مع تحرك جو بايدن لفتح احتياطيات النفط الاستراتيجية للولايات المتحدة، أبقى أكبر حلفاءه المنتجين للنفط على قرارهم بعدم التجاوب مع مطالب الرئيس الأمريكي، إذ تواصل الإمارات والسعودية رفض طلباته في الوقت الذي يحاول فيه مواجهة أسعار النفط المرتفعة التي أثارها الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان كلا البلدين صريحين بشكل غير عادي بشأن رفضهما التدخل في هذه الأزمة.

أدت الحرب المستمرة منذ خمسة أسابيع إلى تفاقم التوترات في أجزاء عديدة من العالم، ولكن ربما لا يوجد مكان يتعرض فيه نظام إقليمي لضغوط أكثر من الشرق الأوسط، حيث يسود التوتر الآن العلاقات بين السعودية والإمارات وبين حليفهما التاريخي.

دفع الرفض السعودي والإماراتي لإنقاذ بايدن – أو حتى تلقي دعواته – بالعلاقات بين دول الخليج وواشنطن إلى مستوى غير مسبوق من التوتر، بالإضافة إلى إن التدفق غير العادي للثروة الروسية إلى دبي، مثلما تحاول الولايات المتحدة وأوروبا خنق اقتصاد بوتين، قد زاد من تأجيج الأمور.

أضف إلى ذلك المحادثات التي لا تزال متعثرة بين واشنطن وطهران، والتي يمكن أن تشهد إرجاء العقوبات مقابل عودة إيران إلى الاتفاق النووي الذي أُبرم في عهد أوباما.

عادة ما يكون المسؤولون في أبو ظبي والرياض غامضين في كثير من الأحيان، لكن في الأسابيع الأخيرة، كانوا صريحين بشكل غير معهود مع الدبلوماسيين الزائرين من الولايات المتحدة تحديداً، كذلك تحدثوا بصراحة عن إلى أي مدى هم مستعدون للتعامل مع مطالب الأمريكيين.

قال أحد الدبلوماسيين الغربيين لصحيفة الغارديان إن نظيره السعودي قال له: “هذه هي نهاية الطريق بالنسبة لنا ولبايدن، بل ربما للولايات المتحدة أيضاً”.

الإعلاميون وكبار الدبلوماسيين السعوديون والإماراتيون نقلوا هذه السياسة الجديدة عبر منافذ إعلامية بصورة صريحة، حيث اختار رئيس تحرير قناة العربية السابق، محمد اليحيى، منتدى جيروزاليم بوست لنشر آرائه حول هذه المواقف.

وكتب “العلاقة السعودية الأمريكية تمر بأزمة… إنني منزعج بشكل متزايد من عدم واقعية النقاش الأمريكي حول هذا الموضوع، والذي غالبًا ما يفشل في الاعتراف بمدى عمق وخطورة الصدع الحالي”.

وأضاف “يجب أن تركز المناقشة الأكثر واقعية على كلمة واحدة: الانفصال…. عندما تفاوض باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران، فهمنا نحن السعوديين أنه يسعى لفسخ (زواج) دام 70 عاماً”.

وتابع في مقاله “عيوب تلك الصفقة معروفة… إنه يمهد الطريق لإيران لصنع قنبلة نووية… الصفقة تملأ صندوق حرب الحرس الثوري الإيراني، الذي نشر الميليشيات في جميع أنحاء العالم العربي وسلحهم بذخائر دقيقة التوجيه لاستهداف وقتل الأشخاص الذين كانوا يتطلعون في السابق إلى أمريكا للمساعدة في ضمان سلامتهم”.

كما تساءل “لماذا يجب على حلفاء أمريكا الإقليميين مساعدة واشنطن على احتواء روسيا في أوروبا بينما تعمل واشنطن على تقوية روسيا وإيران في الشرق الأوسط؟”

وقارن اليحيى مطالب واشنطن بدبلوماسية بكين اللامحدودة، قائلا: “في حين أن السياسة الأمريكية تعاني من تناقضات محيرة، فإن السياسة الصينية بسيطة ومباشرة… تقدم بكين للرياض صفقة بسيطة: بِع لنا نفطك واختر المعدات العسكرية التي تريدها من الكتالوج الخاص بنا؛ في المقابل، ساعدنا على استقرار أسواق الطاقة العالمية”.

وأوضح ذلك قائلاً “بعبارة أخرى، يقدم الصينيون ما يبدو بشكل متزايد على غرار الصفقة الأمريكية السعودية التي عملت على استقرار الشرق الأوسط لمدة 70 عامًا”.

في الأشهر الأخيرة، كان بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، زائرًا متكررًا للرياض، في محاولة لمعايرة العلاقة التي توترت بعد فترة وجيزة من تنصيب بايدن، عندما رفض التحدث إلى الزعيم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان.

لقد حدد هذا الموقف مسار المواجهة التي أعقبت ذلك، ويظل كل من محمد بن سلمان ونظيره في الإمارات، محمد بن زايد، حذرين للغاية من تصميم الإدارة على المضي قدما في الاتفاق النووي، الذي من شأنه أن يمنح إيران تخفيفا شاملا للعقوبات مقابل التخلي عن القدرة على صنع سلاح نووي.

زاد القلق من الافتقار الملحوظ للدعم من واشنطن للحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وكذلك نهج الإدارة الذي تعتقد الرياض وأبو ظبي أنهما مستعدان للتضحية بالحلفاء من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان.

كانت دبلوماسية المعاملات المجردة لدونالد ترامب صيغة مألوفة لكليهما، وقد تم نشرها بسهولة من قبل الصين، حيث يتطلع كل منهما إلى توثيق العلاقات التجارية والطاقة وحتى الأمنية.

ووصف البروفيسور عبد الخالق عبد الله، الباحث البارز في العلوم السياسية، الأزمة مع واشنطن بأنها الأسوأ منذ “50 عاما”، وتابع “لقد وضع [بايدن] سلسلة من القبضات على أبواب البيت الأبيض”، والتي قال إنها تراكمت بشكل خاص خلال إدارة بايدن.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا