بعد ثلاثة أيام من تنحي”عبد العزيز بوتفليقة” عن رئاسة الجمهورية الجزائرية، خرج الشعب الجزائري في تظاهرات “الجمعة السابعة”، مطالبين بإزاحة “الباءات الثلاث”.

 

يأتي هذا الموعد الشعبي بعد استقالة “بوتفليقة” من منصبه الثلاثاء الماضي بعد حكم دام 20 عاما، بعد دعوات للتظاهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

الباءات الثلاث

قصد المتظاهرون بـ”الباءات الثلاث” “عبد القادر بن صالح” و”الطيب بلعيز” و”نور الدين بدوي”، الذين ينص الدستور على توليهم قيادة المرحلة الانتقالية، ويعتبر هؤلاء شخصيات محورية ضمن البنية التي أسس لها “بوتفليقة”.

 

يرأس “عبد القادر بن صالح” مجلس الأمة منذ 16 عاما بدعم من بوتفليقة، وهو المكلف بحل مكان الرئيس المتنحي لمدة 90 يوما، يجري خلالها التحضير لانتخابات رئاسية، وذلك وفق الدستور.

 

تولى “الطيب بلعزيز” منصب وزير لمدة 16 عاما شبه متواصلة، فيرأس للمرة الثانية في مسيرته، المجلس الدستوري المكلف بالتأكد من نزاهة الانتخابات.

 

“مهندس التزوير الانتخابي وعدو الحريات” حسب صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية، اطلق على رئيس الحكومة “نور الدين بدوي” الذي تولى مهامه في 11 مارس، وزير داخلية.

 

ويذكر المتظاهرون أن “الباءات الثلاث” خدموا دولة بوتفليقة بوفاء، وبناء عليه يرفض المتظاهرون لوجال “بوتفلقة” من إدارة المرحلة الانتقالية.

 

نشر المحامي “مصطفى بوشاشي”، أحد وجوه الحراك، تسجيل مصور نشر عبر الإنترنت،قال فيه، “إن انتصارنا جزئي. الجزائريات والجزائريون لا يقبلون بأن يقود رموز النظام مثل “عبد القادر بن صالح” أو “نور الدين بدوي” المرحلة الانتقالية وأن ينظموا الانتخابات المقبلة”.

 

وأضاف: “طلبنا منذ 22 فبراير/شباط، بضرورة ذهاب كل النظام ورموزه وزبانيته. ذهاب واستقالة الرئيس لا يعني أننا انتصرنا حقيقة”.

 

والجدير بالذكر، أن مكتبا غرفتي البرلمان جلسيتا لتنظيم جلسة برلمانية ينص عليها الدستور لتحديد الرئيس الموقت للبلاد، لكن وبعد مرور 48 ساعة على استقالة “بوتفليقة”، لم يحدد بعد موعد هذه الجلسة.

 

ويطالب الجزائريون في التظاهرات، بإنشاء مؤسسات انتقالية قادرة على إصلاح البلاد وتنظيم بنية قضائية لضمان انتخابات نزيه. ويريد الشارع الجزائري أيضا رحيل النظام بأكمله.

 

ردد المتظاهرون خلال الجمعات السابقة هتافات مناهضة لهؤلاء المسؤولين الثلاثة، كما أعلنت أحزاب معارضة أنها ضد مشاركتهم في المرحلة المقبلة التي يأمل المطالبون بالتغيير أن تفضي إلى قيام جمهورية جديدة على أسس ديمقراطية.

 

واعتبرت جمعيات من المجتمع المدني بالجزائر استقالة “بوتفليقة” غير كافية، وقالت “إنها ترفض عملية انتقالية تكون في صلب النظام نفسه”، كما دعت إلى التظاهر مجددا لتحقيق التغيير ديمقراطي.

 

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” إن خبراء دستوريين يحذرون من أن الدعوة لرحيل رئيسي مجلس الأمة، والمجلس الدستوري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال من شأنها أن تؤدي إلى فراغ دستوري، في حين يبدو الجيش الجزائري حريصا على أن تتم عملية الانتقال السياسي في الإطار الدستوري.

 

ووفق وكالة رويترز، فقد برز اسم رئيس الوزراء السابق “أحمد بن بيتور” ليكون خليفة محتملا لـ”بوتفليقة” بسبب خلفيته السياسية والاحترام الذي يحظى به بين كثير من المتظاهرين، وكان الرئيس الأسبق “اليمين زروال” أعلن قبل أيام رفضه قيادة المرحلة الانتقالية.

استقالة طرطاق

بالتوازي مع المظاهرات، قدم مدير المخابرات “عثمان طرطاق” استقالته من منصبه. وهو لواء متقاعد من الجيش، من أشد المقربيين لـ”بوتفليقة”.

ذكرت وسائل إعلام جزائرية أن مدير جهاز المخابرات “طرطاق” غادر منصبه، وسط تضارب الأنباء بشأن استقالته أم إقالته، في وقت توافد فيه متظاهرون إلى ساحات العاصمة الجزائرية وولايات أخرى للمشاركة في مظاهرات الجمعة الأولى بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وتضاربت المعلومات حول وقت استقالته، قالت صحيفة الخبر إن “طرطاق” المعروف باسم “البشير طرطاق”، قد قدم استقالته من رئاسة المخابرات الجزائرية قبل ساعات من استقالة الرئيس بوتفليقة يوم الثلاثاء الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن خبر إقالة طرطاق انتشر كالنار في الهشيم، غير أن الحقيقة هي أنه قدم استقالته يوم الثلاثاء قبل استقالة الرئيس، لأنه بعد انسحاب بوتفليقة لا يمكن لأي جهة إقالة مدير المخابرات.

وكان”طرطاق” عين في هذا المنصب سنة 2015 بعد إعادة هيكلة المخابرات الجزائرية عقب إقالة الفريق “محمد مدين”.

وحسب وكالة الأناضول، ردد المتظاهرون هتافات مثل “نريد رحيل العصابة” و”ترحل العصابة نولو لاباس (نصبح بخير)” في إشارة إلى المحيط الرئاسي ومجموعة من رجال الأعمال.

وظهرت لأول مرة لا فتات تحمل صور رجال أعمال مقربين من الرئاسة مثل “علي حداد” الذي اودع الحبس أمس على ذمة تحقيقات في الفساد، إلى جانب رجال أعمال آخرين نالوا نصيبهم من غضب الجماهير خلال المظاهرات.

 

ورفعت لافتة بوسط العاصمة عليها صور رموز نظام الرئيس “بوتفليقة” مكتوب عليها “قمامة غير قابلة للرسكلة”، واخرى تطالب بمحاسبة مقربين من النظام تحت شعار “تحاسبوا يعني تحاسبوا” و”قلنا ترحلوا يعني ترحلو” و”نحن شعب لا يستسلم ينتصر أو يموت”.