كشفت صحيفة الجارديان البريطانية تفاصيل الليلة التي أجبر فيها 3 جنرالات بالبيت الأبيض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التراجع عن تنفيذ قائمة من القرارات ضد إيران، كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة بشأن الاتفاق النووي.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا التحالف قيد الكثير من الإجراءات والقرارات التي كان ينوي ترامب اتخاذها ضد إيران بعدما نجحت كل من السعودية وإسرائيل فى إقناعه بالمخاطر التي يمثلها تزايد النفوذ الإيراني.

وذكرت الجارديان أن قرار الرئيس الأمريكي برفض الإقرار بأن إيران التزمت بالاتفاق النووي الذي وقع عام 2015، حظي بإدانة من قبل الأصدقاء والخصوم على حد سواء.

ولفتت الصحيفة إلى أن كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا أعلنوا تأييدهم لاستمرار الاتفاق كما كتب دون تعديل، كما أيدت الصين وروسيا إيران فى استنكارها لقرار ترامب، معتبرة أنه غير مبرر ويهدد الاستقرار.

وأوضحت الصحيفة أن ما يبدو فى خارج الولايات المتحدة الأمريكية على أنه كارثة دبلوماسية، كان يمكن أن يكون أسوا بكثير فى الداخل الأمريكي، حيث كان من المتوقع بشكل كبير أن ينسحب ترامب من الاتفاق النووي، ويطالب بفرض عقوبات صارمة، واتخاذ خطوات وإجراءات أخرى من شأنها تشويه صورة إيران باعتبارها “دولة إرهابية” رائدة فى العالم.

دونالد ترامب

 

ضغوط

وأكدت الصحيفة أن تراجع ترامب عن اتخاذ الإجراءات السابقة جاء نتيجة تعرضه لضغوط مكثفة من قبل مسؤولين رفيعي المستوى، من بينهم كبار المسؤولين فى البيت الأبيض، ورؤساء إدارات وحلفاء مقربون مثل رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي التي تدخلت بشكل شخصي وكلمته عبر الهاتف لحثه على التراجع، ونتيجة لتلك الضغوط مجتمعة تراجع ترامب عن مساعيه على الأقل حتى الآن.

وبينت الصحيفة أن الحملة داخل الولايات المتحدة للضغط على ترامب قادها الجنرالات الثلاثة: رئيس أركان البيت الأبيض “جون كيلي”، ووزير الدفاع “جيم ماتيوس”، ومستشار الأمن القومي “هربرت ماكماستر”.

وقالت الصحيفة إن الجنرلات الثلاثة خدموا فى العراق، على عكس الرئيس دونالد ترامب، ويعلمون ما تعنيه النهاية الحادة، مشيرة إلى أن تدخلهم كان معنيا بخطاب ترامب، وفي النهاية رضخ ترامب بحيث يمكن القول إنها كانت ليلة الجنرالات فى البيت الأبيض.

واعتبرت الصحيفة أن تكرار عملية التحالف بين مستشاري ترامب وعدد من القادة الآخرين فى الدول الأخرى لثني ترامب عن قراراته، ربما يظل سؤالا مفتوحا يجيب عنه المستقبل، لكن فى كل الأحوال الأمر قد حدث بالفعل وتراجع ترامب.

جون كيلي

 

جيم ماتيوس

 

هربرت ماكماستر

 

القلق الأكبر

ولفتت الصحيفة إلى أن القلق الأكبر فى هذا الشأن حاليا بالنسبة لواشنطن يأتي من قبل كوريا الشمالية، حيث سبق أن هدد ترامب بتهور بأن واشنطن قد تدمر كوريا الشمالية إذا اضطرت لفعل ذلك من أجل حماية نفسها وحلفائها.

وأوضحت الجارديان أن الكونجرس استيقظ مؤخرا على حقيقة أن الرئيس لديه القدرة على شن ضربة نووية دون الحصول على مشاورات مسبقة، ويجب الآن بحث إيجاد تشريعات ترمي إلى كبح سلطة الرئيس..

لكن فى الوقت الحاضر فإن الجنرلات الثلاثة (كيلي ماتيس وماكماستر) هم السبيل الوحيد للسيطرة على ترامب لاسيما أن الأخير منعه من اندلاع حرب عالمية ثالثة.

ورغم أن نجاح التحالف أدخل السرور على حلفاء الولايات المتحدة من الأوروبيين فإن ضغطهم بجانب ضغوط الجنرلات الثلاثة أثر على قرار ترامب بشأن إيران، إلا أن هذه الفرحة تظل مقيدة بسبب إعلان ترامب بوضوح أنه لا يزال مستعدا لإنهاء الاتفاق بشكل كامل في أي وقت.

وتابعت الصحيفة أن ترامب لديه العديد من الوسائل لتنفيذ تهديداته عمليا، بسبب الهيمنة الأمريكية على النظم المصرفية العالمية، بجانب أنه إذا وافق الكونجرس على دعوته لمراجعة الاتفاق النووي لإضافة معايير جديدة، ورفضت إيران فى تلك الحالة فإن الاتفاق النووي سينهار فى غضون شهر.

عرض عسكري بحضور كم جونغ أون

 

نتائج عكسية

وقالت الجارديان إن التجربة أثبتت أن الحشد والضغط بعناية على ترامب من الممكن أن يأتي بنتائج فعالة في تحويله عن اتخاذ قرارات سلبية على الصعيد العالمي، إلا أن العكس يبدو صحيحا أيضا.

وأكدت الصحيفة أن كلا من السعودية وإسرائيل نجحتا خلال زيارة ترامب الأولى الخارجية فى مايو الماضي، في اللعب على هذا الوتر والضغط عليه، كما كانا سريعين على تهنئة ترامب بالأمس بعد رفضه التوقيع على الاتفاق النووي.

ومن الآثار المؤسفة لهذا، غض الولايات المتحدة الأمريكية الطرف عما تقوم به المملكة العربية السعودية من تجاوزات فى اليمن، وغض الطرف عن سجلها السيئ فيما يتعلق بحقوق الإنسان داخل المملكة، فضلا عن إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتل أبيب في بناء المستوطنات الجديدة في الأراضي المحتلة، وهو ما يزيد من تقويض عملية السلام.

كما نجح السعوديون والإسرائيلون في إقناع ترامب بأن تصاعد النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط سيعمل على تهديد المصالح الأمريكية.