدم بصورة أكثر درامية على الأراضي العربية، فقد كانت القوتان تجمعان العملاء الإقليميين في جميع أنحاء الأرض، واختارت مصر المعسكر الشرقي حتى وفاة عبد الناصر، ثم انتقلت إلى الجانب الأمريكي مع نادٍ يضم السعودية والأردن وإسرائيل ودول الخليج العربي الوليدة، التي كانت تبحث عن الحماية بعد أن تخلى البريطانيون عن مواقعهم هناك عام 1971.
وخلال التسعينيات انتعشت علاقة واشنطن مع الإمارات العربية المتحدة بعدما اتخذ وجود الولايات المتحدة في الخليج مظهراً دائماً بعد حرب الكويت، وفي العقود التالية أصبحت الولايات المتحدة أكثر انخراطاً بشكل مباشر في الشرق الأوسط، كما تطورت هذه العلاقات بشكل وثيق مع الحرب العالمية على الإرهاب، حتى بدأ التغير الكبير وسط الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما الذي شرع في عقد اتفاق نووي مع غريمتها إيران.
نشأة الخلافات
بدأ إحساس عدم الأمان يتسرب إلى السعودية ومن ورائها الإمارات بعد استهداف الإيرانيين لمنشآت النفط في بقيق وخريص بالمملكة العربية السعودية في سبتمبر 2019، والأهم من ذلك هو ردة الفعل السلبية من جانب الرئيس الأمريكي “ترامب” حينئذ الذي اختار عدم الرد على الهجمات، رغم مساهمة بلاده في توثيق التورط الإيراني في الهجوم وقال “ترامب” بلغة فظة ” يجب عليها أن تدفع مقابل الحماية” .. ورغم إقامة “ترامب” لعلاقة وثيقة مع الملك “سلمان” وابنه الحاكم المنتظر للمملكة إلا أن ذلك أحدث شرخاً في علاقة البلدين، ومع مجيئ الرئيس “بايدن” لسدة الحكم ازداد الأمر سوءاً عندما وصف السعودية بالدولة المنبوذة خاصة في ملف حقوق الإنسان.
علاوة على ذلك فقد أسرع “بايدن” صوب اتفاق نووي جديد مع إيران، وهو ما تخشاه دول الخليج، كذلك التفكير في إزالة التصنيف الإرهابي من الحرس الثوري الإسلامي وعدم تصنيف الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران كجماعة إرهابية.
أما الإمارات فهناك اختلافات في نفس الموضوعات تقريباً من رفض زيادة إنتاج النفط وعدم إدانة الغزو الروسي على أوكرانيا لكن ما زاد الأمر سوءاً هو استقبال الإمارات لبشار الأسد وهو ما رفضته إدارة بايدن رفضاً قاطعاً، ليس ذلك فحسب فقد تدفقت أموال الروس الذين تم فرض عقوبات عليهم إلى دبي.
ايجاد الحماية
الخلاصة..تسعى السعودية والإمارات إلى إيجاد الحماية الدولية فمع تزعزع علاقتها بالولايات المتحدة التي تبحث دائماً عن المصالح، فقد بدأت السعودية والإمارات في إيجاد بديل لأمريكا هما “روسيا والصين” وهذا ما سيؤجج غضب الولايات المتحدة الأمريكية أكثر وقد تكون هذه القطيعة طلاق دون رجعة بعد زواج دام أكثر من 70 عاماً.
اضف تعليقا